الإهمال يغتال الشواطئ.. ومصايف «الغلابة» رحلة عذاب لا تنتهى
إلقاء المخلفات على الشاطئ وسوء استخدام دورات المياه أسوأ عادات المصطافين برأس البر ودمياط الجديدة
«كرهنا الصيف بسببكم».. جملة تتردد على لسان العديد من أهالى الإسكندرية وغيرها من المدن الساحلية، التى تنتشر عليها الشواطئ العامة، بسبب سوء سلوكيات الكثيرين من مرتادى «مصايف الغلابة»، الذين يشكون من جانبهم بسبب الإهمال، الذى أصبح السمة الرئيسية لتلك الشواطئ، لتغيب معه كافة الخدمات والمرافق، بحيث أصبحت رحلة المصيف بمثابة رحلة عذاب لا تنتهى إلا بانتهاء الصيف. ودشن عدد من شباب الإسكندرية حملة للمطالبة بفرض غرامات لمنع التجول بالملابس الداخلية فى شوارع المدينة، وللسخرية من سلوكيات بعض المصطافين الذين يتجولون فى شوارع المدينة بـ«البوكسر» وغيره، فى أوقات الذروة ووسط أهالى المدينة، وتسبب هذا الأمر، إضافة إلى قيام المصطافين بإلقاء القمامة وتناول الطعام على الأرصفة والكورنيش، التى تحولت إلى مقالب للقمامة، فى إثارة غضب الأهالى. ونشر شباب الحملة مجموعة من الصور للمصطافين من داخل منطقة «المعمورة»، تحت شعار «احتلال المعمورة»، التى ازدادت حالتها سوءاً بسبب القمامة والأكل فى حرم الطريق والنوم على الشواطئ، فيما عبر أهالى المدينة عن حزنهم الشديد بسبب تصرفات المصطافين، والتى لا تحافظ على المدينة وتزيد من سوء حالتها.
مصطافون يطوفون شوارع الإسكندرية بـ«البوكسر».. والأهالى يصرخون: «كرهنا الصيف بسببكم»
وقال «بدر عبدالسلام»، أحد أصحاب الشاليهات فى منطقة المعمورة: «كرهنا الصيف بسبب المصطافين»، مشيراً إلى أنه وأسرته اضطروا إلى الهرب إلى الساحل الشمالى، بسبب المشاهد السيئة التى غزت كورنيش عروس البحر المتوسط، وأضافت «رباب حسنين»، إحدى سكان منطقة «ميامى»، أن الشباب يسيرون فى الشوارع بالملابس الداخلية غير اللائقة، ولا يراعون مشاعر الفتيات والسيدات، اللائى يخجلن من تلك المشاهد، وطالبت بـ«ردع» كل من لا يحترم النظام والآداب العامة فى الطرق.
وأشار «محمد عبدالرحمن»، من منطقة ستانلى، إلى أن المصطافين يستغلون وجودهم فى غير مدنهم، ويقدمون على أفعال يعاقب عليها القانون، ويرفضها المجتمع، وذلك لاعتقادهم أنهم فى مأمن من العقاب أو من افتضاح أمرهم، مطالباً بوضع لوحدات إرشادية على طريق الكورنيش، تحمل مجموعة من التعليمات للمصطافين وأهالى الإسكندرية، أبرزها احترام الذوق العام والعادات والتقاليد والآداب العامة. ومن جانبه، قال «محمد عيسى»، عضو حملة «يلّا ندعم سياحة بلدنا»، إنه «ليس من اللائق الهجوم على المصطافين بهذا الشكل»، وأكد أن السياحة الداخلية ليست سيئة لهذه الدرجة، مطالباً وزارة السياحة بتنظيم حملات توعية من شقين، الأول تعليم المصطافين الآداب العامة، والثانى تعليم أهالى المدن الساحلية كيفية التعامل مع ضيوفهم من المصطافين.
