لمبات من النفايات.. قنابل فوق رؤوس المصريين
لمبات من النفايات قنابل فوق رؤوس المصريين
«الوطن» تكشف فى تحقيق استقصائى استغرق العمل فيه عاماً كاملاً: «الموفرة» المغشوشة تخرّب فى الشبكة الكهربية وقد تسبب الضعف الجنسى
- «الوطن» تخترق مصانع «بير السلم».. ورش تقوم بإعادة تدوير اللمبات من القمامة ومصانع مندسة بالمنطقة الصناعية بالعاشر من رمضان تجمع أجزاء اللمبة من النفايات المقبلة من الخارج
- «التحاليل»: تصدر موجات كهرومغناطيسية بنسب عالية.. ونسبة توافقيات تتعدى المواصفات القياسية.. وتصنع من خامات قابلة للاشتعال وغير قابلة لمقاومة درجات الحرارة العالية
- مدير مصنع للمبات: وزارة الكهرباء حاولت الاستفادة التجارية من انتشار اللمبات فطالبت المصنعين بتقليل تكلفة اللمبة لخفض الدعم عنها وهو ما تسبب فى انتشار اللمبات غير الآمنة على صحة المواطنين
- مؤسس قسم الفيزياء الحيوية بجامعة القاهرة: التعرض لها لستة أشهر لمدة ست ساعات يومية يصيب بأمراض تبدأ بالصداع وتنتهى بالعجز الجنسى
- دكتور متخصص فى طب الصناعات: التعرض لها لمدة كبيرة يسبب الصرع للأطفال وكبار السن وسرطان الجلد
- بعض اللمبات المغشوشة تؤثر بالسلب على شبكة الكهرباء.. ورئيس «شرق الدلتا»: قد تؤدى إلى تدمير المنظومة الكهربية وانهيار المحولات
عُلقت الأضواء المتوهجة، وزينت المصابيح الملونة شادر العُرس، واستقر العروسان على كراسيهم، تحيط بهما الورود من الجانبين، وأخذت أهالى قرية منيل شيحة بمحافظة الجيزة حالة من السعادة الغامرة.. الجميع يتراقصون على الموسيقى الصاخبة، الابتسامة ترتسم على وجوههم، قبل أن يقطعها صوت انفجار ضخم، هز الأرض من تحت أقدامهم.. انفجرت اللمبات وأخذت معها نور عيون الحاضرين، بعدما نشرت تلك اللمبات سمومها على وجوه المدعوين وسببت لهم عمى مؤقتاً.
كانت تلك اللمبات «المغشوشة» والمصنوعة من مواد قابلة للاشتعال قد انتشرت فى الأسواق مؤخراً، وتسببت فى حوادث عدة، كان منها ذلك العرس الذى أفسدته، وتسببت فى عمى مؤقت لأكثر من 214 من الحضور، بينهم العروسان، حيث تطايرت منها مواد شديدة السمية، ونقلوا على إثرها إلى المستشفيات العامة بمحافظة الجيزة لعلاجهم، وذلك حسبما ذكر مستشفى الحوامدية الذى استقبل المصابين فى 22 أبريل عام 2010.
فى سوق الأدوات الكهربائية، الذى يستقر بالقرب من ميدان العتبة الخضراء فى وسط القاهرة وبعض أسواق الخضر والفاكهة فى الأحياء والمناطق الشعبية على «مشنات» وأقفاص الثمار الخشبية، تجد الكثير من اللمبات الموفرة، التى طالبت الدولة مراراً المواطنين بشرائها، بعدما تبنت حملة دعائية كبرى لتوفير الطاقة الكهربية، فى ظل ضعف إنتاج الكهرباء خلال السنوات المنقضية الذى تسبب فى انقطاع الكهرباء لساعات طويلة على المواطنين فى المنازل.
«الوطن» تكشف فى تحقيق استقصائى، استغرق العمل فيه عاماً كاملاً، انتشار ورش فى الأحياء الشعبية فيما تعرف بـ(مصانع بير سلم)، تقوم بإعادة تدوير مخلفات اللمبات الموفرة، بجانب ظهور عدد كبير من المصانع فى المدن الصناعية الكبرى كالعاشر من رمضان والسادس من أكتوبر تقوم مهمتها على تجميع مكونات اللمبات الفاسدة والمعاد تدويرها المستوردة من الصين، وفى كلتا الحالتين يكون المنتج غير مطابق للموصفات القياسية، حيث يخرج عنه نسب عالية من الموجات الكهرومغناطيسية تسبب أضراراً صحية كبرى تصل إلى حد الصرع للأطفال وكبار السن والضعف الجنسى لدى الرجال، بجانب تدمير أجزاء من الشبكة الكهربائية، لما تصدره من (توافقيات) بنسب عالية تعدت النسبة التى حددها الكود المصرى.
