هل ستظل بور سعيد مدينة مظلومة معزولة مضطهدة تتضخم لديها هذه الأحاسيس ككرة الثلج يوماً بعد يوم؟ هل سنترك هذه المدينة التى طالما غنينا لها واستمتعنا بالسياحة فى شوارعها الجميلة وببصمتها المميزة فى كل شىء بداية من مطاعم أسماكها اللذيذة وملوخية الجمبرى وحتى لهجتها المتفردة وحكايات أبوالعربى التى هم أول من يحكونها ويتندرون عليها، مروراً بلعب كرة التنس على شط البحر ومشاهدة الحريفة الضظوى والسنجق ومسعد نور، نداءات سوق السمك على أحلى شبار، قعدة الكورنيش على السلك أسفل قاعدة تمثال دليسيبس ونسائم البحر تداعبك وتطبطب عليك، مقاهيها أو بورصاتها المميزة المطلة على بحرها الهادر الصاخب وأسفل مبانيها الخشبية الأثرية، كل هذه البصمات نقشت وشم الخيال الخصب لمبدعى بور سعيد ذوى رائحة المسك الفنى البورسعيدى الخصب من أمثال الفنان محمود ياسين ومحسن سرحان وسيد الملاح وعبدالعزيز محمود وسكينة فؤاد وهالة سرحان ومحمد زيدان ويحيى العلمى وسمير العصفورى والشاعر عبدالرحمن شكرى والمؤرخ رؤوف عباس وأيقونة ثورة يناير جورج إسحاق وقديس السياسة الكاتب العظيم الراحل محمد السيد سعيد والفيلسوف العظيم فؤاد زكريا.. إلى آخر كل تلك الأسماء اللامعة فى دنيا الفن والصحافة والسياسة والعلم، لا بد أن نعرف أن بور سعيد ليست تلك الأسماء الغريبة التى نطقها القاضى فى حكم الإعدام الخاص بمذبحة استاد المصرى إنما هى التى كتب عنها معظم شعراء مصر والوطن العربى، تعالوا نستمع إلى الشاعر العراقى الكبير عبدالوهاب البياتى وهو يناجى ويكتب عن بور سعيد:
على رخام الدهر، بورسعيد
قصيدة مكتوبة بالدم والحديد
قصيدة عصماء
قصيدة حمراء
تنزف من حروفها الدمار
تهدر فى رويها المنتصر الجبار
صيحات فجر الثار
تطل من أبياتها بنادق الأنصار
وأعين الصغار
على جبين الشمس، بورسعيد
مدينة شامخة الأسوار
شامخة كالنار
كالإعصار
فى أوجه اللصوص
لصوص أوروبا من التجار
من مجرمى الحروب
وشاربى الدماء
عبر جدار الموت، بورسعيد
صامدة كالبحر
لا تنام
يخوض فى ساحاتها السلام
معركة الحياة
تحرسه بنادق الأنصار
وأعين الصغار.