المتراجع.. تراجع عن 6 قرارات خلال 6 شهور والدم سال على «أبواب القصر»
قانون يصدر بالليل، ثم يُلغى مع الساعات الأولى للصباح، وقرار يُتخذ خلسة، ويُلغى بعد صدوره بساعات، وإعلان دستورى يُفرض قسراً على المصريين، ثم يثورون ضده، فيُلغى شكلياً، ويصدر إعلان جديد، ودستور يتعهد الرئيس أنه لن يُطرح للاستفتاء إلا بعد توافق وطنى كامل عليه، فيقرر الرئيس منفرداً طرحه للاستفتاء فور تسلمه من الجمعية التأسيسية، وإذا عدنا بالذاكرة إلى الوراء قليلاً سنجد الرئيس الذى يحفظ كتاب الله، قد تخلى عن وعوده التى التزم بها أمام القوى الوطنية فى فندق «فيرمونت» قبيل الانتخابات الرئاسية، فضلاً عن تعهده بألا يُقصف قلم أو يسيل دم، فكُسرت أقلام وصودرت صحف وأغلقت فضائيات وسال الدم على أبواب القصر.
من أجل هذا وغيره، تشكلت صورة «الرئيس المتراجع» فى أذهان كثير من المصريين، وشاعت لديهم فى الشهور الأولى لحكم الرئيس محمد مرسى قناعات بأنه ليس رئيساً لكل المصريين، ويُفرق بينهم ولا يجمعهم، وليس أميناً على دماء الملايين من أبناء الوطن، فعلى مدى نصف عام، هو عمر حكم الرئيس مرسى، حتى اليوم، شهدنا تراجعه عن 6 قرارات هامة. أول مشاهد تراجع «مرسى» عن قراره، كان بعد ساعات من إعلان المستشار فاروق سلطان، الرئيس السابق للمحكمة الدستورية العليا، تنصيب الدكتور محمد مرسى رئيساً لمصر، بعد فوزه بجولة الإعادة ضد الفريق أحمد شفيق، حيث أعلن آنذاك رفضه القاطع لحلف اليمين الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا، مؤكداً تمسكه بالتوجه لمجلس الشعب -المنحل آنذاك- لأداء اليمين الدستورية. وما هى إلا ساعات ليُسجل الرئيس مرسى تراجعه الأول بتوجهه إلى المحكمة الدستورية العليا، مطالباً إياها بإمداده بالشرعية، قبل أن يَكفر بأحكامها، ويقرر دعوة مجلس الشعب المنحل للانعقاد، لتثور ضده جموع المدافعين عن الشرعية، معتبرين القرار تعدياً على أحكام القضاء، مطالبين الرئيس بالعودة لصوابه، قبل أن يتراجع عن قراره ويؤكد احترامه لأحكام القضاء وإجلاله لممثليها. «لن أستخدم السلطة التشريعية إلا فى أضيق الحدود»، هذا ما تعهد به «مرسى» مراراً وتكراراً عقب إلغاء الإعلان الدستورى المكمل الصادر من المجلس العسكرى فى الساعات الأخيرة للمرحلة الانتقالية التى امتدت على مدار عام ونصف؛ لكن يبدو أن «مرسى» آثر السير على درب الماضى، والضرب بالوعود عرض الحائط، والخروج على قرارات سبق أن اتخذها بنفسه. فى أكتوبر من العام السابق، أصدر «مرسى» قراراً بتعيين المستشار عبدالمجيد محمود، النائب العام السابق، سفيراً لمصر فى دولة الفاتيكان، مستخدماً سلطاته التشريعية التى منحها لنفسه بموجب الإعلان الدستورى الصادر فى 12 أغسطس من العام نفسه. كالعادة، أثار قرار الرئيس الجدل، وصاحبه اعتراض من قبل المستشار عبدالمجيد محمود، جعل الرئيس أمام أحد خيارين، إما التمسك بالقرار وإعلان الحرب على القضاء، خاصة بعد إعلان نادى القضاة تضامنه مع «محمود»، وإما العدول مرة أخرى عن القرار، سعياً لاحتواء الأزمة قبل تفاقمها، فيقرر مرة أخرى التنازل متهماً بشكل غير مباشر، عدداً من المقربين منه، بالتسبب فى الأزمة.
فى 21 نوفمبر من العام السابق، أعلن «مرسى» على لسان متحدثه الرسمى أحد أكثر القرارات الملتبسة التى فجرت أزمة كبيرة، وهى قرارات «الإعلان الدستورى».
الدكتور جمال سلامة، رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، علق على حالة التخبط التى صاحبت أغلب القرارات الرئاسية فى عهد «مرسى» مؤكداً أن هناك «عشوائية» فى اتخاذ القرارات، مضيفاً: «أعتقد أن أغلب القرارات الرئاسية لم تُدرس بالقدر الكافى، لذلك تم التراجع عن العديد منها، فى حين أن بعضها جاء بإيعاز من جهات أخرى، ذات تأثير على مؤسسة الرئاسة».
الأخبار المتعلقة:
فى السينما.. «كلمتى لا ممكن تنزل الأرض أبداً تنزل المرة دى.. إنما المرة الجاية...»
مسيرة «المراوغة».. من «فيرمونت» إلى «الدستور»
د.يسرى عبدالمحسن يحلل: ارتباك «الرئيس» سيد الموقف