بمقتل المعارض اليسارى شكرى بلعيد، دخلت تونس وبعد أحداث عنف متكررة عصر الاغتيالات السياسية واستباحة الظلاميين والمتطرفين لدماء المختلفين معهم. وإذا كان أهل الحكم والمعارضة يريدون تجنيب مصر الانزلاق إلى ذات الهاوية، عليهم البحث بجدية عن حلول للاستقطاب الحاد الراهن الذى أدخل العملية السياسية إلى نفق مظلم وأصبح يهدد بانهيارها بالكامل.
مجددا، أطالب رئيس الجمهورية بالاعتذار عن انتهاكات حقوق الإنسان التى ارتبكت ضد المصريات (التحرش الفردى والجماعى) والمصريين (القتل والتعذيب والسحل) والإعلان، بنفسه، عن وجود لجان قضائية للتحقيق فى الانتهاكات هذه ومحاسبة المتورطين بها وعن بدء إعادة هيكلة وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية. أطالبه وجماعته وحزبه بالكف عن إدارة الشأن السياسى والعام بانفرادية وبنزوع للهيمنة جاءا لمصر بدستور مشوه وبأخونة لمؤسسات الدولة وأجهزتها تقضى على مقومات الديمقراطية واحتفظا إلى اليوم بحكومة ضعيفة وغير فعالة.
مجددا، أطالب الجمعيات والجبهات الدينية وقوى الإسلام السياسى مجتمعة بكبح جماح خطابات التطرف التى تنتجها طائفة ظلامية متطرفة تتمسح بهم وتخرج يوميا على الأسر المصرية بمفردات التكفير والتخوين والتشويه وتلصقها بالسياسيين وممارسى العمل العام المختلفين فى الرؤية والرأى وتمهد بهذا لاستباحة دمائهم وتصفيتهم. أطالب شيوخ الهيئة الشرعية والجبهة السلفية والدعوة السلفية وجماعة الإخوان والجماعة الإسلامية والأحزاب السياسية الملحقة بهم بتفعيل وثيقة الأزهر لنبذ العنف والخروج العلنى على الرأى العام بدفاع واضح عن التعددية والاختلاف فى الرأى ورفض تكفير أو تخوين معارضيهم أو استباحة دمائهم. بعض هؤلاء تورط من قبل فى أعمال عنف وإرهاب وقتل، ويدعو اليوم لنبذ العنف حين يكون السياق هو الدفاع عن الرئيس الحالى، ويعود ويهدد بالعنف حين يكون السياق هو معارضة الرئيس وتحميله مسئولية الأزمة الراهنة. مثل هذا التأرجح خطير للغاية ويشجع الطائفة الظلامية على التمادى فى توظيفها بعض وسائل الإعلام لتكفير وتخوين المعارضين.
مجددا، أطالب قوى المعارضة والمجتمع المدنى والحركات الاحتجاجية بعدم انتظار مبادرات قد لا تأتى من الحكم والشروع فورا فى البحث عن مخارج وحلول للأزمة الراهنة. قبل أيام، طرحت فكرة مفادها أن تنظم المعارضة وبشراكة مع المجتمع المدنى مائدة مستديرة للحوار الوطنى تتحقق بها مقومات الجدية والنجاح وتناقش أزمتنا الراهنة ومضامينها الدستورية والسياسية والاقتصادية، وما زلت أراها فكرة قابلة للتفعيل. واليوم، أطالب المعارضة والحركات الاحتجاجية بالتأكيد على سلمية التظاهر والعمل الجماهيرى مع الاحتفاظ بمركزية التحقيق فى انتهاكات حقوق الإنسان وإعادة هيكلة الأمن.
واليوم، أطالب المعارضة بعرض رؤية متكاملة على المصريات والمصريين لإدارة شئون البلاد وتوضيح مجالات التناقض مع الإخوان والإسلام السياسى، دون إقصاء أو استبعاد لهم من السياسة والمجتمع.
مصر تواجه خطر الدولة الفاشلة وخطر انهيار العملية السياسية مع استمرار حالة الاستقطاب الراهن، ولم تعد بعيدة عن مرحلة الاغتيالات التى بدأت للتو فى تونس. دعونا ننقذ مصر ونتحمل مسئولياتنا ونحتفظ للمصريات وللمصريين بالأمل فى الغد الأفضل.