تُصنع من مواد قابلة للاشتعال ولا تتحمل ارتفاع درجات الحرارة.. ومعرضة للانفجار بين لحظة وأخرى
فى اجتماع مسئولين حكوميين بوزارة الكهرباء والطاقة مع بعض مديرى وأصحاب مصانع إنتاج اللمبات الموفرة بعد طرح أول دفعة مدعومة من اللمبات الموفرة عام 2009، طالب فيه المسئولون بضرورة تخفيض سعر اللمبة الواحدة، التى كانت تدعمها الدولة حينها بما يقدر «6 جنيهات»، فى المقابل تحقق تلك اللمبات توفيراً للطاقة بنسبة «80%» حيث تنتج اللمبة الموفرة 10 وات، إنارة لمبة عادية قدرها 100 وات، وهو يدل على أن هذا الدعم يعود على الدولة فى صورة توفير وتخفيف للأحمال، ولكن عدداً من أصحاب تلك المصانع رفضوا الخضوع لمطلب الحكومة، لأنه سيأتى على حساب الخامات وجودة المنتج، غير أن الرافضين فوجئوا بموافقة أصحاب مصانع أخرى، تعاقدت معهم الحكومة فيما بعد، وذلك حسبما يروى المهندس سمير عمر، أحد حضور ذلك الاجتماع، ومدير أحد مصانع إنتاج اللمبات بمدينة السادات، والذى يحمل الحكومة مسئولية فتح الباب للمصانع للتقليل من جودة اللمبات الموفرة، سعياً وراء الكسب، دون النظر للمواصفات القياسية.
فُتح الباب على مصراعيه «لكل من هب ودب»، يقول «عمر»، وهو ما أدى فى النهاية للوصول إلى أن أصبح كل مستورد لمبات فى مصر لديه مصنع أو بالأحرى «ورشة» لتجميع أجزاء اللمبات الموفرة المستوردة بأسعار منخفضة من الصين، وبعضها «نفايات وهوالك» معاد تديروها يحصلون عليها مقابل ثمن النقل من الصين للقاهرة، ويضع عليها فى النهاية «صنع فى مصر» واسم وهمى يتغير مع كل رسالة من الخارج، وأصبح مشروع فتح ورش لتجميع اللمبات، وطرحها فى الأسواق تحت أسماء وهمية مشروعاً سهلاً وبسيطاً بعدما كانت صناعة لها ثقلها ووزنها فى السوق وتدعم اتجاه الدولة فى ترشيد الطاقة، لتتحول لصناعة بير سلم و«مغشوشة».
من هنا بدأت الحكاية، حسبما سرد «عمر»، ولكن هذا الطرح رفضه مسئول حكومى رفيع المستوى بوزارة الكهرباء رفض ذكر اسمه، رافضاً أن تتحمل الحكومة وزر ظهور صناعة «بير السلم» وما يخرج عنها من منتجات فاسدة، مشيراً إلى أن الحكومة حتى الآن تحافظ على الحد الأدنى من المواصفات والجودة حسب الكود المصرى فيما تقدمه للمستخدم من لمبات تباع من خلال منافذ الوزارة.
إحصائيات وأرقام
يعمل فى مجال صناعة اللمبات الموفرة نحو 200 مصنع، بخلاف الورش الموجودة بالمناطق العشوائية، مسجل منها فى اتحاد الصناعات 70 مصنعاً فقط، ويصل إنتاج المصانع المسجلة إلى 10% من إنتاج السوق، فيما يصل إنتاج المصانع غير المسجلة التى تقوم بإنتاج لمبات رديئة الصنع إلى 90% من إنتاج السوق، ويدخل مصر سنوياً 70 مليون لمبة مغشوشة تتسرب للسوق المحلية على أجزاء يتم تجميعها فى ورش بير السلم. (أرقام وإحصائيات من اتحاد الصناعات المصرية).
رئيس شعبة الأدوات الكهربائية باتحاد الصناعات: 90% من اللمبات الموجود بالسوق «مغشوشة».. وتدخل مصر مهربة أو كمستلزمات إنتاج من الصين ويعاد تجميعها فى ورش ومصانع مندسة بالمناطق الصناعية
فى سوق الكهرباء.. و«الخضار والفاكهة» أيضاً
فى سوق الكهرباء بالعتبة، راح معدا التحقيق يجمعان عينات من اللمبات الموفرة، من أنواع مختلفة، ومسميات كثيرة، وكانت الملاحظة التى ظهرت جلياً أن كل الأنواع كتب عليها أسماء عربية، وجميع الكراتين ممهورة بـ«صنع فى مصر»، ولم يكتفيا بذلك، لكن جمعا عدداً من اللمبات التى تباع فى أسواق الخضر والفاكهة، على «مشنات» تبيعها سيدات وسط الطماطم والخيار بأسعار زهيدة، ونقلاها بعناية لمعمل تحاليل جمعية ترشيد الطاقة الكهربية بمدينة السادات بالمنوفية، والمعتمدة من جامعة القاهرة، تلك العينات التى روعى فى جمعها التنوع فى الشكل والنوع والمصنع المنتج، خضعت لتحليل كفاءة الطاقة الكهربية، وتحديد حجم الموجات الكهرومغناطيسية الضارة الصادرة، ومدى مطابقة مواصفاتها للكود المصرى تحت إشراف الدكتور محمد هلال، أستاذ الهندسة بجامعة القاهرة.
