بعد مرور ثلاث سنوات على ثورة 30 يونيو فى مصر ٢٠١٣، نجد أن الإخوان المسلمين أكثر من تأثر بهذه الثورة، لأنهم لم يفهموا توجه الشعب فى ذلك الوقت، وظنوا أنهم سيعودون إلى الحكم، وأن الذى حدث مجرد «فوتوشوب»، فجمعوا حولهم ما يسمى «تحالف دعم الشرعية»، من الإسلاميين أساساً، لكن هذا لم يفد؛ لأن الإخوان كانوا قوة كبيرة وكتلة متماسكة، وتنظيماً دقيقاً، لكن ضاع التنظيم وضاعت القوة، وتفككت الكتلة المتماسكة، فأصبح الإخوان فى مصر 4 مجموعات؛ إذ هناك مجموعتان تتصارعان على قيادة الإخوان، وعلى التنظيم وعلى المال والإعلام والتاريخ والعلاقات الخارجية مع أمريكا والغرب عموماً، ومع تركيا وبعض الدول الأخرى، ومن المتصارعين، الدكتور محمود عزت، ومن معه من قيادات تاريخية فى الخارج أساساً، وهناك كتلة الداخل التى كانت تتبع الدكتور محمد كمال قبل استقالته. وهناك مجموعة ثالثة صغيرة تقف على الحياد ممكن أن نسميها التوقف والتبين، أما المجموعة الأكبر فقد ساءها الصراع ولم توافق على العنف ولا المظاهرات العنيفة، ولم يعجبها الأداء الإخوانى وموقف القيادات الذى يتنافى مع المنهج الأصلى، منهج الإمام البنّا الوسطى. ومن خسائر الإخوان أيضاً حظر الجماعة، وتصنيفها ضمن الجماعات الإرهابية ليس فى مصر وحدها بل فى السعودية والإمارات العربية المتحدة، وجرى بشأنها تحقيق واسع فى بريطانيا، تبعه استقصاء عن المؤسسات والأموال ثم تضييق على قيادات الإخوان وتحركاتهم.
نعم خسر الإخوان الحكم فى مصر، لكنهم كان من الممكن أن يستمروا فى العمل السياسى، لو قبلوا الهزيمة واستمروا على الساحة مثل حركة النهضة فى تونس، ولكنهم فى مصر خسروا الشعب العظيم الذى أتى بهم عن طريق الصناديق، ولم يحترموا إرادته، ولم يستمعوا له عندما طالبهم بتغيير الحكومة، ولم يحترموه عندما طالبهم بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، فخرجت الملايين فى ثورة 30 يونيو ٢٠١٣، وأسقطتهم.
وأقول مرة أخرى لم يبق التنظيم الإخوانى متماسكاً، ولم يعد التنظيم واحداً ولم يعد قوة كبيرة منظمة، وهناك عدد كبير من القيادات فى السجون أو فى الخارج، وفى مثل هذا الوضع يتجه من بقى فى التنظيم إلى العمل السرى، وهم بذلك يرتكبون أخطاءً جديدة فادحة، رغم ما قد يقال عن التضييق العام فى الحريات.
لقد فقد الإخوان سمعتهم، وفقدوا الجمعيات والمؤسسات الخيرية والتعليمية والاقتصادية، وفقدوا كذلك الحزب السياسى الذى انتظروه طويلاً وحصلوا عليه بعد ثورة 25 يناير العظيمة التى نادت بالعيش والحريّة والعدالة والكرامة، وأهم من ذلك كله أنهم فقدوا محبة الشعب وتعاطفه معهم.
أما عن المصالحة، فقد طرحت مبادرات عديدة بعضها فيها تفاصيل، ولكن الإخوان لم يوافقوا على أى منها وكانوا يحلمون بعودة «مرسى» للحكم، لأن ذلك فى ظنهم هو الشرعية.
وأخيراً هناك الشباب والقيادات الوسطى بالآلاف ضمن المجموعة الرابعة التى أشرت إليها من قبل، وأرى أن الدولة يجب أن تفتح الأبواب أمام هؤلاء أولاً للعمل فى الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والدعوية شأنهم شأن بقية الشباب الذى لم يشترك فى أى عنف ضد الدولة.