جريمة القرن |شاهد الإثبات العاشر اللواء حسن عبد الحميد: حضرت اجتماع «فض المظاهرات بالقوة» والمحكمة استبعدت شهادتى
«اعتقدت أن شهادتى أمام المحكمة على حبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق ومساعديه الستة سوف تقتص لشهداء الثورة ».. بتلك الكلمات بدأ اللواء حسن عبدالحميد، مساعد أول وزير الداخلية السابق لقطاع تدريب قوات الأمن، وشاهد الإثبات التاسع فى «محاكمة القرن»، حواره مع «الوطن»، مؤكداً أنه فوجئ باستبعاد المحكمة شهادته، وتبرئة مساعدى العادلى من دم الشهداء، موضحاً أنه، خلال أحداث الثورة، طلب من العادلى عدم استخدام القوة، فسخر منه، وطالب بنقله لمديرية أمن القاهرة «عشان يشوف المظاهرات بتتفض إزاى»، حسب قول العادلى.
* كيف أصبحت شاهداً فى القضية؟
- فوجئت بالنيابة ترسل لى استدعاءً للمثول أمامها فى مارس 2011، وعندما ذهبت عرفت سبب هذا الاستدعاء، حيث قال اللواء عدلى فايد مساعد الوزير لقطاع مصلحة الأمن العام فى أقواله أمام النيابة، إننى المسئول عن قتل الشهداء.
* وماذا قلت فى تحقيقات النيابة؟
- قلت إن تعامل وزارة الداخلية يوم 25 يناير كان جيداً، عدا تعامل الشرطة بمحافظة السويس، حيث شهدت اشتباكات بين الأمن والثوار، أسفرت عن سقوط 4 شهداء وعشرات الإصابات، وفى يوم الخميس 27 يناير اتصل بى اللواء عدلى فايد واستدعانى لاجتماع عاجل مع وزير الداخلية حبيب العادلى، فحاولت التهرب لكنه أصر، فذهبت متأخراً، وعندما دخلت قاعة الاجتماعات وجدت اللواء أحمد رمزى مساعد الوزير لقطاع الأمن المركزى يستعرض خطته للتعامل مع مظاهرات يوم الجمعة 28 يناير، حيث قال إنه سيغلق مداخل ميدان التحرير بسيارات وتشكيلات الأمن المركزى، وسيتعامل مع المتظاهرين لمنع «مليونية الميدان»، التى نادى بها الدكتور محمد البرادعى، فقال له حبيب العادلى «هتقدر تسد ولا ننزل الجيش»، فرد عليه رمزى بأنه مستعد، وسيطبق الخطة 100، وهى حالة الاستعداد القصوى التى تستخدم فى الطوارئ.[Image_3]
* وماذا فعل حبيب العادلى بعد سماعه رد أحمد رمزى؟
- اتصل بالرئيس السابق وطمأنه، بأن المظاهرات ستنتهى الساعة 5 أو 6 مساء، وبعدها ستكون الأمور «تمام وتحت السيطرة».
* هل كان لك دور فى مواجهة المتظاهرين؟
- لا، لكننى عنّفت أحمد رمزى، وقلت له «يا أحمد متفتحش صدرك إنت قواتك اللى فى الميدان 20 ألف، فكيف ستقاوم 300 أو 400 ألف متظاهر، وكمان قواتك لم تنم منذ 3 أيام، وهنا تدخل أسامة المراسى فى الحوار وساندنى فى رأيى، لكن أحمد رمزى سكت قليلاً يفكر، وبرغم اقتناعه بكلامى، لم يقدر على الكلام حتى لا يظهر ضعيفاً عديم القدرة أمام حبيب العادلى الذى قال له «أنا هَحُط وسام على صدرك يا رمزى»، وأمره بصرف مكافأة تشجيعية للضباط والأفراد والعساكر من عنده، ويوم السبت سيصرفها له نبيل خلف، وقال له العادلى «يا رمزى استخدم القوة المفرطة مع المتظاهرين لضمان عدم وصولهم إلى ميدان التحرير».
* ماذا فعل باقى مساعدى العادلى الذين حضروا الاجتماع بعد سماعهم تعليماته لـ«أحمد رمزى»؟
- لم يعترضوا، لكننى رفعت يدى للاستئذان بالحديث، فسمح لى العادلى، فقلت له إنه فى يومى 18 و19 يناير فى ثورة الجياع استُخدمت القوة ولكنها قوبلت بالقوة ونزل الجيش، لذلك يجب عدم استخدام القوة وترك المتظاهرين فى الميدان وقواتنا توجد قريبة منه، فتكلم المساعدون وقالوا «دول غير متظاهرى 18 و19 يناير»، وقال حبيب العادلى بسخرية وتهكم «انقلوا حسن مديرية أمن القاهرة علشان يشوف المظاهرات بتتفض إزاى»، ولم ينفذ القرار لأنه كان يسخر من كلامى.