تحليل العينات داخل معمل الطاقة
قرابة ساعتين، كانت مدة تحليل الطاقة الذى قام به عدد من المتخصصين تحت إشراف الدكتور محمد هلال، بناء على طلب من معدى التحقيق، وجاءت نتائجه أن العينة «س.م»، التى ينتجها أحد المصانع الموجودة بمدينة العاشر من رمضان، تحتفظ «الوطن» باسمه، وظهر من خلال التحليل أنها تستنزف من الطاقة ما يساوى ضعف ما سيقرأه العداد، بجانب أنها كتب على عبوتها «26 وات»، ولكن التحليل أظهر أن القدرة «12.7 وات»، ولم تكن تلك المخالفة الوحيدة لما هو مكتوب على العبوة، فكتب عليها توفير 80% من الكهرباء، ولكنها لا توفر شيئاً، بالعكس تهدر الطاقة، وبفحص الدائرة الكهربية تبين عدم وجود فلاتر «دائرة حماية» تحمى الإنسان من الموجات الكهرومغناطيسية الضارة، كما أظهر التحليل أن الجسم الخارجى مصنوع من مواد لا تتحمل درجة الحرارة العالية وقابلة للاشتعال، وهى بذلك غير مطابقة للمواصفات القياسية المصرية التى حصلت «الوطن» على نسخة منها.
أما العينة، «ى.ف»، فتظهر غير مطابقة للمواصفات، «18.9 وات»، عكس المدون على العبوة بإنها «26 وات»، كما تسحب طاقة بما يساوى قوة لمبة «60 وات»، وبفحص المادة البلاستيكية المصنوعة منها اللمبة تبين أنها ليست من بلاستيك حرارى، ولا الأسلاك الموجودة بالدائرة الكهربية معزولة، مما يعرض مستخدمها للحرائق مع استخدام اللمبة.
وفى العينة «ف.ل»، تظهر أن تلك اللمبة أيضاً غير مطابقة للمواصفات، حيث تعطى «14 وات» فقط فى حين كتب على العبوة «26 وات»، وهى أيضاً من مواد بلاستيكية ليست حرارية، وهى تعرض المستخدم أيضاً لحرائق متعددة، ونسبة التوافقيات بها تعدت 25%، التى حددها الكود المصرى، وهو ما يعرض محطات توليد الكهرباء للخطر.
فى العينة، التى يسميها معدا التحقيق «ن»، حيث طمس اسمها، وهى واحدة من العينات التى جمعها من سوق الفاكهة والخضراوات، وهى تسحب «باور فاكتور» يصل نسبته إلى 60%، وتعطى 18 وحدة إضاءة، وهو ما يعنى الكفاءة الكلية 8 وحدة إضاءة لكل وات، وهو ما يؤثر بالسلب على شبكة الكهرباء ومحطات توليد الطاقة الكهربية، بخلاف أن نسبة التوافقيات تزيد على الـ25% التى حددها الكود المصرى.
أما تحليل الطاقة الكهرومغناطيسية، الذى يقيس مدى مطابقة العينات للمواصفة العالمية «IEC61000 - 3-2»، وهى المواصفة الخاصة بالاتحاد الأوروبى والتى تحمل رقم «55015» والتى تتبناها مصر، فقد جاءت جميع العينات محل التحليل غير مطابقة للمواصفات المسموح بها، وتُصدر نسباً عالية وخطرة من الموجات، تخطت النسب العالمية بمراحل.
وعلق الدكتور محمد هلال بأنه بفحص الدائرة الكهربية للعينات لم تكن بها ما يسمى «EmC» أو«ic»، أى باللغة العربية «فلاتر»، وهى التى تمنع الموجات الضارة من المرور، وتحدد النسب المسموح بخروجها وفقاً للنسب العالمية، لتخرج للمتعرضين لضوء اللمبات، وهى سبب فى خروج تلك النسب العالية التى تعدت المسموح به عالمياً، ويمكن للمتخصصين فى علوم الفيزياء الحيوية تحديد الحيز المكانى والزمانى للضرر منها.وأضاف أن «الفلتر» مكون مهم، ولكن لا يؤثر على عمل اللمبة وحجم الإضاءة، وهو ما يجعل المصنّعين معدومى الضمير يستهينون به، ولا يضعونه فى حساباتهم، فى محاولة لتقليل تكلفة اللمبة، وهو المتسبب الرئيسى فى مرور الموجات بأشكال أكبر.
«عبدالمنعم»: لا توجد رقابة على الأسواق.. و20% من اللمبات الواردة من الخارج فقط تمر على هيئة الرقابة على الصادرات
اختبارات محيط وزمن تأثير الموجات
لم يكتفِ معدا التحقيق بما خرج عن معمل الطاقة، ولكن قاما بعمل تحليل آخر فى معمل الفيزياء الحيوية بجامعة القاهرة، لتحديد نسبة المخاطر التى يتعرض لها المواطنون من تلك اللمبات، والمسافات الآمنة، ومحيط تأثير الموجات الكهرومغناطيسية، والمدى الزمنى لتؤثر تلك الموجات على المواطنين الذين يستخدمون هذه اللمبات فى منازلهم وأماكن العمل، وذلك تحت إشراف الدكتور فاضل محمد على، مؤسس قسم الفيزياء الحيوية بجامعة القاهرة.
وبناءً على ذلك بدأ «فاضل» فى اختبار العينات التى جمعها معدا التحقيق، للتعرف على مدى خطورتها، ومجال تأثيرها على المواطنين المتعرضين لها، فى تحليل دقيق، وجاءت النتائج كالتالى: العينة الأولى، واسمها «س.م» تعدت خطورتها المقاييس العالمية، حيث إن المساحة المأمونة وصلت نسبة الموجات بها إلى 100 ألف فولت على المتر، وتعدت المساحة الآمنة فيها 2 متر، وهو ما يتعدى النسب المسموح بها عالمياً، والتى تقاس بـ4 آلاف فولت فى مساحة المتر الواحد.وجاءت العينة الثانية، وتحمل اسم «ى.ف»، فكانت معدلات الأمان فيها عند نصف متر، حيث محيط نصف المتر تصل الخطورة فيه إلى 70 ألف فولت.
