لا يقل تبرير جرائم القمع والعنف خطورة عن التورط فى ارتكابها، وعادة ما يرتبط وجود النظم القمعية بتشكل كتائب من مبررى جرائمها ينتشرون فى المساحات السياسية والإعلامية ويعتاشون على إنتاج وترويج خطابات التبرير والتنكيل المستمر بالمعارضين. وقد كان لنظام مبارك هذه الكتائب السياسية والإعلامية التى ارتبطت به عضوياً واختفت بسقوطه. واليوم، ودون إغفال لكون الرئيس الحالى الرئيس المدنى المنتخب الأول، تتبلور حول الدكتور مرسى كتائب سياسية وإعلامية جديدة تبرر لجرائم القمع والعنف ضد مواطنات ومواطنين يتظاهرون ويحتجون ويعارضون بسلمية ويجدون عنف الأمن المفرط وانتهاكات حقوق الإنسان فى مواجهتهم.
تتنوع المقولات التى توظفها كتائب الدكتور مرسى لإنتاج خطاب تبرير القمع والعنف والترويج له، من ادعاء الضرورة الثورية إلى النفى الكامل لوجود قمع وعنف وتوصيف الأحداث المختلفة فى بورسعيد والغربية وأمام قصر الاتحادية كدفاع شرعى عن الممتلكات العامة والخاصة. السياسيون والإعلاميون أصحاب مقولة «الضرورة الثورية» يرون معارضة الرئيس وسياساته ورفض ممارسات جماعته «ثورة مضادة» ومحاولة لقلب نظام الحكم تقف وراءها مصالح خارجية وداخلية «لا تريد لمصر الخير». لدى هؤلاء، إذن، لا قمع ولا عنف، بل مواجهة مشروعة لقوى «الشر» التى تريد إعادة مصر إلى الوراء. لدى هؤلاء، وهم يخرجون من حين إلى آخر على الرأى العام متباهين بتواصلهم مع الرئيس، لا صدقية لمحاولة دفع الرئيس للتراجع عن السياسات والإجراءات الاستبدادية ومنع «الجماعة» من السيطرة على مفاصل الدولة، فقط خطط شريرة لإسقاط رئيس منتخب والقفر على السلطة.
كتائب سياسية وإعلامية أخرى تروج لنفى كامل للقمع والعنف عبر مقولات تعميمية لا تقل رداءة عما اعتادت كتائب النظام السابق ترويجه لتبرير انتهاكات حقوق الإنسان. فلدى كتائب الدكتور مرسى ليس المواطن المسحول إلا مدعياً ومتورطاً فى مؤامرة تشويه نظام الحكم الصالح للرئيس المنتخب، وضحايا عنف الأمن خلال الأيام الماضية مجموعة من محترفى العنف ومن متلقى الأموال من الخارج والداخل لزعزعة الاستقرار. ودعونا نتذكر أن الشهيد خالد سعيد كان لدى كتائب نظام مبارك متعاطياً للمخدرات أو متاجراً بها ولم يرتكب الأمن جرماً بتعذيبه ثم قتله. ودعونا نتذكر أن ضحايا أمن مبارك لم يوصفوا إلا بكونهم خارجين على القانون وأصحاب أجندات خارجية وداخلية تريد قلب نظام الحكم.
ليس هكذا يتعامل رئيس منتخب مع القمع والعنف إن كان يبحث بالفعل عن الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، وليس هكذا نحقق أهداف الثورة التى يدعى باسمها وباسم ضروراتها اليوم ما يندى له الجبين.