هنا وكالة أنباء الأناضول.. «صوت مصر»
بصورة لافتة، تعاظم دور وكالة أنباء «الأناضول» التركية فى مصر مؤخراً، لدرجة جعلتها فى كثير من الأحيان المصدر الرئيسى للأخبار السياسية والاقتصادية بل وحتى المخابراتية، وبدا ذلك واضحاً من تصريحات صلاح عبدالمقصود وزير الإعلام أثناء افتتاح المكتب الإقليمى للوكالة، عندما أكد أن الوكالة التركية ستكون «صوت مصر»، وهو ما أرجعه خبراء الإعلام إلى قرب الوكالة الوليدة من النظام الحاكم، فى ظل تعاظم العلاقات الاقتصادية والسياسية بين جماعة الإخوان والنظام الحاكم فى تركيا.
قال الدكتور صفوت العالم، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، إن «تعاظم دور وكالة الأناضول لا يتناسب مع الوزن النسبى لتركيا فى منظومة الإعلام الدولى، وعلى رأسها رويتر والأسوشيتد برس أو الروسية، وربما يرجع ذلك لعدة عوامل، منها أن حالة التقارب الفكرى بين النظام السياسى المصرى والتركى إلى جانب وجود علاقات قوية بين عدد من السياسيين الأتراك ونظرائهم فى مصر».[Image_2]
وانتقد «العالم» الطريقة التى تم بها إقصاء وكالة أنباء الشرق الأوسط -التى تعتبر الوكالة المصرية الرسمية- من الصورة من قبل النظام الحاكم، بمدها بأخبار مغلوطة جملة وتفصيلا، ليخرج المسئولون لتكذيبها، فى تكتيك مكشوف لتوريط الوكالة الرسمية وتهميشها، وهو ما كان سببا فى تراجع دور الوكالة الرسمية لصالح وكالة الأناضول التركية، التى تحولت إلى الوكالة الرسمية للدولة، وهو ما ظهر جليا خلال تصريحات وزير الإعلام التى فاجأ بها الجميع، خلال افتتاح المكتب الإقليمى لوكالة الأناضول فى مصر، مؤكداً أن وكالة الأناضول ستصبح صوت مصر، وصدق فى ما قال لأننا ما لبثنا أن وجدنا الأناضول تنفرد بأخبار مخابراتية وسيادية كانت سبباً فى إقالة رئيس المخابرات، إبان العدوان على الجنود المصريين فى سيناء.
وتابع: «النظام السياسى لا ينظر لمصالح الشعب ولا للرأى العام، وكل ما يهمه هو التقرب من وسيلة إعلامية تتفق مع ميوله وأهدافه وأفكاره، بصرف النظر عن انتماء تلك الوسائل، وهو ما يعكس طريقة تفكير النخبة الحاكمة التى طالما رددت أن الإعلام المصرى سيكون إعلام الشعب، ليتكشف أن الإعلام أصبح إعلام الجماعة».
وقال الخبير الإعلامى ياسر عبدالعزيز: «لا يمكن أن نرجع تميز وكالة أنباء الأناضول لكفاءة مهنية أكثر من قربها من مراكز صنع القرار المصرى، وهو ما يظهر فى أن انفراداتها الحصرية والصادقة تخص الإخوان المسلمين وممثليهم فى مواقع الحكم المختلفة، دون غيرها من الأخبار عن التيارات المختلفة».
وتابع: «من الطبيعى حينما تنشأ علاقات سياسية قوية لبعض الدول دوليا وإقليميا، فإن تلك الدول تطور أذرعاً إعلامية لمساعدتها فى إنجاز دورها، وهو ما ينطبق على تركيا التى أصبح لها دور واضح فى السياسة المصرية عبر التحالف الثلاثى الذى يضم مصر وقطر وتركيا تحت حكم الإخوان، فى إطار المظلة والرؤية الأمريكية للمنطقة بعد ثورات التغيير فى العالم العربى».
وأشار «عبدالعزيز» إلى أن ذلك يتزامن مع تجاهل للوكالة الرسمية بعدم تغذيتها بالأخبار اللازمة، مع الوضع فى الاعتبار أنها لا تمتلك علاقات وثيقة بالجسم الإخوانى.
من جانبه، تساءل جمال فهمى، عضو مجلس نقابة الصحفيين: «لماذا لم نسمع عن تلك الوكالة المجهولة -حسب وصفه- قبل وصول الإخوان للحكم؟»، مشيراً إلى أن الإجابة تكمن فى أن نفوذ الأناضول تزايد، لأنها الوحيدة القادرة على تنفيذ المشروع الإخوانى، الذى تم استيراده من تركيا لتحويل مصر إلى ولاية عثمانية جديدة.
واعتبر «فهمى» أن ما يحدث هو تهميش للدولة المصرية، لتنفيذ المخطط الأممى الإخوانى، موضحاً أن رأس الدولة يدين بالولاء لأهله وعشيرته، وكان من الطبيعى أن تكون الذراع الإعلامية له الجزيرة مباشر القطرية ووكالة الأناضول التركية، وهما الدولتان صاحبتا اليد الطولى فى مصر مؤخرا، وسيكون من الطبيعى أن يتم إلغاء الوكالة الرسمية فى القريب العاجل فى ظل حكم الإخوان.