وجاءت العينة الثالثة، وتحمل اسم «ف.ل»، تطلق أكثر من 100 ألف فولت على المتر، وهى تعد الأكثر خطورة، ويصل محيط الأمان بها إلى ما بعد ثلاثة أمتار، وهو يعنى أن وجود لمبة واحدة فى الغرفة يعرض الموجود تحتها لمخاطر التعرض لتلك الموجات.
أما العينة الرابعة، وهى مطموسة الاسم ورمز لها بـ«م»، تظهر أنها تعدت 60 ألف فولت فى المتر الواحد.وأشار «فاضل»، فى تعليق عقب التحليل، إلى أن جميع العينات تطلق نسباً من الموجات تعدت المسموح بها عالمياً، وتختلف مسافة الخطورة ما بين المتر الواحد، والمترين وبعضها يتعدى ثلاثة أمتار، وأن الغرفة الواحدة، نظراً لضعف كفاءة اللمبة، تحتاج الغرفة لثلاث منها أو أربع، وهو يعنى أن مدى الخطورة يصل إلى ثلاثة إلى أربعة أمتار، وأما زمن التعرض، فيتراوح ما بين ستة أشهر إلى سنة إذا كان المتعرض مقيماً، وتبدأ الخطورة من التعرض لسنة فما فوق بالنسبة للعاملين والذين يتعرضون لها لمدة عمل، والمعروفة بـ8 ساعات يومياً.
وأضاف أن أضرار التعرض لتلك اللمبات تبدأ بالصداع وقلة التركيز، حسب التجارب التى قام بها باحثون حول العالم. ويشير فاضل إلى دراسة قديمة أجريت على عدد من العاملين فى الموجات الكهرومغناطيسية، وكان عددهم 525 عاملاً، بدأت الأعراض بالصداع وتوتر فى أعصاب العين، وأرق وعدم النوم، ورغبة مستمرة فى النوم فى أوقات العمل وعصبية مفرطة، وإحساس بالخوف، وبعضهم أصيب بتخلف عقلى، وضعف فى الذاكرة، والأشد خطورة هو الضعف الجنسى والعقم.
رأي طب الصناعات
الدكتور محمود عمرو، أستاذ طب الصناعات بكلية طب قصر العينى بجامعة القاهرة، قال إن الأضرار الناجمة عن التعرض لنسب عالية من الموجات الكهرومغناطيسية الضارة ولمدة طويلة، والتى تخرج من اللمبات الفاسدة، والتى لا تحتوى على مكونات تحمى المتعرضين لها، تؤثر بالسلب على الجهاز العصبى للإنسان، خاصة الأطفال.
وأضاف «عمرو» أن التحاليل التى خرج بها التحقيق، والتى تقول إن اللمبات خالية من الفلاتر التى توفر حماية للمواطنين كغلاف الأوزون الذى يحمى الناس من الأشعة الضارة الصادرة من الشمس هو خطير للغاية، وهذا يعنى أن المواطنين المستخدمين لتلك اللمبات يتعرضون للخلل العصبى وموجات من الصرع، والبكاء الكثير بلا مبرر، وعنف بلا مبرر وتهيج عصبى، خاصة الأطفال وكبار السن، مع زيادة التعرض لها، وليس هذا فقط فتلك الموجات الكهرومغناطيسية من ضمن أنواعها الأشعة فوق البنفسجية التى يسبب التعرض لها بنسب كبيرة سرطان الجلد.
رئيس حماية المستهلك: أسواق الكهرباء ليست على أولويات الجهاز.. ونقص عدد العاملين معى يصعب من المراقبة عليها
دراسات علمية
توصل الباحثون فى دراسة بجامعة «ستونى بروك» الأمريكية، إلى أن اللمبات الموفرة «السليمة» وليست «المغشوشة» محل التحقيق، تتسبب فى تجاوز الجرعة اليومية للجسم من الأشعة فوق البنفسجية، ما يزيد احتمالات الإصابة بسرطان الجلد.وكان الاتحاد الأوروبى سبق أن أقر بأن التعرض للمبات الموفرة الطاقة قد يسبب تلف الجلد، لكن وفقاً لتقرير نُشر حديثاً فى 2008 من قبل اللجنة العلمية، قال إن هذا الخطر ينتج فقط عند التعرض لفترة طويلة وعلى مسافة أقل من 20 سم للمبات الموفرة «السليمة»، نظراً لما يخرج عنها من موجات كهرومغناطيسية.
التأثير على شبكة الكهرباء
لم يكن التأثير السلبى للمبات الموفرة الرديئة «المغشوشة» فقط على صحة الإنسان، ولكن بدت فى الظهور آثارها على الشبكة الكهربائية، بسبب زيادة نسبة التوافقيات (تشوه فى موجة التيار الكهربى) التى تصدرها، والتى أظهرتها التحاليل، حيث تحدث تلك التوافقيات تلفاً وتدميراً فى مكونات الشبكة الكهربية مما يضعف كفاءتها، وتقل من 90% إلى 70%، حسب تصريح المهندس العدل على العدل رئيس كهرباء منطقة شرق الدلتا ووكيل وزارة الكهرباء، لـ«الوطن»، ويقول: «إن زيادة نسبة «التوافقيات» يضعف نقاط الحماية الخاصة بها، وقد يتسبب فى تدمير بعض مكونات منظومة الشبكة الكهربية، ويسبب انهيار المحولات وقواطع التيار، وأجهزة التسرب الأرضى، وتظهر دائماً تلك الأعطال لمتخصصين دون سبب واضح، أو بدون عطل ظاهرى.