وتُعد مشكلة عدم وجود دورات للمياه وتراكم أكوام القمامة أبرز مصادر معاناة المصطافين على شواطئ «جمصة» بمحافظة الدقهلية، الذى يقصده الملايين من كافة المحافظات لقضاء إجازاتهم، وقال «عبدالرحمن غالى»، أحد المواطنين: «أقضى إجازتى فى مصيف جمصة، لكن هذا العام يوجد زحام شديد وعدم نظافة، سواء على الشاطئ أو بداخل المدينة، ورغم أننى أرى مجهوداً كبيراً من القائمين على المدينة للحفاظ عليها، لكن سلوكيات المواطنين هى السبب الرئيسى»، وأضاف: «المصيف مفتوح للجميع، ومن أكبر شواطئ مصر، ولذلك تجد الأسرة تأتى إلى المصيف ومعاها كافة أنواع المأكولات، أسماك، وحلة أرز، أو محشى، وفراخ، وغيرها، ويأكلون ويتركون البقايا، وكأنه لن يأتى أحد بعدهم إلى الشاطئ».
وصبت «سمية محمود»، ربة منزل، غضبها على سلوكيات المواطنين، بقولها: «يعلنون أن المصيف سيئ، فى حين أنهم السبب الرئيسى، ومن يشتكى من سوء حالة المصيف نجده يذهب إلى السوق ويشترى الأسماك، ويأتى بها إلى الشاطئ ليأكلها هو وأسرته، وبراميل القمامة على بعدة عدة أمتار منه، ولكنه لا يذهب إليها، ويترك مخلفاته على الشاطئ»، وأوضحت أن «هذا السلوك ليس سلوكاً جماعياً، ولكن بسبب شدة الزحام، فإنه لو هناك 10% فقط من المصطافين غير ملتزمين، فإن هذه النسبة ستطغى على الملتزمين، وتكون النتيجة ظهور الشاطئ بمظهر لا يليق بنا أبداً».
ومن جانبه، قال رئيس مجلس مدينة جمصة، محمد فريد الشيوى، إن «المواطنين يلقون القمامة فى أى وقت، وفى أى مكان، ولا يبالون بأى شىء، رغم وجود ورديات صباحية ومسائية للنظافة، إلا أننا نعانى من إلقاء القمامة فى جميع الأوقات»، ودعا المواطنين إلى أن يرفعوا دائماً شعار «حلوة يا بلدى»، وليس فقط لمدة أسبوع واحد فى العام، واختتم بقوله: «نحب بلدنا، ونريدها تكون حلوة طول العام».
وفى كفر الشيخ، لم يشفع فيلم «لحن الخلود» لواحد من أقدم وأشهر شواطئ مدينة «بلطيم»، لحمايته من الإهمال، الذى اغتال شاطئ «الفنار»، الذى اختاره المخرج هنرى بركات عام 1952، موقعاً لتصوير أحد أهم أفلامه «لحن الخلود»، الذى جمع فى بطولته كلاً من فريد الأطرش وفاتن حمامة وماجدة ومديحة يسرى، ليتحول الشاطئ بعد ذلك الفيلم إلى «قبلة» للفنانين والمشاهير، الراغبين فى الاستمتاع بالهدوء والمناظر الطبيعية الخلابة.
كما طال الإهمال عدداً من المعالم الأثرية والتاريخية على شاطئ بلطيم، ومنها «فنار البرلس»، الذى يُعد أقدم فنار موجود فى العالم، و«طابية عرابى» الشهيرة، التى شيدها السلطان صلاح الدين الأيوبى لصد الهجمات الصليبية المقبلة عن طريق البحر المتوسط، وقام الخديو إسماعيل بترميمها عام 1882، واستخدمها أحمد عرابى لصد هجمات الإنجليز، وما زالت «الطابية» تحتفظ بعدد من المدافع القديمة، وكميات من القنابل و«الدانات» كبيرة الحجم، والأوانى الفخارية التى تعود لسنة 1100، وعُُثر فيها قبل فترة على 3 مخازن للأسلحة، وأصبحت مطمعاً للصوص والخارجين على القانون.