تراخيص بناء الكنائس: بدأت بفرمان السلطان العثمانى و«مبارك» جعلها حكراً على رئيس الجمهورية
بناء الكنائس.. أزمة فى كل العصور
مع كل حادثة طائفية يظهر السؤال الأزلى «أين قانون بناء الكنائس؟»، والمتتبع لبناء الكنائس سيكتشف أن أول قانون وضع لبناء الكنائس فى مصر صدر فى فبراير 1856، بفرمان من السلطات العثمانى عبدالمجيد الأول الذى سمى بالخط الهمايونى والغرض منه تنظيم بناء دور العبادة فى جميع الولايات التابعة للدولة العثمانية، ويطبق على كل الملل والأديان غير الإسلامية، والذى جاء بعد أن ساعدت إنجلترا وفرنسا السلطان عبدالمجيد فى حربه على روسيا، واشتمل هذا القانون على 10 بنود، هى:
«الخط الهمايونى» أول تنظيم لترخيص بناء وترميم الكنائس.. و«القربى» سبب معاناة الأقباط فى ممارسة شعائرهم الدينية و«مبارك» نقل اختصاصاته فى 1998 للمحافظين فى إصدار تصاريح الترميم واحتفظ بحق البناء
«المساواة بين كل مواطنى الدولة العثمانية فى كل الحقوق والواجبات، ينتخب بطاركة (رؤساء) الكنائس من كل الملل وتكون فترة انتخابهم حتى مماتهم ولا يحق لأحد نزع سلطة البابا إلا من كنيسته على وجوب إبلاغ (إبلاغ فقط وليس أخذ الموافقة) من الباب العالى باسم البابا الجديد فى كل مرة، السلطان شخصياً وفقط له الحق فى ترخيص بناء وترميم الكنائس والمقابر الخاصة لغير المسلمين، إعفاء الكنائس من الضرائب أو المصروفات، تشكيل مجلس مكون من رجال الكنيسة (كهنة أو رهبان) ورجال من خارج الكنيسة (مسيحيين غير الرهبان والكهنة) لإدارة شئون الملة والمعروف باسم المجلس الملى العام (مثل المجلس الملى القبطى الأرثوذكسى والمجلس الملى الكاثوليكى، إلخ)، عدم إجبار أى شخص على ترك دينه، محو كل الألفاظ التى تمس فئة من الناس مثل الدين أو الملة، يكون حق التعيين فى مناصب الدولة المدنية والعسكرية للكفاءة بدون تمييز فى الدين، إلزام كل مواطنى الدولة بالخدمة العسكرية، تكون الدعاوى القضائية بين المسيحيين والمسلمين فى دواوين (محاكم) خاصة يرأسها قضاة من الطرفين».
ورغم ارتباط القانون بسمعة سيئة، فإن الكثير من القانونيين والأقباط يرون أن هذا القانون كان الأفضل للأقباط فلم يضع قيوداً، بل إن القس إبراهيم عبدالسيد فى كتابه «شعب واحد» والصادر عن مركز يافا للدراسات والأبحاث وصف الخط الهمايونى بالخط المظلوم وأنه بنظرة رجل القانون المحايد الذى يحكم بمعايير العصر الصادر فيه هذا الخط وجده يقر اسمى المبادئ وأرسى الأسس التى تقوم عليها العدالة.
ولم تواجه الدولة فى تلك الفترة أى مشكلة فى بناء الكنائس، إلا أن المشكلة تعقدت فى عهد الملكية بتولى عبدالفتاح يحيى باشا الوزارة فى سبتمبر 1933، حيث شغل عبدالفتاح منصب وزير الداخلية ورئيس الوزراء وعين «القربى باشا» وكيلاً له فى الداخلية، وفى فبراير 1934 وضع «القربى باشا» عشرة شروط لبناء الكنائس فى «مصر»، والتى تعتبر مسمار الأزمة حيث يراها الكثير من الأقباط مجحفة ورجعت مصر بها إلى التخلف، حيث نصت شروط القربى العشر على:
1- هل الأرض المرغوب بناء كنيسة عليها هى أرض فضاء أو زراعة، هل مملوكة للطالب أم لا، مع بحث الملكية من أنها ثابتة ثبوتاً كافياً وترفق أيضاً مستندات الملكية.
2- ما مقادير أبعاد النقطة المراد بناء كنيسة عليها عن المساجد والأضرحة الموجودة بالناحية؟
3- إذا كانت النقطة المذكورة من أرض الفضاء هل هى وسط أماكن المسلمين أو المسيحيين؟
4- إذا كانت بين مساكن المسلمين فهل لا يوجد مانع من بنائها؟
5- هل يوجد للطائفة المذكورة كنيسة بهذا البلد خلاف المطلوب بناؤها؟
6- إن لم يكن بها كنائس فما مقدار المسافة بين البلد وبين أقرب كنيسة لهذه الطائفة بالبلدة المجاورة؟
7- ما عدد أفراد الطائفة المذكورة الموجودين بهذه البلدة؟
8- إذا تبين أن المكان المراد بناء كنيسة عليه قريب من جسور النيل والترع والمنافع العامة بمصلحة الرى فيؤخذ رأى تفتيش الرى، وكذا إذا كانت قريبة من خطوط السكك الحديدية ومبانيها فيؤخذ رأى المصلحة المختصة.
9- يحرر محضر رسمى عن هذه التحريات ويبين فيه ما يجاور النقطة المراد إنشاء كنيسة عليها من المحلات السارية عليها لائحة المحلات العمومية والمسافة بين تلك النقطة وكل محل من هذا القبيل ويبعث به إلى الوزارة.
10- يجب على الطالب أن يقدم مع طلبه رسماً عملياً بمقاس واحد فى الألف يوقع عليه من الرئيس الدينى العام للطائفة ومن المهندس الذى له خبرة عن الموقع المراد بناء الكنيسة به وعلى الجهة المنوطة بالتحريات أن تتحقق من صحتها وأن تؤشر عليها بذلك وتقدمها مع أوراق التحريات.
وفى عهد النظام الجمهورى، أصبح حق منح بناء وترميم الكنائس لدى رئيس الجمهورية، إلا أن الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك أصدر قراراً جمهورياً رقم 13 لسنة 1998 فى 11 يناير 1998 بتفويض المحافظين فى سلطات ترميم وتدعيم الكنائس واحتفظ لنفسه بحق بناء الكنائس، قبل أن يصدر القرار الجمهورى رقم 453 فى 28 ديسمبر 1999 بإنهاء اختصاص المحافظين فى الموافقة على قرارات تدعيم وترميم دور العبادة وإحالة الاختصاص إلى مكانه الطبيعى وهو إدارات التنظيم والمبانى بالمحليات.