وليس هذا فحسب، بل يؤثر على المصانع التى تعمل فى الصناعات الحساسة التى تحتاج لتيار كهربى نقى من التوافقيات «الهارمونيك»، وذلك حسبما يقول الحسينى الفار رئيس شركة شمال القاهرة لتوزيع الكهرباء لـ«الوطن».
عضو هيئة المواصفات والجودة: لدينا معلومات بأن هناك عشرات المصانع فى الصين التى لا تقبل منتجاتها من اللمبات فى أى دولة فى العالم تنتج فقط للتصدير لمصر
من داخل مصانع وورش اللمبات
لم يكن الوصول لمصانع وورش تجميع اللمبات المندسة بالمنطقة الصناعية هيناً أو سهلاً على الإطلاق، لا يبدو على تلك المصانع أى شىء يلفت النظر، على العكس تماماً تظهر مبانيها أنيقة وحديثة، بعضها مكون من طابق واحد.. دليلنا فى الوصول إلى تلك المصانع كان مصدراً خاصاً، عرفنا من خلاله الطريق إلى أحد تلك المصانع، أو بالأحرى ورش التجميع، والتى أصبحت مكسباً ومربحاً، والتى تمتلك أوراقاً تجارية وكل ما يجعلها قانونية، والتى استطاع معدا التحقيق الولوج لداخلها فى تجربة موثقة بالصوت والصورة.
تقمص معدا التحقيق دور اثنين من أصحاب محال الأدوات الكهربائية يسعيان للحصول على كمية كبيرة من الأدوات الكهربائية، فى البداية التقينا مدير المصنع، وهو شقيق صاحبه أحد مستوردى اللمبات الموجودة منتجاته بكثافة فى الأسواق، يستقر المصنع فى المنطقة الصناعية بمدينة العاشر من رمضان، وكانت اللمبات التى تخرج من مصنعه ضمن العينات محل التحليل الذى أجرته «الوطن» تمتد مساحته على منطقة لا تتعدى ألف متر، استقبلنا الرجل خارج المصنع، وأصر أن يتم الاتفاق خارجه، فى أحد المقاهى، لم ينكر أن المصنع مجرد مكان لتجميع أجزاء اللمبات المستوردة من الصين، ولكن رفض رفضاً قاطعاً الولوج لداخل المصنع، وعرض علينا بيع اللمبات بأسعار زهيدة يصل سعر الواحدة «26 وات» سبع جنيهات، و«12 وات» خمس جنيهات.
بمساعدة أحد المهندسين العاملين بالمصنع «محمد لطفى» (اسم مستعار)، والذى تحتفظ الوطن بهويته، استطاع معدا التحقيق الولوج لداخل المصنع والحصول على صور من الداخل، يعتمد المصنع على ماكينة واحدة، ذات سيور ضخمة، فيما يعتمد صاحب المصنع على فتيات صغيرات، يستقدمهن من محافظات كالمنوفية والشرقية والدقهلية وغيرها، ويحاسبهن -حسب رواية «لطفى»- بخمسين قرشاً مقابل تجميع اللمبة الواحدة، وهى اللمبات التى تأتى على جزأين من الصين، وكل ما تقوم به الفتيات هو ضغط «الكلبسات» التى تجمع جزأى الدائرة الكهربية والزجاج الحلزونى الخاصة باللمبة، ووضع تلك اللمبات فى عبوات خاصة باسم المنتج المغشوش.
يقول «لطفى» إن صاحب المصنع الذى يعمل فيه منذ 18 عاماً، يأتى بالمنتجات من الصين بسعر تكلفة النقل، وهو ما دوماً يتعجب منه للغاية، حتى استطاع فحص المنتجات بمجرد وصولها قبل تجهيزها لعملية الجمع، وكشف أنها عبارة عن «نفايات وهوالك»، يحاولون التخلص منها من خلال إعادة تدويرها. وأضاف أنه فى بعض الأحيان يعتمد صاحب المصنع على الدوائر الكهربية التى يجمعها من جامعى القمامة فى مصر نفسها، ويكتفى باستيراد الزجاج من الخارج.
وتابع «لطفى» أنه لاحظ عن كثب من خلال عمله مع المستوردين، محاولتهم للتهرب من دفع الجمارك من خلال استيراد أجزاء اللمبة، والتهرب من اختبار اللمبات التى تدخل كمستلزمات، بل إن هناك مصانع قامت من أجل ذلك الغرض فقط ومنها المصنع الذى يعمل فيه، والذى يصر على تسميته «ورشة».. «ما ينفعش يتسمى مصنع خالص عيب نقول عليه مصنع» يقول لطفى، مشيراً إلى أن التجار يقومون بعمل سجل صناعى ومكان بالمجمعات الصناعية، ليس به أى مقومات للصناعة، ويكون مركزاً لتجميع الأجزاء المستوردة من الخارج، مجرد تجميع وليس به أى تصنيع وهم مندسون وسط المصنّعين، وسط غياب هيئة الرقابة الصناعية.
