جريمة القرن | اللواء «الهلالى»: الحكم غامض.. والمحرض والفاعل شريكان فى الجريمة
فى ظل الأحكام التى صدرت ببراءة قيادات وزارة داخلية «العادلى» الستة، وقابلها الشارع بالرفض، بحثت «الوطن» عن دورهم فى أحداث ثورة يناير، وسألنا عن الضوابط التى تحكم الأوامر التى تعطَى لضباط الداخلية، ومتى يجوز لهم الامتناع عن تنفيذها، وبحثنا عن إجابة أسئلتنا عند اللواء نشأت الهلالى، رئيس أكاديمية الشرطة السابق، الذى أوضح بنصوص القانون التصور الأقرب لأحداث الثورة وتصرفات الداخلية تجاه المتظاهرين.
* كيف ترى حكم البراءة الذى حصل عليه مساعدو وزير الداخلية فى قضية قتل المتظاهرين؟
- لا شك أن ما حملته أوراق الدعوى ضد مبارك والعادلى هو شىء مغاير لما وُجه لمساعدى الوزير؛ لأن براءة اللواءات الـ6 لا أحد يستطيع تبريرها إلا بعد الاطلاع على حيثيات الحكم، التى أعتقد أنها ستودع فى أقرب وقت؛ لأن القضية حساسة ولا تحتمل الانتظار للمدة القانونية وهى 60 يوما.
* هل تعتقد أن هناك فاعلين لم يعاقبوا فى هذه القضية؟
- تلك النقطة لا يمكن حسمها دون دراسة الحيثيات واكتشاف الأسباب التى استند إليها القاضى فى تبرئة اللواءات الـ6، وأسباب إدانة مبارك والعادلى، لكنى أرى أن القانون يعاقب الشريك أو المحرض بعقوبة الفاعل الأصلى، لكن أين هذا الفاعل إذا حصل مساعدو الوزير على البراءة؟ لذلك لن يكشف عن هذا الغموض إلا الحيثيات.
* ما تقييمك للتعامل الأمنى مع المتظاهرين خلال أحداث ثورة يناير؟
- الأصل فى أى موقف يواجهه رجال الأمن أن تكون هناك تعليمات بالتصرف، وفى حالات المظاهرات أو الاشتباكات أو الأمور الطارئة، إذا كان هناك اتجاه عام نحو تصرف معين، فلا بد أن تكون هناك أوامر صدرت به من القيادات، لكن فى أحداث الثورة، الشرطة كانت أضعف من مواجهة المتظاهرين، ولم تكن هناك خيارات أمام أفرادها، خاصة بعد قطع الاتصالات، فكانت التصرفات فردية أو من خلال الاتجاه العام الذى ساد وقتها بين الضباط والأفراد.
* ماذا تعنى بأن الشرطة كانت ضعيفة؟
- بمعنى أن الأعداد التى كانت موجودة لم تكن كافية بالنظر لأعداد المتظاهرين، ونحمد الله أنها كانت كذلك؛ لأنها لو كانت تكفى لوقعت مجازر فعلية لا تُحمد عقباها، إلا أن الشرطة اضطرت للانسحاب فى النهاية.[Quote_1]
* على من تقع المسئولية الجنائية فى عمليات قتل المتظاهرين وإطلاق الرصاص الحى عليهم؟
- من أصدر أمراً من القيادات لضباط أو أفراد، ومن نفذها، كل منهما مرتكب لجريمة جنائية يستوجب عقابه عليها.
* وهل يمكن أن يمتنع ضباط الشرطة عن تنفيذ الأوامر التى صدرت لهم باستخدام السلاح النارى فى مواجهة المتظاهرين؟
- الضابط أو رجل الشرطة بشكل عام له أن يمتنع عن تنفيذ أوامر رؤسائه فى حال كونها غير مشروعة ومخالفة للقانون، وذلك طبقا للمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.
* ما الضوابط التى تحكم عملية استخدام السلاح النارى لرجل الشرطة بشكل عام؟
- هناك أحوال مقررة قانوناً لاستعمال السلاح، المادة 102 من قانون هيئة الشرطة تنص على أنه «يقتصر استعمال السلاح على الأحوال الآتية: القبض على محكوم عليه بعقوبة جنائية أو بالحبس مدة تزيد على 3 أشهر إذا قاوم أو حاول الهرب، وكل متهم بجناية أو تلبس بجنحة يجوز فيها القبض، أو متهم صدر أمر بالقبض عليه إذا قاوم أو حاول الهرب، وعند حراسة المسجونين فى الأحوال المنصوص عليها فى قانون السجن، وعند فض التجمهر أو التظاهر الذى يحدث من 5 أشخاص على الأقل إذا تعرض الأمن العام للخطر، وذلك بعد إنذار المتجمهرين بالتفريق ويصدر أمر باستعمال السلاح فى هذه الحالة من رئيس تجب طاعته».
