«أشرف» يحدثكم رغم الألم: كنت بلعب بالفلوس لعب!
كان يعمل فى دول الخليج كمدير للتخطيط والمتابعة للمشاريع التابعة لشركة «الخرافى» العالمية، من السعودية مروراً بـ«لبنان» وأخيراًً إلى مصر استقر، وبحوزته «رأس مال» ليس بقليل، «شقا عمرى كله» يقولها الرجل صاحب الخمسين عاماً أشرف خيرى، قسّم ما يملك من أموال، اشترى قطعة أرض هنا، وفيلا هناك، أما ما تبقى معه، فحاول أن يحصل على توكيل أسمنت عالمى أو مشروع استثمارى، لكن فساد النظام السابق كان حائلاً أمام تحقيق أى من أحلامه: «أى حاجة يقولوا لى ادفع فلوس من تحت الترابيزة، وأنا كنت رافض لمبدأ الرشاوى فى حياتى».. لم يستسلم للأمر الواقع، وتذكر أن بجعبته عدداً غير قليل من الأسهم التى يملكها داخل الشركة القابضة للخرافى، وداخل إحدى شركات السمسرة بدأت الحكاية.. كان ذلك عام 2006.
البورصة وقتها كانت فى قمة ازدهارها.. لا أحد يخسر.. أو هكذا خُيل لـ«خيرى»، وعندما ذهب إلى إحدى شركات السمسرة لبيع أسهمه: «لقيتهم فرحانين وبيطبلوا ويزغردوا لأنى معايا الأسهم دى.. وأقنعونى وقتها إنى لازم أشترى وأضارب بيهم أحسن من بيعهم»، الدنيا بالنسبة له كانت «وردى»، والضحكات والابتسامات تُسيطر على المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال المُضاربين، واقتنع وقتها أن «الاستثمار فى البورصة.. أحسن شىء»، يتذكر ذلك اليوم 30 يناير من عام 2006.
لم يدرس خريج كلية التجارة، المجال الذى أقحم نفسه فيه، الأسهم ترفع من أثمانها ومعها قلب «خيرى» يطير ويُغرد عالياً، اشترى أسهماً فى شركة «هيرميس» التى كانت مملوكة لـ«جمال مبارك»: «السهم وقتها كان بـ 190 جنيهاً»، كان يشعر بالانتشاء «فى أى ثانية ممكن تبيع أسهمك وتاخد فلوسك تانى يوم»، حتى حدث ما حدث يوم 15 فبراير من العام نفسه «كل اللى اشتريتهم نزلت أسعارهم بشكل غير طبيعى».
خلال عامين، قام أشرف خيرى بشراء أسهم أخرى، لضخ الأموال إلى ما يملك، لكن وقتما يحقق جزءًا صغيراً من المكاسب «ياخدها الغراب ويطير»، هكذا يصف ما يجنى: «المشكلة إن الحاجة اللى كانت بـ 20 جنيه نزلت وبقت بـ10 جنيه»، وجاءت الأزمة التى أكسدت العالم، الأزمة المالية العالمية «ضربة قصمت ضهرى لأنهم منعوا شركات من التداول.. ده غير إنها قضت على كل مكاسبى».
بدأت الكَرّة من جديد، فى محاولة لتعويض الخسائر، الأب لـ«ابن» فى الثانوية العامة، و«بنت» فى المرحلة الإعدادية، قرر هذه المرة دراسة المجال، ربما ذلك يُمكنه من جنى الأرباح التى سمع عنها من الآخرين ولم يحقق شيئاً منها، اللهم سوى القليل، تارة يجنى بعض الأرباح، التى تجعله يطمع فى الاستمرار من أجل استرداد رأس ماله بالكامل: «ساعات سهم باشتريه بـ 5 جنيه.. بيرتفع لـ 20 جنيه»، لكن كثيراً ما لا يسير الأمر وفق ما يُخطط: «المشكلة إن رجلى جت ومش عارف أخرج من الموضوع.. أصله عبارة عن إدمان.. ده غير إنى معنديش وسيلة تانية أعوض خسايرى بيها غير منها».
