يجب ألا تكون لدينا عقد نفسية أو عقد سياسية تجاه أى قوى سياسية فى المنطقة.
المقياس الوحيد الذى يجب أن يحكم علاقتنا بأى دولة أو حزب أو تيار هو قابلية الآخر لتعظيم المصلحة الوطنية لمصر وشعبها.
من هنا أستغرب التشكيك فى الدعم المادى القطرى للاقتصاد المصرى.
البعض يؤمن إيماناً راسخاً أن الدعم يهدف إلى السيطرة على مصر ومقدراتها وهو فى يقينى أمر مردود عليه بالأرقام.
إن مصر بحاجة إلى 270 مليار جنيه على الأقل لتحقيق خطة استثمارات حقيقية فى البلاد.
هذا الرقم تتقاسمه الدولة والقطاع الخاص، إذن مصر بحاجة إلى 40 مليار دولار أمريكى لتلبية الاحتياجات المصرية، وهذا الرقم يضاعف المليارات الخمسة التى وعدت قطر بتقديمها.
إن حجم الأزمة الاقتصادية المصرية أكبر من قدرة أى دولة فى المنطقة أو فى العالم على تغطيتها مالياً.
إن محاولة السيطرة المالية على مصر تصبح عبثاً وليس ميزة لصاحبها!
إنى أؤمن أن من يعطى بلادى دولاراً من أجل الاستثمار أو يدعم اقتصادنا بمشروع أو من يساعد على توفير فرصة عمل جديدة هو صديق يستحق أن أقدره ولا أعيش فى ظل مخاوف وعقد نفسية مترسبة منذ أمد بعيد فى حياتنا.
إن الثقافة المصرية المعاصرة دائماً تشكك فى أى طرف يمتلك المال سواء كان هذا الطرف رأسمالياً مصرياً أو شقيقاً عربياً أو مؤسسة دولية عالمية.
الأمريكان يساعدوننا من أجل السيطرة، والخليج العربى يريد السيطرة، والأتراك يريدون السيطرة، هذا هو المنطق المخيف الذى حكم على عقولنا لعقود طويلة.
علينا أن نتحرر من عقدة الخوف المسبق من السيطرة لأنه بنفس المنطق التآمرى من الممكن أن يقول لك الطرف الآخر إن مصر تريد استغلالنا وسرقة مواردنا!
العنصر الأساسى الذى يجب أن يحكم رؤيتنا هو منطق المصلحة المشتركة.
إن الاقتصاد العالمى ليس جمعية خيرية وكل برنامج استثمارى أو مساعدة مالية لها أهدافها التى تخدم أصحابها.
ليس عيباً أن تكون لهم مصالحهم شريطة ألا يكون فيها مساس باستغلال قرارنا وشريطة أن يكون لدينا وعى بحقيقة مصالحهم.
دعونا نتعامل مع الآخر بمنطق الثقة فى النفس وبمنطق السعى إلى جلب المنافع طالما كانت مشروعة.
نحن بحاجة إلى علاج نفسى عميق!