* هل يستخدم رجل الشرطة السلاح فى أى من تلك الحالات حتى إذا كان التهديد أو الخطر المواجه له لا يحتاج ذلك؟
- المشرع لم ينكر حق رجل الشرطة فى استخدام القوة بالقدر اللازم لأداء واجبه بشرط أن تكون هى الوسيلة الوحيدة لتحقيق أهدافه المشروعة، مع عدم استخدام السلاح فى غير الأحوال المقررة قانوناً، وعدم القسوة مع أحد الناس أو الاعتداء عليه أو التسبب فى قتله.[Quote_2]
* هل هناك تعريف لمصطلح «استخدام السلاح» من وجهة نظر القانون؟
- استخدام السلاح فى القانون هو إطلاق النار منه، وليس إظهاره أو حمله فى اليد، فمثلاً فى بعض الأعمال الفنية الأجنبية، تجد الشرطى يبرز سلاحه أمام المتهم فى إشارة إلى أنه يستطيع إطلاق الرصاص عليه، وهو ما يجعل المتهم يفكر قبل ارتكاب أى محاولة للعنف أو الهرب أو المقاومة.
* يتدرج رجل الشرطة فى استخدام السلاح النارى، ما الخطوات التى يتبعها قانونا؟
- قرار وزير الداخلية الصادر فى عام 1972 بشأن استخدام السلاح النارى، المادة الأولى منه تنص على: «مع عدم الإخلال بحق الدفاع الشرعى عن النفس والمال، يتعين على أفراد هيئة الشرطة عدم استعمال السلاح النارى فى حالة القبض على محكوم عليه أو متهم أو متلبس، وإذا قاوم أو حاول الهرب تتبع الخطوات التالية: أن يوجَّه للمحكوم عليه أو المتهم إنذار شفوى بصوت مسموع باستخدام السلاح النارى إذا لم يكف عن محاولات الهرب، وإذا استحال وصول الإنذار الشفوى إلى مسمع المحكوم عليه أو المتهم، يكون إنذاره بإطلاق عيار نارى فى الهواء، وإذا استمر المحكوم عليه أو المتهم فى مقاومته أو محاولته الهرب يطلق عليه النار، كما يستخدم السلاح النارى عند صد أى هجوم أو مقاومة، مصحوبين باستعمال القوة لمنع فراره، ويشترط لاستعمال السلاح أن يكون رجل الشرطة أثناء تأدية وظيفته؛ أى أن يكون هو المكلف بالقبض أو الحراسة، أو إذا كان غير ذلك كوقت الاستراحة وفوجئ باستغاثة زميله مثلا بهروب متهم منه واشترك معه فى مطاردته فيتعين عليه استعمال سلاحه؛ لأنه فى مواجهة أحد الأشخاص الذين نص القانون على الحق فى استخدام السلاح فى مواجهتهم».
* ما ضوابط استخدام الأسلحة النارية فى المظاهرات؟
- فى حالة فض التجمهر أو التظاهر الذى يحدث من 5 أشخاص على الأقل ويهدد الأمن العام بالخطر، ينص القانون على «توجيه رئيس القوة إنذاراً شفوياً للمتجمهرين أو المتظاهرين يأمرهم فيه بالتفرق خلال المدة الكافية، مبيناً لهم الطرق التى ينبغى عليهم سلوكها لانصرافهم محذراً إياهم من أنه سيطلق النار إذا لم يذعنوا لهذه الأوامر، ويراعى أن يكون الإنذار بصوت مسموع أو بوسيلة تضمن وصوله لأسماعهم وأن يبين للمتجمهرين أو المتظاهرين وسائل تفرقهم خلال المدة المحددة لذلك، وإذا امتنع المتظاهرون عن التفرق رغم إنذارهم أو انقضاء المدة المحددة، يطلق النار عليهم وينبغى أن يكون ضرب النار متقطعاً لإتاحة الفرصة للمتجمهرين بالتفرق، ويراعى عند إطلاق النار أن تستخدم أولا البنادق ذات الرش الخفيف ثم الرش الثقيل فإذا لم تُجْدِ فى فض التجمهر، استخدمت الأسلحة النارية ذات الطلقات الفردية، فإذا لم يتفرق المتظاهرون تستخدم الأسلحة سريعة الطلقات، ويراعى الضرب على الساقين سواء بالضرب المباشر بالرش العادى على أرض صلبة قبل المتظاهرين بـ5 أمتار، أو إذا كانت الأرض رخوة يتم الإطلاق على الساقين مباشرة، ويجب أن تصدر الأوامر من الضابط المسئول وإذا لم يُعيَّن من قبل يكون الأمر من أقدم الموجودين بالخدمة».[Quote_3]
* هل طُبقت هذه القواعد فى مظاهرات ثورة يناير؟
- هذه القواعد رغم توافرها فإنها لم تُطبَّق، ولم يستخدم بعض رجال الشرطة حقهم فى استخدام السلاح.
