فى السينما.. «كلمتى لا ممكن تنزل الأرض أبداً تنزل المرة دى.. إنما المرة الجاية...»
لأنه شرقى الأصل وأصيل المنبع، فإن كلمته كـ«السيف» وقراراته قاطعة، وأفعاله رادعة، قصير القامة، جسده سمين، ولهجته لا تتغير، وفطرته لا تتأثر بالعوامل الخارجية وحتى الداخلية، على الرغم من مكانته المجتمعية، فهو «شيخ» الصيادين، سيرته الذاتية العطرة عرّفتنا به قبل حديثه: «أنا الريس حنفى أنعم وأكرم»، ليرد عليه «ابن حميدو» إسماعيل ياسين: «أنعم وأكرم ده اسم والدك؟»، وتظهر «عزيزة»، الابنة الصغرى لـ«الريس حنفى» التى يحبها، ويفخر بها أمام أولاد كاره؛ فهى البنت الشقية التى كلما وقعت عليها عين أحد وقع فى غرامها، يتمنون رضاها، ويرغبون فى البقاء معها أبد الدهر، الوجه الجميل الذى ينضح بالحنان والحضن الدافئ لغريب البلدة (أحمد رمزى).
بسبب «بؤجة» أسماك نشبت المشاجرة بين عائلة الريس «حنفى»، صاحب الكلمة القاطعة ظاهرياً، والغريبَين على بلدتهم اللذين كانا يبحثان عن مركب يوصلهما لبر الأمان، تكون بمثابة مشروع لهما منها يسترزقان ومن خلالها يوطدان العلاقة بـ«شيخ الصيادين» الذى اقترح عليهما شراء مشروعه الوحيد الذى يمتلكه «النورماندى»، ذلك القارب الخشبى الذى اعتقد الغريبان فى البداية أنه سينهض بهما، دفعا «العربون» وقرأوا الفاتحة، وبدأوا المسيرة يداً فى يد، فـ«الريس حنفى» هو الآمر والناهى، متناسيين أن وراءه «جماعته» التى كانت متمثلة فى «أم حميدة» التى وقت أن يتحدث زوجها تناكفه وتشاكسه. حاول «الشيخ» كثيراً السيطرة على المشاجرة والمشادة التى نشبت بين بنتيه والضيفين الغريبين (أحمد رمزى وإسماعيل ياسين) مخاطباً ابنته «عزيزة» بالتزام الأدب: «ما ينفعشى واحدة تشتم راجل»، لتتدخل «أم حميدة» فى الحوار: «يعنى إيه؟ أنا ما ينفعشى أشتمك؟»، يستجمع الرجل العجوز شكيمته ورجولته وعنفوانه ويرد عليها فى غضب: «وشرف أبوكى لو فتحتى بُقك بكلمة لأقطم رقبتك، إنتى عارفة إن كلمتى مش ممكن تنزل الأرض أبداً»، لترد عليه «جماعته» بكلمة واحدة تُرجف أركانه وتهز كيانه: «حنفى»، ليرضح زوجها كالحمل الوديع: «خلاص.. هتنزل المرة دى».. حتى «فلوس» السمك الذى نشب بسببه الخلاف اقتنصتها «جماعة» الريس حنفى بإيديها ولم تترك مليماً واحداً لزوجها.
ما بين «نورماندى الحرب العالمية الثانية» ومشروع «نورماندى الريس حنفى» تعددت المعارك والنتيجة واحدة، وضع «حسن وابن حميدو» ثقتهما وأموالهما فى جعبة «الريس حنفى» الذى غطى على الخبر «ماجور» ولم يحاول حتى أن يشرح لهما مواصفات «النورماندى» أو حتى إمكاناتها.
«صوان» كبير بدا من الخارج أنه احتفال ببيع مشروع «شيخ الصيادين» ورغم امتلاكه القارب العريق، فإنه حُرم من الخطابة فى جمع الناس، وألقت جماعته «أم حميدة» خطبة عصماء: «أيها الصياديون.. يسعدنى بصفتى مدام حنفى شيخ الصيادين أن أسلم قيادة الباخرة نورماندى تو إلى أصحابها الجدد: حسن أفندى وابن حميدو أفندى».. الأيادى ترتفع وتحلق عالياً والجماهير تنتفض بسبب الكلمات الحماسية لـ«أم حميدة» هاتفين: «يعيش البحر الأحمر المتوسط»، ثم يجذب «الريس حنفى» أطراف الحديث إلى الجماهير: «والآن أيها (الإخوان) المجتمعين فى هذا الصوان، من سالف العصر والأوان، أسلم حسن أفندى القبطان وابن حميدو أفندى القرصان المفتاح الذهبى للباخرة العظيمة نورماندى تو».. «بسم الله مجراك ومرساكى» تقولها «أم حميدة» ضاربة دفة «الباخرة» الوهمية لتغرق على أنغام الناى الحزينة.
ثمة متراجع آخر رصدته السينما المصرية فى واحد من أشهر الإفيهات، حينما رقص عصفور (الممثل حسن أتلة) لإسماعيل ياسين فى فيلمه «إسماعيل ياسين فى مستشفى المجانين» على أغنية «أنا عندى شعرة.. ساعة تروح وساعة تيجى» ليبدو المشهد حاضراً فى أذهان الجميع؛ فالشعرة تروح وتأتى فى اليوم الواحد عشرات المرات.
الأخبار المتعلقة:
المتراجع.. تراجع عن 6 قرارات خلال 6 شهور والدم سال على «أبواب القصر»
مسيرة «المراوغة».. من «فيرمونت» إلى «الدستور»
د.يسرى عبدالمحسن يحلل: ارتباك «الرئيس» سيد الموقف