لم تكن تنتشر المصانع والورش فى المناطق الصناعية وحدها، ولكن كانت هناك ورش أكثر بدائية فى المناطق الشعبية، تواصلنا مع إحدى تلك الورش التى تقوم بتجميع هذه اللمبات الموفرة بعد جمع الدوائر الكهربائية من مقالب القمامة الكبيرة، جرت اتصالات هاتفية مع شخص يدعى «باهى فريد» (اسم مستعار)، قال إنه صاحب ورشة لتجميع اللمبات الموفرة، وطلب الحضور إلى ورشته فى إحدى ضواحى حى المرج شمال شرق القاهرة، حدد الموعد عند أحد مخارج الكوبرى الدائرى ومن هناك كانت البداية للتوغل داخل منطقة شعبية مزدحمة.غرفة صغيرة تصل مساحتها نحو 10 أمتار فقط بدون طلاء، تتكدس بداخل هذه الغرفة الصغيرة، الورشة، أجولة كثيرة بداخلها آلاف اللمبات الموفرة القديمة الملطخة بالأتربة مجهزة لإعادة تشغيلها وإصلاحها.
إلى جانب هذه الأكوام يجلس «محمد حامد» (اسم مستعار) أمام طاولة خشبية تتراص عليها بعض اللمبات المفككة حيث يقوم بفحصها وإعادة تشغيلها، وهو شاب فى العقد الثانى من عمره، وشريك التاجر الذى اتفقنا معه عبر الهاتف على استعدادنا لشراء كميات كبيرة من اللمبات الموفرة التى يجمعونها بغرض عرضها فى محلات للأدوات الكهربائية، كما زعم معدا التحقيق.رحب هو الآخر مثل شريكه وسمح لنا الاثنان بالدخول وشرح ما يجرى فى إعادة تدوير اللمبات، ليروى «فريد»: «إحنا هنا بنجمع ونشغل كل اللمبات الموفرة بكل أحجامها، وبنبيع جملة وقطاعى، بس إحنا عاملين فرشة هنا لولاد المنطقة بنبيع اللمبة الـ26 وات بـ5 جنيه، والـ36 وات بـ7.5 جنيه، وأدينا بنشتغل جنب الجملة».
إلى جوار عدد من علب فارغة تحمل اسم أحد المحال التجارية يضع بداخلها اللمبات التى قام بإصلاحها، استكملنا الحديث وبسؤاله عن مبيعاتهم فى السوق تابع: «بنتعامل مع محلات كتيرة فى عين شمس وهنا فى المرج، وفى أماكن جنبنا، بنبيع ليهم شغل وربنا بيرزق»، وبسؤاله عن مصادر جمع اللمبات قال: «إحنا بنتعامل مع ناس فى مقالب الزبالة بتجيب لينا اللمبات البايظة واللى مش شغالة، بس مش بنربط نفسنا بناس معينة، إحنا بنتعامل مع ناس من عند الدويقة وناس من عند نادى المقاولين العرب ومن منشية ناصر، علشان شغلنا ما يقفش، وبنوسع دايرتنا والشغل بييجى ودى أرزاق، واللى بيسعى ربنا بيقف جنبه»، مشيراً إلى أن اللمبة تدخل فى أكثر من مرحلة لكى تظهر إلى النور أو تدخل فى العلب الخاصة بها، حيث تدخل مرحلة الغسيل ثم التصليح ثم التلميع، موضحاً أن هذه الورشة مخصصة للتصليح فقط، ولكن هناك مخزناً قريباً منها به آلاف اللمبات ذات الأحجام المختلفة التى يتم جمعها من جامعى القمامة، مشيراً إلى سهولة جمع اللمبات الفاسدة من خلال سيارة تمر بها على العاملين فى مقالب القمامة فى المناطق العشوائية.
وكان الاتفاق على أول دفعة حددناها وهى اللمبات الـ26 وات الأكثر شهرة وانتشاراً فى سوق اللمبات الموفرة من هذا النوع، ليحدد لنا سعر 3 جنيهات بدلاً من 5 جنيهات، مؤكداً أن هذا السعر سنحقق من خلفه أرباحاً كثيرة، قائلاً: «السعر ده مش هتلاقى زيه، وممكن بعد كده إنت تيجى من نفسك تقول لى السعر ده قليل أنا هاخدها بـ4 جنيه»، ولم يكتف بذلك ولكن طرح الشاب أيضاً أنه يمكن الاتفاق لنا مع أحد أصحاب المطابع لطبع غلاف باسم محالنا التجارية، قائلاً: «هنعمل التصميم وتكتب اسم المحل بتاعكم ونكتب عليها اللى انتو عايزينه made in china أو made in egypt اللى انتو عايزينه»، موضحاً أنه ينتظر منا الرد النهائى حول الكمية التى سنأخذها كدفعة أولى والاتفاق على اسم المحال أو التصميم وسعره مع صاحب المطبعة التى يتعامل هو معها.
