كلامي المرّة دي يخص الستات أكتر، ولو إنّه ممكن يخبّط في بعض الرجالة، أيًا كنت حضرتك ست أو راجل، لو كنت حاسس إن العمر بيجري بيك، وإن السنين بتمر من بين إيديك، وإنّك لسّه تايه ومش عارف أنت مين، يبقى الكلام ده ليك.
ناس كتير- وأغلبهم من الستات- بيقضّوا عمرهم مركزين على علاقتهم بالآخرين، وعلى كسب ودّهم، ونيل رضاهم، من أول ما كنا صغيرين في مرحلة إثبات الطاعة وسماع الكلام عشان بابا وماما يكونوا مبسوطين بينا، مرورًا بمرحلة إثبات إننا شاطرين وبنفهم عشان المدرسين يرضوا عننا، ومرحلة إثبات «الروشنة» وخفِّة الدم عشان نعجب أصحابنا ويفضلوا قريبين مننا، وصولًا إلى مرحلة إثبات الحلاوة والجمال والأنوثة عشان نعجب العريس المنتظر، ومرحلة إثبات الأدب والأخلاق والصوت اللي مابيطلعش عشان نعجب طنط مامة العريس- اللي هي حماة المستقبل- وانتهاء بمرحلة إثبات التضحية والتفاني اللانهائي عشان نكون أمهات مثاليات ونعجب ولادنا وأجوازتنا والمجتمع من حوالينا.
مشوار طوييييل بنفقد فيه علاقتنا بأهم حد في الدنيا دي كلها اللي هو إحنا، فمعظم الستات بتنسى نفسها، وتنسى تدوّر أو حتى تفكر هي مين في زحمة الناس دي كلها، كتير مننا بيلبسوا أقنعة مزيّفة عشان نسعد الآخرين، وعشان نحوز على قبولهم وحبهم لينا، والنتيجة إن كتير مننا بيشعروا باكتئاب ووحدة وغربة فظيعة بعد ما تمر سنين العمر، وبعد ما كل الناس دي ينفضوا من حوالينا، وفجأة نلاقي نفسنا مش عارفين نعيش إزاي؟، نعمل إيه؟، نتصرّف إزاي؟، مش عارفين إحنا مين؟، بنحب إيه؟، عاوزين إيه؟، إيه اللي بيفرحنا؟، وإيه اللي بيعجبنا؟، وإيه اللي بيبسطنا؟. ببساطة مش عارفين إحنا مين؟.
عشان كده أيًا كان عمرك، وأيًا كان دورك في الحياة أرجوكي وقفي اللي بتعمليه شويّة وفكّري في نفسك، وابذلي شويّة جهد ووقت عشان تكتشفي ذاتك الحقيقية، وتعرفي الحاجات اللي نفسك تعمليها في حياتك، تعرفي أحلامك وأمنياتك وطموحاتك، تعرفي إنتِ مين؟، وجاية الدنيا دي تعملي إيه؟، إلحقي نفسك قبل فوات الأوان.