هو قيمة كبرى تعنى نجاحنا فى ممارسة التعددية وقبول الآخر والتخلص من المعادلات الصفرية فى الفكر أو السياسة أو الاقتصاد، نحن مجتمع متنوع، بمسيحييه ومسلميه وبنسائه ورجاله وبشرائح اجتماعية مختلفة وبأنصار مبادئ ومذاهب متباينة، علينا الاعتراف بتعددية مصر وإدراك أن إلغاء الآخر وهم والعمل على إلغائه كارثة وتحويل التدافع المجتمعى إلى معادلة صفرية بها ليس بها إلا طرف فائز وطرف خاسر دون مساحات وسطية معناها أزمات مستمرة لا تحل.
دعونا ندرك أن تدافعنا فى السياسة وتناقضاتنا -بين ثورى ورافض للثورة، بين باحث عن الديمقراطية وراغب فى الأمن والاستقرار، بين إسلامى وليبرالى، بين نخب جديدة ونخب قديمة- تستدعى أن تدار دون إلغاء أو إقصاء للآخر طالما التزمنا جميعا بالقانون، أسقط الشعب المصرى النظام السابق ويتعرض مسار بناء نظام ديمقراطى لعقبات بالغة، والبعض يسعى لإعادة إنتاج القديم وتجديد دمائه والبعض الآخر يريد الاستئثار بالسلطة، والسبيل الوحيد لحسم التدافع والتناقضات هو الاحتكام إلى الآليات والإجراءات الديمقراطية طالما اتسمت بالنزاهة وظلت الشكوك المحيطة بها غير مؤثرة فى جوهرها، لا نملك إلغاء الآخر ولا يصح أن يؤخذ المجتمع رهينة لرغبة البعض فى إلغاء المختلفين معهم مهما كان «الختم» المستخدم فى التبرير، السياسة الرديئة هى سياسة يتصارع بها حملة الأختام (ديمقراطى، مدنى، ثورى، إسلامى).
دعونا ندرك أن تدافعنا فى الاقتصاد لا يمكن أن يتحول إلى معادلة صفرية بين أغنياء وفقراء ومجال لممارسة الاحتكار من جهة وتغييب الحد الأدنى من الحياة الكريمة من جهة أخرى، فقد كان هذا الخطأ الجوهرى الذى وقع به نظام الاستبداد السابق، بجانب قمعه وانتهاكاته المستمرة لحقوق الإنسان، وأن تدافعنا فى الفكر والاجتماع والعلم يقتضى الإدارة التنافسية دون إلغاء أو معادلات صفرية، وأن التدافع بهذا يتحول إلى طاقة إيجابية للمجتمع وبوابة للتقدم.
دعونا ندرك أن التدافع بين المصريات والمصريين سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وفكريا لا ينبغى له بأى حال من الأحوال أن ينقلب إلى تدافع أو إلغاء على أساس الانتماء الدينى أو النوع، نحن متنوعون داخل دوائر الانتماء الدينى والنوع وأن قبول تنوعنا ينطلق من احترام انتماءاتنا الدينية المختلفة وكوننا مجتمعاً من النساء والرجال.
فقط بهذا تقترب مصر من قيمة وممارسة العيش المشترك.