من عزبة الزبالين
صبيحة أحد أيام الجمعة، جلس عزت نعيم، أمام جمعيته لتعليم تدوير المخلفات للأطفال، بعزبة الزبالين بمنشية ناصر، يتابع المارة، ولكن لفت نظره، ذلك الشاب الذى دخل المنطقة على ظهر عربة للنقل، وبدأ فى جمع أجولة مملوءة باللمبات الموفرة، تكرر الأمر كل أسبوع، فى بعض الأوقات يتفحص الرجل الأجولة، يرفض بعضاً مما بداخلها، يدفع فى الجوال الواحد خمسين جنيهاً للعاملين، ويقول لـ«الوطن»: «فى البداية كنت فاكرهم زى ناس كتير بتجمع الإلكترونيات والمخلفات لإعادة تدويرها بس مكنتش أعرف إنهم بيدخلوها ورش ويعيدوا تشغيلها».
يخطو الرجل نحو جارته «أم ماريو» التى تخصص منزلها لجمع القمامة، وتخصص موضعاً لجمع اللمبات الموفرة، والتى أخذت تروى أنها تجمع فى الأسبوع جوالاً مملوءاً باللمبات تسلمه لبعض الشباب العاملين فى ورش إعادة التدوير، يشترى الأجولة التى تظهر بنيتها الخارجية سليمة بجنيه ونص للمبة الواحدة، والمكسورة بنصف جنيه للواحدة.
وتخصص العديد من العاملين فى جمع القمامة فى المنطقة على العمل على جمع أجولة اللمبات الموفرة، وتحضيرها لأصحاب مصانع تدوير اللمبات التى ازدادوا فى المنطقة، ويظهرون كل يوم جمعة -حسب «أم ماريو»- التى تشير إلى أنهم عدد كبير جداً، ويتوافدون عليهم، وبعضهم يكون على اتفاق مسبق مع جامعى القمامة، للحفاظ على اللمبة، التى كان يكسرها جامعو القمامة فى السابق لضمها للمواد البلاستيكية التى تباع لمصانع إعادة تدوير البلاستيك.
محاولة فاشلة فى يونيو من عام 2014
بدأت المحاولات الأولى لمجابهة الصناعة الحرام، للمبات الموفرة، من جهة اتحاد الصناعات، لما وقع على مصانع إنتاج اللمبات من أضرار وصلت خطوط إنتاج بعض منها، وأرسل بناء على ذلك طلب مقدم لوزارة التجارة والصناعة بعرض مكونات إنتاج اللمبات الكهربائية الموفرة التى يتم استيرادها من الخارج سواء بغرض التصنيع أو الاتجار على الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات لإحكام الرقابة والتفتيش، حيث يستغل أصحاب مصانع وورش «بير السلم» تعديلات اشتراطات الحصول على السجل الصناعى لتكون بالإخطار ويحصل المنتج على سجل موقت لمدة عام «أبيض» حتى لا يتعرض للفحص، حيث تم استغلال القرار بشكل سلبى وقام عدد من المستوردين بفتح سجلات والحصول على بطاقات استيرادية بيضاء بغرض التجميع واستغلوها فى استيراد لمبات موفرة على جزأين من الصين غير مطابقة لأى اشتراطات وقاموا بطرحها فى الأسواق العشوائية، وذلك حسب الرسالة التى أرسلها اتحاد الصناعات لوزارة الصناعة والتى حصلت «الوطن» على نسخة منها.
وقد استجابت بالفعل وزارة التجارة والصناعة، وبدأت عمليات إخضاع مستلزمات الإنتاج للرقابة من قبل الصادات والواردات، ولكن القرار الذى جاء لإحكام الرقابة على عشوائية سوق اللمبات الموفرة لم يُجدِ نفعاً، وبحث مصنعو اللمبات المغشوشة عن طرق بديلة للتهرب من هيئة الرقابة على الصادرات والواردات، حيث لا يعرض عليها إلا 20% فقط من اللمبات الموجودة بالسوق، حسبما يقول المهندس عاطف عبدالمنعم، رئيس مجلس إدارة شعبة المعدات والأدوات الكهربائية باتحاد الصناعات، لـ«الوطن»: إن جزءاً كبيراً من الخامات متدنية الجودة، والتى تستخدمها مصانع «بير السلم»، تدخل تحت سجلات صناعية حقيقية، وإن رقابة خامات التصنيع فى المنافذ الجمركية لم تأتِ بأى نتيجة وما زال السوق مشبعاً باللمبات المغشوشة».
صراع تبادل الاتهامات
يقتنع «عبدالمنعم» أن الحل يقع بين يدى هيئات الرقابة على الأسواق، بعدما فشلت الرقابة على المنافذ الجمركية، حيث تدخل كميات كبيرة من تلك اللمبات عن طريق التهريب، الذى له طرق ومسارات متعددة، متهماً الموظفين فى هيئات الرقابة مثل مباحث التموين وغيرها بالتربح من وراء «مصانع بير السلم» التى تعمل دون رقابة، وتطرح منتجاتها فى الأسواق دون محاسبة.
وكشف «عبدالمنعم»: «منذ عام 2012، ونحن نخاطب وزارة الصناعة، لحماية السوق من اللمبات الموفرة المغشوشة، وأرسلنا مذكرة لوزير الصناعة أكثر من مرة، نطالبه بمراقبة الأسواق، ولكن رغم مرور تلك السنوات، وإصدار قرار مراقبة مستلزمات الإنتاج، لم يُجدِ ذلك القرار نفعاً ولم يرحم الأسواق من منتجات اللمبات المغشوشة.
