إن أراد رئيس الجمهورية وأحزاب الإسلام السياسى الملتفة حوله وجموع السائرين فى الركب ونخبة «جاهز دوما للتعيين» الانفتاح بجدية على التيارات الوطنية التى تعارض الدستور فى حوار وطنى، فعليهم جميعا التدبر فى العناصر التالية:
1 - لا يعنى إقرار دستور معيب فى استفتاء لم يشارك به سوى ثلث الهيئة الناخبة وبنسبة رفض مرتفعة تجاوزت ثلث الأصوات رفع الرايات البيضاء والاستسلام لدستور يعصف بالحقوق والحريإت. على النقيض من ذلك تماما ومع كامل الاحترام للمواطنات وللمواطنين الذين صبت أصواتهم فى الاستفتاء بإرادة حرة ودون تزييف أو انتهاك أو تجاوز فى خانة نعم، ستستمر المقاومة الشعبية والسياسية لإسقاط الدستور.
2 - الحديث المتواتر عن وثيقة «تعديلات دستورية»، تتوافق عليها الأحزاب والتيارات السياسية ويلتزم رئيس الجمهورية بعرضها على مجلس النواب الجديد بعد انتخابه، يندرج تحت يافطة «الحلول الجزئية» ولن يشجع الأطراف الرافضة للدستور على الشروع فى حوار وطنى إلا حال توافر شرطين. الشرط الأول هو تشكيل لجنة قانونية محايدة للنظر فى كافة مواد الدستور وتقديم اقتراح متكامل بتغيير أو تعديل أو إبقاء يطال هذه المواد. الشرط الثانى هو التزام الأحزاب والتيارات المختلفة باعتماد اقتراح اللجنة القانونية كاملا ودون مساومات فى البرلمان الجديد ودفعه لاستفتاء شعبى سريع، على أن يمهر رئيس الجمهورية هذا الالتزام بضمانات مقدمة منه بحكم منصبه.
3 - يظل مجلس الشورى، الذى أضيفت إليه «نخبة جاهز دوما للتعيين»، مطعونا فى شرعيته. فرئيس الجمهورية حصنه بمقتضى إعلان 21 نوفمبر 2012 الباطل والباطلة آثاره، والمحكمة الدستورية العليا التى تنظر فى الطعن على دستورية المجلس يحال بالقوة بين أعضائها وعقد جلسات المحكمة ومن ثم تعطل أحكامها التى قد تقضى بعدم دستوريته وحله. الشورى هذا المطعون فى شرعيته حصنه الدستور المعيب تحصينا إضافيا ولمدة سنة كاملة وأوكل له مهمة التشريع، ليعمق من حالة اللاشرعية التى تعانيها مؤسسات الدولة. المخرج السياسى الوحيد هنا، وانطلاقا من قناعة مؤداها أن إبعاد التشريع عن رئيس الجمهورية ضرورى، هو توافق بين كافة الأحزاب وإلتيارات السياسية على اقتصار عمل مجلس الشورى التشريعى على القوانين المنظمة للانتخابات البرلمانية القادمة وحتمية انتخاب مجلس شورى جديد بعد انتخاب مجلس النواب مباشرة.
4 - الابتعاد عن الانفرادية الرئاسية وعن حوارات التحايل (مع السائرين فى الركب ونخبة التعيين فقط) هما شرطان أساسيان لإنجاح الحوار الوطنى. لا انفرادية بشأن تشكيل اللجنة القانونية المحايدة لتغيير الدستور، ولا انفرادية بشأن قانون الانتخابات البرلمانية. لا تحايل فى الحوار بإعطاء أوزان نسبية مرتفعة لأطراف معلوم سلفا تأييدها للرئيس وجماعته وحزبها، لا تحايل بجلسات حوار بلا سقف زمنى محدد. فالانفرادية الرئاسية والتحايل فى حوارات «مرسى يحاور مرسى» أفسدتا الكثير من الأمور خلال الفترة الماضية.
هذه عناصر مبادرة جادة للحوار الوطنى، هذا إن أرادوه بالفعل ولم يكن الهدف مجرد الضغط على المعارضة الوطنية وتشويهها.