* هل انتهى الاجتماع على ذلك؟
- لا، فقد بدأ اللواء مرتضى إبراهيم، مساعد أول الوزير للمساعدات الفنية، الحديث، وقال «يا معالى الوزير تليفونات البلاك بيرى خلصت من السوق»، فقال له العادلى «قوم كلم وزير الاتصالات وقُل له اقطع الاتصالات»، فجلس بجوارنا وهاتف وزير الاتصالات، وبعدها اقترب من العادلى وهمس فى أذنه بكلمات لم يسمعها أحد، وفجأة غضب العادلى وقاله «اتصل تانى وقل له أنا قلت الاتصالات تتقطع»، فاتصل ثانية، فوافق وزير الاتصالات على قطعها فى بعض المناطق مع قطع الإنترنت، وعلمنا بعد ذلك أن لجنة الأمن القومى اجتمعت فى يوم سابق، وفوضت حبيب العادلى بإصدار أمر قطع الاتصالات، متى يرى ضرورة ذلك.[Image_2]
* وما هو دور مساعدى الوزير الذين حضروا الاجتماع؟
- أحمد رمزى وإسماعيل الشاعر كانا سيوجدان بميدان التحرير ليوجها القوات، وعدلى فايد سيبلغ تعليمات الوزير لمديرى الأمن على مستوى الجمهورية، فهو حلقة الوصل بينهم وبين الوزير.
* ماذا فعلت بعدما انتهى الاجتماع؟
- نزلت من الوزارة غاضباً، وقابلت العقيد محمد جلال الضابط بأمن الدولة والمسئول عن حراسة الوزارة، وقلت له «بكرة هنفشل فشل ذريع، إزاى 20 ألف ظابط وعسكرى هيواجهوا 300 أو 400 ألف متظاهر، دول هيضربوا العساكر والضباط وهيولعوا فى العربيات، وبعدها ذهبت إلى الإدارة العامة لشئون المجندين ودخلت مكتب مدير الإدارة وقلت له «شيل يافطة الإدارة ولبّس العساكر لبس مدنى أو استخدم علاقاتك مع الجيش وهاتلهم لبس عساكر جيش وانقل العربيات لقوات الأمن، لأن بكرة الدنيا هتولع فى التحرير والناس هتهيج على الشرطة»، وبالفعل نفذ مدير الإدارة الأمر وارتدى العساكر ملابس القوات المسلحة، ورفع اسم «اللافتة» والسيارات، وأرسلها إلى أكاديمية الشرطة، وهذا مثبت فى الأوراق والدفاتر الرسمية بالأكاديمية، والمقدم عصام شوقى، الضابط بالإدارة، كان حاضراً هذا الكلام وقاله فى النيابة والمحكمة، فهو الشاهد الثامن فى القضية.[Quote_1]
* وكيف تابعت الأحداث يوم 28 يناير؟
- كنت أتابعها فى مكتبى مع أحد القيادات الموجودة بميدان التحرير، حيث أخبرنى أن اللواءات إسماعيل الشاعر وأحمد رمزى وعاطف أبوشادى، مدير فرع جهاز أمن الدولة بالقاهرة، عقدوا اجتماعاً اتفقوا خلاله على اتصال الشاعر بالعادلى، لإبلاغه أنهم سيفضون المظاهرات بالقوة، وقد تم ذلك ووافق حبيب العادلى، فبدأ تجميع القوات من الساعة 12.10 حتى 1.30 ظهراً، واستخدمت العصىّ وخراطيم المياه والصواعق الكهربائية والقنابل المسيلة للدموع، واعتقلت الشرطة حوالى 1500 متظاهر، من بينهم نشطاء سياسيون وصحفيون داخل معسكرات قوات الأمن، لعدم وجود أماكن بأقسام الشرطة، وعندما اشتدت حدة الاشتباكات غادر الشاعر ورمزى وأبوشادى الميدان.
* وهل رصدت ما حدث فى الميدان؟
- نعم، ولكن بالصدفة، لأننى كلفت أحد ضباطى بتصوير ما يحدث فى الميدان، بغرض دراسته، لاستخدامه فى تدريب القوات على كيفية التعامل مع المظاهرات وفضها، واتضح من السيديهات قيام ضباط وعساكر شرطة بقتل المتظاهرين وكذلك دهس سيارات الشرطة للمتظاهرين.
* كيف شعرت وأنت تقف أمام المحكمة تدلى بشهادتك فى قضية حساسة ومحاكمة تاريخية؟
- أنا وقفت 4 ساعات كاملة أمام المحكمة، وقلت شهادتى لله وللتاريخ وللقصاص للشهداء الشرفاء، لكى لا يضيع دمهم هدراً، فأنا كنت مع الله، الذى جعلنى متماسكاً حتى قلت ما يمليه علىَّ ضميرى.