واتفق رئيس شعبة الأدوات الكهربائية باتحاد الصناعات مع رئيس جهاز حماية المستهلك اللواء عاطف يعقوب على مراقبة الأسواق، وتفعيل قوانين رقابة الأسواق وحماية المستهلك، ويقول: «إذا وجدت رقابة الأسواق، سنقضى على عمليات تهريب المنتجات الرديئة وصناعتها فى مصانع بير السلم».
ولكن على النقيض لم يلتزم رئيس جهاز حماية المستهلك بذلك الاتفاق مع رئيس شعبة الأدوات الكهربية، بل يعترف بنفسه، فى حوار أجرته معه «الوطن»، بأن سوق العتبة وغيره من أسواق الكهرباء لا توضع على أولويات جهاز حماية المستهلك، حيث هناك بعض الأسواق الخاصة بحياة الناس كأسواق الطعام والشراب هى التى توضع على أولويات الجهاز، وأن أسوق الأدوات الكهربائية وغيرها من أسواق اللمبات والتى تضج بالمنتجات المغشوشة، سننظر لها قريباً، خاصة أن المواطنين لا يقدمون شكاوى منها.
وحمل اللواء عاطف يعقوب، رئيس الجهاز، مسئولية التقصير تجاه تلك الأسواق على نقص عدد العاملين فى جهاز حماية المستهلك، وأن عدد العاملين هو 150 فقط، متسائلاً: «هل العدد ده يكفى أن يراقب على مصر كلها؟»، موضحاً أن جهاز حماية المستهلك ليس هو الجهاز الوحيد فى مصر للرقابة على الأسواق، وأن الجهاز أسس لجنة عليا للرقابة على الأسواق ضمت هيئة الرقابة على الصادرات والواردات وأيضاً الجمارك ومباحث التموين وكذلك الضرائب وقطاع الرقابة الداخلية والرقابة الصناعية، وأجهزة رقابية أخرى، للمشاركة وعقد الجلسات وبحث إمكانية ضبط الأسواق والمشاركة وتوزيع المهام بين الأجهزة كل حسب المهمة المناسبة له.كما ألقى «يعقوب» مسئولية انتشار مصانع بير السلم على المحليات، حيث إنها الجهة المنوط بها المراقبة على أى نشاط فى دوائرها، وإصدار تراخيص إنشاء المصانع يستخرج من المحليات.
المهندس رفيق نصر، عضو هيئة المواصفات والجودة، يقول لـ«الوطن» إن هناك الكثير من الحملات من الهيئات الرقابية المختلفة، ومحاولات ولكن ضعيفة وغير مؤثرة وللأسف لا تجدى نفعاً، لأن قضية اللمبات الموفرة وحجم المشكلة أكبر من التعامل معها بنهج ضعيف، وبدراسة الأسواق العالمية، لا بد من وجود جهة واحدة فقط مخول لها مراقبة الأسواق، تنزل للأسواق وتقوم بتحليل ما يوجد بها من خلال معاملة محايدة، ولكن للأسف هذا غير موجود بمصر: «المشكلة الأكبر فى مصر هى الرقابة».وأضاف «نصر» أن هناك عشرات الملايين من اللمبات تدخل كل شهر لمصر، وأن هناك معلومات ترد للهيئة عن أن هناك عشرات المصانع فى الصين لا يُقبَل منتجها من أى دولة فى العالم وينتج فقط لمصر.
الحل فى الأكواد
مهندس شاب يدعى «وليد عيسى» استطاع بلورة فكرة جديدة، تقوم على تأسيس منظمة محايدة خاصة بإدارة التكويد، تكون ملاذاً للمواطن، والمنتج، وتحاول القضاء على سوق مصانع بير السلم، حتى يظهر الفارق جلياً بين ما هو أصلى وما هو مقلد.
أخذ «وليد» يشرح فكرته القائمة على إنشاء «منظمة عالمية لإدارة التكويد لمنع الغش والتقليد»، من خلال التأكد من أن هذه المنتجات الأصلية السليمة هى التى وصلت بالفعل للمستهلك النهائى، بعد اتباع نظام تكويد موحد، يكون مخفياً على العبوة، أو المنتج، ويقوم المواطن، بخدش الطلاء الموجود عليه، أسوة بأكواد الخطوط المحمولة، وإرسال الكود المخفى فى رسالة نصية إلى هواتف «المنظمة» التى ستعد نظاماً لخدمة العملاء يكون لديه قاعدة بيانات كاملة، بأرقام وأكواد المنتجات والشركات التى ستتعاقد مع المنظمة، والتى تفيد المواطن برسالة أخرى بحقيقة المنتج سواء كان أصلياً أو مغشوشاً أو منتهى الصلاحية، وبذلك نحافظ للموطن على حقه، وللشركات على منتجاتها.
لمبات من النفايات تنتشر بالأسواق
خلال إجراء تحليل على عينات من اللمبات الموفرة المغشوشة
أسواق الكهرباء تتنشر بها اللمبات المصنوعة من النفايات القادمة من الخارج
اللمبات داخل أجولة جامعي القمامة
د. هلال خلال إجراء تحليل على اللمبات بمختبر الطاقة
"الوطن" تخترق ورش صناعة اللمبات المغشوشة
داخل مخازن اللمبات المغشوشة بأحد الورش بالمرج
أحد العاملين بمصانع إنتاج الورش المغشوشة يتحدث لـ"الوطن"
نتائج تحاليل كفاءة الطاقة
نتائج تحاليل مطابقة حجم الموجات للمقاييس العالمية