لا أحد يسيطر على الشارع فى مصر، هذه هى الحقيقة المؤلمة التى يتعين على كل القوى السياسية أن تتعامل معها بأمانة.
لا يوجد فصيل قادر على تحقيق الأمن عقب تحريك جماهيره سلباً أو إيجاباً سوى تيارات الإسلام السياسى التى يحكمها شكل التنظيم المتسلسل هرمياً والقائم على الانصياع للسمع والطاعة.
هذه المعادلة القائمة على الحشد فى الشوارع هى التى حكمت ميزان القوى فى البلاد منذ ثورة 25 يناير حتى الآن، وهى معادلة قوى أصبحت من التأثير البارز الذى يعلو تأثير الصندوق الانتخابى.
من يحشد هو الأقوى!
وتحولت المعادلة فى الأسابيع القليلة الماضية إلى وضع شديد الخطورة، وهو أن من يمارس العنف بشكل أكثر تهديداً هو سيد الموقف على الساحة السياسية!
ثم جاءت وثيقة نبذ العنف التى وقعها جميع الفرقاء برعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، كمؤشر والتزام أخلاقى يرفض العنف كأسلوب للتعبير أو الضغط السياسى.
هذا الالتزام تناسى أن العنف المادى يبدأ من العنف اللفظى فى قاموس المعاملات السياسية والإعلامية بين جميع الفرقاء الموجودين على الساحة هذه الأيام.
هؤلاء جميعهم مزقوا وشوهوا الصورة الذهنية والمكانة السياسية وطبيعة الشخصية الاعتبارية لبعضهم البعض، بحيث فقدوا جميعهم أمام الرأى العام أى احترام أو ثقة أو مصداقية.
هذا الوضع دمرهم جميعاً تدميراً أمام الشارع الذى فقد الثقة تماماً فى أى من القوى التقليدية ورموزها سواء كانت من الحكم أو من المعارضة، وبدأ يكون لنفسه قيادات على مستوى قواعد التظاهرات أو الوقفات الاحتجاجية، لا أحد يعرفها بالدقة، ولا يمكن تحديد مرجعية سياسية أو تنظيمية لها.
إن ما يتكون الآن من تجمعات شعبية على مستوى الجماهير، هو نوع من «المسخ السياسى» غير المتجانس غير القابل للسيطرة عليه من قبل أى قوى كانت.
وتلك هى أزمة الأيام المقبلة.