* هل هناك قواعد أو أصول عرفية لاستخدام السلاح بالنسبة لرجال الشرطة؟
- هناك قواعد دولية، عبارة عن توصيات غير ملزمة، تحُض على عدم استخدام السلاح النارى؛ لأنه فتاك ويؤدى للقتل، والاستعاضة عنه بالأسلحة التى تسبب إصابات أو شللا للحركة، إلا فى حالات حرجة يتحتم فيها استخدامه بشرط ألا يوجد بديل آخر، مع الالتزام بالقواعد التى ذكرتها من قبل.
* ما الحالات التى يجوز فيها استخدام السلاح النارى ضد رجال الشرطة؟ وهل يحدث ذلك دفاعا عن النفس؟
- ينص قانون العقوبات فى المادة 248 على أنه «لا يبيح حق الدفاع الشرعى مقاومة أحد مأمورى الضبط أثناء قيامه بأمر بناء على واجبات وظيفته مع حسن النية، ولو تخطى هذا المأمور حدود وظيفته، إلا إذا خِيف أن ينشأ عن أفعاله موت أو جروح بالغة، وكان لهذا الخوف سبب معقول».
* هل يمكن الربط بين براءات الضباط فى قضايا قتل المتظاهرين وبراءة مساعدى «العادلى»؟
- المحكمة لم تفصح عن ذلك حتى الآن فى حيثياتها، لكن المادة 63 من قانون العقوبات تنص على: «لا جريمة إذا وقع الفعل من موظف أميرى فى الأحوال الآتية: إذا ارتكب الفعل تنفيذاً لأمر صدر إليه من قياداته، وإذا حسُنت نيته وارتكب فعلاً تنفيذاً لما أمرت به القوانين أو ما اعتقد أن إجراءه من اختصاصه»، وعلى كل حال، يجب على الموظف أن يثبت أنه لم يرتكب الفعل إلا بعد التثبت والتحرى، وأنه كان يعتقد مشروعيته، وأن اعتقاده كان مبنياً على أسباب معقولة، والقانون حدد أحوالا على سبيل الحصر، إذا توافر أحدها يبيح استخدام السلاح، وقرار وزير الداخلية إذا لم تتوافر هذه الحالات ولم يلتزم بالضوابط، أنها تعد جريمة جنائية توجب عقاب من أصدر الأوامر بها ومن نفذها.
أخبار متعلقة:
جريمة القرن.. الفاعل «مجهول» والمعلوم «شهداء»
جريمة القرن | رجال القانون: الشرطة لم تقبض على الفاعل الأصلى.. والنيابة لم تثبت وجوده على مسرح الجريمة
جريمة القرن| مصطفى الصاوى.. الميلاد والموت فى يوم واحد
جريمة القرن | محمود الخضيرى: النائب العام برىء من ضعف الأدلة.. ولا عذر للمحكمة
جريمة القرن |شاهد الإثبات العاشر اللواء حسن عبد الحميد: حضرت اجتماع «فض المظاهرات بالقوة» والمحكمة استبعدت شهادتى
جريمة القرن | قضاة: كيف يدان محرض ويبرَّأ فاعل أصلى؟!
جريمة القرن | أحمد إيهاب.. دماء عريس الثورة تسيل على كوبرى قصر النيل
جريمة القرن | أحمد بسيونى.. علَّم طفله الهتاف للحرية فأصابه «القناصة» فى رأسه
جريمة القرن | «سرى للغاية».. صفحات من دفتر أوامر «الداخلية» بين يومى 24 و28 يناير
جريمة القرن | شاهد الإثبات الثامن: مساعدو «العادلى» أصحاب قرار مواجهة الثوار بالقوة
جريمة القرن| نصر الله: شهادة العيسوى متناقضة.. ووجدى حاول حماية العادلى ومساعديه
جريمة القرن | «إسلام بكير».. 5 رصاصات لقتل الحالم بالعدالة
جريمة القرن | الشهيد محمد على عيد.. الطلقة تسبق هتاف الحرية
جريمة القرن | كريم بنونة.. وزع «خبز الثورة» على المتظاهرين ورحل وهو يهتف: «سلمية سلمية»
جريمة القرن | المحظورات والخطايا فى محاكمة القرن
جريمة القرن | محمود قطب.. الشهيد ينتصر بعد معركة الأشهر الستة
جريمة القرن | نبيل سالم: شهادة المشير طنطاوي غير حاسمة .. ورفض المحكمة توجيه الأسئلة له لا يخالف القانون
جريمة القرن | المستشار زكريا شلش: «عبارة بالخطأ» فى شهادة سليمان أثبتت إدانة مبارك والعادلى
جريمة القرن | الشهيد «المجهول».. رأى جنته فأغمض عينيه وابتسم