اليوم هو يوم مصر الأول بلا طوارئ منذ ١٩٨١، فقد انتهت حالة الطوارئ بالأمس. وواجب مجلس الشعب إن أعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة مجددا حالة الطوارئ ألا يوافق عليها.
نعم، نحتاج فى الفترة الراهنة، وبسبب ضعف أداء الأجهزة الشرطية ومع اقتراب أحداث سياسية قد يكون لها تداعيات خطيرة كإعلان الحكم على مبارك (والمقرر له الغد إن لم يؤجل) وجولة الإعادة للانتخابات الرئاسية، لوجود القوات المسلحة خارج ثكناتها لتأمين البلاد والممتلكات العامة والخاصة. ولا شك لدىّ فى أن الأيام القادمة ستستدعى وجود الجيش للمساعدة فى التأمين، وفيما يخص جولة الإعادة الرئاسية لتوفير الحماية المطلوبة للناخب وللقاضى وللمراقب المحلى والدولى وللإعلام. وواقع الأمر أن الجيش أجاد فى تنفيذ مهمة تأمين الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية تماماً كما أجاد فى الانتخابات التشريعية، وبالقطع نرغب جميعا فى رؤية ذات الإجادة يومى ١٦ و١٧ يونيو القادمين.
إلا أن قيام القوات المسلحة بدورها فى التأمين والحماية لا يحتاج لتمديد العمل بحالة الطوارئ بإعلانها من جديد، كما يطالب البعض، وهم إما من المتخوفين من غياب الجيش فى هذه الفترة الصعبة أو من عشاق السلطوية المصرية بمضامينها التقليدية. فالمادة ٥٣ من الإعلان الدستورى تنص فى جملتها الأولى على أن «القوات المسلحة ملك للشعب، مهمتها حماية البلاد وسلامة أراضيها وأمنها»، وفى جملتها الثالثة على أن «الدفاع عن الوطن وأرضه واجب مقدس». ويعنى هذا أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وباعتباره صاحب الاختصاصات الرئاسية إلى حين تنقل السلطة فى ٣٠ يونيو، يستطيع أن يأمر الجيش بالبقاء خارج ثكناته وتأمين الممتلكات والمقار الانتخابية استنادا إلى كون الدفاع عن الوطن وحماية البلاد وضمان سلامة أراضيها وأمنها واجبات الجيش المقدسة.
كذلك، ولمن يدفع من بين القانونيين باستعجال بضرورة أن يعلن مجلس الشعب بنفسه تمديد العمل بحالة الطوارئ، يتعين قراءة نص المادة ٥٩ من الإعلان الدستورى والتى تقصر صلاحية إعلان حالة الطوارئ على رئيس الجمهورية وتلزمه بعرضها على مجلس الشعب لكى يوافق عليها وبعرضها على الشعب فى استفتاء إن امتدت بعد إعلانها لفترة أطول من ٦ أشهر. صلاحية الإعلان هى إذن لمن له اختصاصات رئيس الجمهورية، أى للمجلس العسكرى، وحق الموافقة أو الرفض هو لمجلس الشعب. أتمنى أن لا يعلن العسكرى الطوارئ بعد انقضائها، وأثق أن مجلس الشعب سيرفض وبأغلبية واضحة الموافقة إن أُعلنت الطوارئ. فالمادة ٥٣ من الإعلان الدستورى تكفى وتزيد لضمان استمرار الجيش فى تأمين البلاد إلى أن يشتد ساعد الشرطة وتستقر الأوضاع السياسية.