«قولون عصبى.. ضغط.. أعصاب منهارة».. هذا ما جناه «خيرى» من البورصة، رأس ماله قارب على النفاد، ولم يجد أمامه سوى «الأرض والفيلا» اللتين كان يملكهما، قام ببيعهما بثمن بخس دراهم معدودة، حتى يُكمل مضاربته فى البورصة، ومن وقتها وحتى الآن، ما زال مشروعه الوحيد هو تلك الأسهم، التى أفلسته ما يملك: «أنا مُفلس وندمان على اللى أنا عملته... لكن زى ما قلت لك الموضوع إدمان»، مؤكداً أن سبب خسارة أغلب المستثمرين هو وجود آخرين يدفعون الرشاوى والعمولات من أجل جنى الأرباح، ويُضيف بقوله: «فيه واحد إخوانى كبير اسمه محمد متولى وغيره كتير من الجماعة بيستغلوا البورصة وهما بس اللى بيستفيدوا منها»، مشيراًً إلى أن الدستور الجديد الذى تم إقراره: «مجبش سيرة حماية المستثمرين أو البورصة بشىء يُذكر».
المليونير سابقاً، كان يلعب بالفلوس لعب، أزمة مالية أطاحت به، وقوة أفلسته هو وآخرين، ومستثمرون يهيمنون على المؤشرات، ودستور لا يحميهم من براثن الجماعة، البورصة هى مرآة الاقتصاد، كلما زاد عدد الشركات المُضاربة يعنى ذلك انتعاش الاقتصاد.. بعد أكثر من 5 أعوام من المضاربة وحرق الدم، يقول «أشرف خيرى»: «البورصة كانت لعبة جيمى وأصحابه.. ودلوقتى بقت لعبة مرسى وجماعته»، يؤكد أنها عملية «نصب» متكاملة الأركان، لكن تغيب عنها الرقابة، ، حتى حكومة «هشام قنديل» لا تملك الرؤية لحل هذه المشاكل: «أنا كبلد مش عارف أحل مشاكل المستثمرين جواها.. يبقى إزاى أخلى مستثمر من الخارج يدخل السوق؟».
ذهب «أشرف» هو ورفقاؤه من المستثمرين المتضررين إلى الحزب الوطنى المنحل سابقاً، وإلى حزب الحرية والعدالة حالياً، لكنهم لم يجدوا أى اهتمام: «2 مليون واحد اتشردوا و10% من الشعب المصرى أفلس، بسبب هذا الكيان اللى محدش باصص له، اللى فى إيدينا نخليه مصباح علاء الدين لكن مفيش عقول تنمّيه».
يمكنك مشاهدة الملف التفاعلي "العيشة واللي عايشينها" على الرابط التالي:
http://www.elwatannews.com/hotfile/details/139
الأخبار المتعلقة:
«عزيز قوم ذل».. ربات بيوت «مكرمات» سابقاً.. انتقلن إلى «رصيف الإحسان»
الصناعات الصغيرة والمتوسطة: أهملها.. وتوكل
عمال مصنع سجاد: «بقينا نشترى التموين بالتقسيط».. بالتقسيط يا دكتور مرسى!
رئيس اتحاد «جمعيات التنمية الاقتصادية»: الصندوق الاجتماعى «فقد ظله»
أرجوك أعطنى هذا الدواء.. ادفع أولاً و«بعدين اتعالج»
«وكالة البلح»: الطبقة المتوسطة مرت من هنا
السياحة: شركات «مفلسة» وعمال «مشردون» وفنادق تسكنها «أشباح»
مأساة «مرشد سياحى»: بيوتنا اتخربت خلاص
صاحب إسطبل اضطر إلى قتل خيوله: «إحنا لاقيين ناكل؟!»
رئيس «الغرف السياحية»: العنف المتوقع فى «ذكرى الثورة» سيقضى على الأخضر واليابس
البورصة.. «فوائد» قوم عند قوم.. مصائب
عجز الموازنة يتربص بـ«ودائع البنوك»
الخبير الاقتصادى د. أحمد السيد النجار: تحويلات المصريين أنقذتنا من الإفلاس
«دولار» بقوة «659 قرشاً» يضرب سوق العقارات.. ويكبدها خسائر فادحة
مقاول بدأ رحلة نجاحه من «الصفر» قبل عشرين عاماً.. وعاد إليه فى «عهد مرسى»
«فتحى وبدر وجابر».. 3 بأجر واحد
«عبدالعزيز»: الحكومة توقفت عن طرح مشروعات جديدة
الأرض تنتظر «رصاصة الرحمة».. و35% من الفلاحين يبحثون عن مهنة أخرى
«القمح مش زى الدهب.. القمح زى الفلاحين.. عيدان نحيلة جدرها بياكل فى طين»
«الغرفة التجارية»: نستورد 60٪ من الغذاء وتدهور الجنيه يضرب «الأمن الغذائى» فى مقتل
صناعة الدواجن تتعرض لـ«الذبح» بـ50٪ انخفاضاً فى الإنتاج
د. على لطفى: «المركزى» طبع 22 مليار جنيه فى أول شهر بعد الثورة دون غطاء نقدى.. وأتحدى أن «يكذّبنى» أحد