كشفت مصادر برلمانية -لجريدة «المصرى اليوم»- أن تهديد الدكتور على عبدالعال، رئيس مجلس النواب، لأعضاء المجلس، بإحالة من يتحدّث فى السياسة النقدية للدولة، إلى لجنة القيم، جاء بعد تلقيه خطاباً من البنك المركزى، شكا فيه من ظهور بعض النواب فى الفضائيات للتحدُّث عن أزمة الدولار، دون أى معلومات. وطالب البنك رئيس البرلمان بأن يتحرى النواب الدقة. وقال إنه على استعداد لمد النواب بما يحتاجون إليه من المعلومات، تفادياً لبث معلومات مغلوطة قد تؤثر على الاقتصاد المصرى.
يكشف لك هذا الخبر عن جملة من الحقائق. أولاها أن بعض النواب يفتون فى شأن الدولار بغير علم، ويُردّدون فى أحوال معلومات خاطئة، يخرجون منها باستخلاصات غير دقيقة، وهم فى ذلك ليسوا استثناءً، فهم يفعلون ما يفعله الكثير من المواطنين البسطاء و«الكبارات» عندما يُردّدون معلومات غير دقيقة يبنون عليها فتوى خاطئة، لكن من المهم أن نسأل -فى المقابل- هل حديث هؤلاء -بغير علم- عن موضوع الدولار هو السبب فى أزمة العملة الصعبة التى تعانى منها مصر؟. البنك المركزى يجيب عن هذا السؤال بالإيجاب، فيرى أن ما يتردد فى وسائل الإعلام على ألسنة النواب وغيرهم حول أزمة الدولار سبب مباشر فى استفحالها، وإلا لماذا أرسل هذا الخطاب؟.
بإمكانى أن أتفهم مسألة أن المعلومات غير الدقيقة تُكرّس أزمة الدولار، لكن الحديث عنها كسبب جوهرى من أسباب الأزمة أمر تعوزه الدقة، ودليلى على ذلك تصريحات سابقة تردّدت على ألسنة مسئولين من البنك المركزى نفسه تبشر بحل حاسم لمشكلة الدولار، ليصل سعره إلى 4 جنيهات، وكلام عن أن الاحتياطى الدولارى فى مصر سيصل مطلع شهر يونيو إلى 35 ملياراً، وفى ظنى أن هذه التصريحات لم تفلح فى حل المشكلة. مشكلة العملة الصعبة لها أسباب موضوعية تحاول الحكومة أن تتعامل معها، ولو لم تكن هذه الأسباب موجودة وأفتى المئات بكلام غير دقيق عن الدولار، فإن ذلك لن يُغيّر من سعره شيئاً.
مطلب الدكتور على عبدالعال من النواب بتحرى الدقة فى محله، فالكل مطالَب بالتدقيق فى المعلومات، لكن عليه ألا ينسى أن البنك المركزى أعرب عن استعداده لتزويد النواب بما يرغبون من معلومات، وهى مبادرة طيبة من المسئولين عنه، وواجب الأعضاء فى مثل هذه الأحوال أن يعودوا إلى البنك مباشرة، ويطلبوا المعلومات التى تنير لهم سُبل النقاش فى قضية الدولار، وإذا لم يفعل، فمن حق النائب فى هذه الحالة أن يرجع إلى رئيس المجلس ويطالبه باستدعاء المسئول عن حجب المعلومات، لسؤاله فى الأمر، وإذا لم يستجب البنك، فمن الضرورى أن يكون لرئيس مجلس النواب موقف حاسم من المسألة، يماثل درجة الحسم التى تعامل بها مع حديث البنك المركزى الذى يتهم بعض النواب بالفتوى بغير علم، حين هدّد بإحالة من يتحدّث منهم فى السياسة النقدية للبلاد إلى لجنة القيم. ثمة معادلة سهلة للغاية من الممكن أن توظف فى تحسين الأداء فى حياتنا بمجملها، أساسها «محاسبة كل متكلم على كلامه»، حتى يتعلم الحكمة التى تقول «أمسك عليك لسانك»!.