أقف كثيراً أمام الشخصية التى قدمها الفنان إبراهيم يسرى فى «فيلم ثقافى»، خاصة عندما يجلس وحيداً فى مرحلة ما بعد منتصف العمر، ويكتشف أنه لم يحقق شيئاً فى حياته سوى «جهاز فيديو» يعرض عليه ما يجمع المراهقين حوله.
أزمة إبراهيم يسرى فى الفيلم هى جزء من أزمة أكبر لمن هم على شاكلته، ممن انتظروا سنوات أن تأتى نصف فرصة.. بعضهم قدم أوراق اعتماده بأشكال لا تليق، وآخرون تبرعوا بأفعال لا يقبلها المنطق، ليجلسوا فى الصفوف الأولى لأماكنهم، لكن يشاء السميع العليم أن تتبدل الأحوال مع ثورة 25 يناير، فيعود اتحاد شباب إبراهيم يسرى إلى تقديم فناجين القهوة بأيدٍ مرتعشة، وهى معضلة حقيقية يعانى منها جيل من إعلاميين وكتاب كان أقصى طموح الواحد منهم ألا يشاهده إبراهيم نافع متسكعاً فى طرقات «الأهرام» فيسمعه «من المنقى خيار»، يلمحه موظف الأمن أثناء دخوله المبنى وحذاؤه ملىء بالأتربة (هل أخبرتك أن كاتباً يقدم نفسه الآن كمعارض «شيرس» خلع جاكيت بدلته ومسح به أرض المؤسسة بعد أن نظر إليه عامل النظافة من فوق لتحت، وظل يردد «والله الدنيا مطرة بره بس بلاش تجيب سيرة للأستاذ»؟).. لا يمكن الاستفاضة فى الموضوع ولا مقارنته بمقالاته التى تكتب فى إحدى الصحف اليومية تحت تأثير الفياجرا وتتضمن معلومات مغلوطة وتحليلات ستنتهى لو أن «من يوجهه» طلب منه أن يخف شوية.
لا أريد الحديث عن شخص بعينه يتصنع شجاعة متأخرة، لكنى فى الحقيقة أتعجب مما يكتبه أحدهم وقد كانت وظيفته الحقيقية فى عهد «عجيب عجب» عد الخرفان التى تصله فى موسم عيد الأضحى من رجال الأعمال ليمنع قلمه عنهم.. وذاق الأمرين بعد أن علمت قياداته فى المؤسسة أنه طلب من أحد ضباط أمن الدولة ترشيحه للجنة سياسات جمال مبارك، لا أريد التحدث عن ذلك ولا عن قيام بعضهم بضرب صديق عمره برجل الكرسى «وفتح له دماغه» لأنه شافه فى الحلم محذراً إياه من تكرار الحلم، ولا عن المعارض الآخر الذى ذهب ليهنئ رئيس مجلس الإدارة المعروف بكل موبقات فساد الأرض بعد عودته من أداء فريضة الحج فسمع من يقول له «حج مبرور وذنب مغفور» فشخط فيه شخطة هزت المبنى وهو يقول: «انت اتجننت.. هو الباشا عنده ذنوب؟».
أتعاطف بشدة مع مجموعة رؤساء التحرير فى مرحلة ما بعد إبراهيم نافع وإبراهيم سعدة وسمير رجب.. الخ، تلك المجموعة التى قدمت بعد سنوات تجاوزت الـ25 سنة من سيطرة الكبار على كل شىء، من علاقة مباشرة مع مبارك ورؤساء الحكومة والوزراء والأجهزة واستفادات أدبية ومادية، وظنت أن «الزهر لعب معاها»، وسيكررون نفس ما شاهدوه، وبدأوا فى صراع مبكر للتقرب من جمال مبارك ولا يكملون الخط المفتوح مع صفوت الشريف، لتأتى 25 يناير وتطيح بصفوتهم وجمالهم ومباركهم نفسه ويعودوا إلى صفوف الجماهير بخيبة الأمل جعلتهم يعانون من خلل فى تناول الأمور، لاحظ أن منهم من كان يكتب نفاقاً فى وسائل محسوبة على فلول مبارك وفى نفس الوقت على وسائل تمول من الإخوان.. لكن حمى السوشيال ميديا أصابت البعض بالجنون، و«إله اللايك والشير» على تويتر وفيس بوك أصابهم باللوثة، حتى إنهم صدقوا أنهم مناضلون رغم أن الأرشيف موجود.. وشهود العيان بخير.. لكن للأسف وقعوا فريسة ضمن ضحايا «المؤلفة لايكاتهم».
أعيد التأكيد من جديد.. أنا لا أقصد شخصاً بعينه، والكلام السابق قد ينطبق على أى شخص.. محمد.. على.. إبراهيم.. أو ما شابه من كائنات.