* كيف انتظرت سماع الحكم يوم السبت 2 يونيو؟
- كنت قلقاً، وعقلى توقف عن التفكير، فجلست أمام التليفزيون أتابع جلسة النطق بالحكم بكل اهتمام.[Quote_2]
* وبعد الحكم؟
- أصبت بصدمة، لكنى لا أعلق على أحكام القضاء، وأعتقد أن حسنى مبارك وحبيب العادلى سيحصلان على البراءة لو طعن أصغر محامٍ بالنقض على الحكم، ما دامت قوات الشرطة لم تستخدم أسلحة نارية، والمحكمة لم تطمئن إلى شهادة شهود الإثبات، وكذلك خلو أوراق القضية من أدلة كثيرة لإدانة المتهمين، ومن وجهة نظرى فإننى ألتمس العذر للنيابة والمحكمة، لأنهما عملتا فى القضية تحت ضغط شعبى، فالنيابة حققت فى ظروف صعبة من عدم وجود شرطة تتحرى وتقدم أدلة ثبوت.
* وما هو رد فعلك عندما سمعت القاضى يستبعد شهادتك؟
- شعرت بالإحباط، لأننى بسبب هذه الشهادة «أصبحت سيرتى على كل لسان فى وزارة الداخلية»، حيث يقولون إننى خُنت ولىّ نعمتى حبيب العادلى وأصبحت مكروهاً من جميع قيادات الوزارة ممن لهم مكتسبات غير مشروعة فى العهد السابق، وأجبرنى اللواء منصور عيسوى وزير الداخلية على تقديم استقالتى دون سبب فى 24 مايو 2011، ذلك بالإضافة لما أتعرض له من سباب، وتهديدات دفعتنى لمغادرة منزلى بمصر الجديدة والعيش بمنزل والدى فى روض الفرج، وكذلك البلاغات التى قدمت ضدى للنائب العام والكسب غير المشروع وتلفيق القضايا، حيث قالوا إننى أرسلت عساكر فى 2007 للعمل فى فيلا حبيب العادلى فى 6 أكتوبر، وأحالونى للجنايات، رغم أننى كنت أنفذ أوامر حبيب العادلى بصفته وزيراً للداخلية، بثلاث جنايات وجنحة، فيما حصل أداة تنفيذ أمر العادلى بقتل المتظاهرين السلميين على أحكام بالبراءة.
* لو قابلت حبيب العادلى.. ماذا ستقول له؟
- سأقول له «أنت قلت فى التحقيقات حسبى الله ونعم الوكيل فى حسن عبدالحميد، وأنا أقول لك: حسبى الله ونعم الوكيل فيك على اللى عملته فى شعب مصر، ودم شهداء الثورة فى رقبتك ليوم الدين، وقل لى يا ترى هتروح من ربنا فين».
أخبار متعلقة:
جريمة القرن.. الفاعل «مجهول» والمعلوم «شهداء»
جريمة القرن | رجال القانون: الشرطة لم تقبض على الفاعل الأصلى.. والنيابة لم تثبت وجوده على مسرح الجريمة
جريمة القرن| مصطفى الصاوى.. الميلاد والموت فى يوم واحد
جريمة القرن | محمود الخضيرى: النائب العام برىء من ضعف الأدلة.. ولا عذر للمحكمة
جريمة القرن | قضاة: كيف يدان محرض ويبرَّأ فاعل أصلى؟!
جريمة القرن | أحمد إيهاب.. دماء عريس الثورة تسيل على كوبرى قصر النيل
جريمة القرن | أحمد بسيونى.. علَّم طفله الهتاف للحرية فأصابه «القناصة» فى رأسه
جريمة القرن | «سرى للغاية».. صفحات من دفتر أوامر «الداخلية» بين يومى 24 و28 يناير
جريمة القرن | شاهد الإثبات الثامن: مساعدو «العادلى» أصحاب قرار مواجهة الثوار بالقوة
جريمة القرن| نصر الله: شهادة العيسوى متناقضة.. ووجدى حاول حماية العادلى ومساعديه
جريمة القرن | «إسلام بكير».. 5 رصاصات لقتل الحالم بالعدالة
جريمة القرن | الشهيد محمد على عيد.. الطلقة تسبق هتاف الحرية
جريمة القرن | كريم بنونة.. وزع «خبز الثورة» على المتظاهرين ورحل وهو يهتف: «سلمية سلمية»
جريمة القرن | المحظورات والخطايا فى محاكمة القرن
جريمة القرن | محمود قطب.. الشهيد ينتصر بعد معركة الأشهر الستة
جريمة القرن | نبيل سالم: شهادة المشير طنطاوي غير حاسمة .. ورفض المحكمة توجيه الأسئلة له لا يخالف القانون
جريمة القرن | المستشار زكريا شلش: «عبارة بالخطأ» فى شهادة سليمان أثبتت إدانة مبارك والعادلى
جريمة القرن | اللواء «الهلالى»: الحكم غامض.. والمحرض والفاعل شريكان فى الجريمة
جريمة القرن | الشهيد «المجهول».. رأى جنته فأغمض عينيه وابتسم