بما أننا قد صدرت ضدنا فرمانات الاغتيال من جماعات تدعى الجهاد ونصرة الإسلام، فأعتقد أننا أصبحنا أمام حائط سد ولم نعد نملك فرصة للاختيار، إلا فرصة واحدة وحرية وحيدة لنا فيها حق الاختيار، وأتمنى أن يسمحوا لنا بها وهى حرية كتابة جمل نختارها على شواهد قبورنا!، ولذلك أوصى الأصدقاء والأحباب بعد استئذان وكلاء الله الحصريين على الأرض والتفاوض مع المكفراتية ممن يحددون مواعيد الموت والحياة ولديهم صكوك الغفران ومفاتيح الجنة، أوصيهم أن يتركوا الأحباب ينقشون هذه الكلمات على شاهد القبر لنستمتع بحريتنا ونحن أموات بعد أن فقدناها ونحن أحياء:
■ عشق الحقيقة والحياة ولم يستطع الجمع بينهما فى وطن يخاف الأولى ويكره الثانية.
■ كل جريمته أنه حلم وكل جريمتكم أن النعاس أدرككم أثناء حلمه.
■ كان لا يخجل من الرقص برغم عكازه، ولا يخجل من الغناء برغم خشونة صوته المبحوح، ولكنه كان يخجل من أن أداءه كان فى مسرح خالٍ من الجمهور.
■ كان مجنوناً بالمطر، يقفز تحت السحاب فرحاً بنهاية القحط والجفاف، ولكن عندما لامست قدماه الأرض ابتلعته رمال الصحراء.
■ ارتحل فى أحداق الآخرين لعله يرى نفسه واكتشف أنه كان يبحث عن سراب، وأنه لا بد لكى يرى نفسه أن ينظر من ثقب بابه هو.
■ غمس رغيفه فى ملح الحزن وقرر الرحيل، لكن الزاد كان قد نفد والقدمان شلتا عن المسير، وجواده نكس الرأس فقرر الرحيل داخل شرايينه.
■ أحب علامات الاستفهام أكثر من نقاط الإجابة، خاصم اليقين وتصالح مع القلق.
■ كان يتمنى أن يحضر تعميد العقل فإذا به يحضر جنازته!، كان يتمنى العقل حاضراً كسمكة ملونة فى نهر حياتنا، فإذا به زبد غاب مع الموج.
■ أحب وأخلص وتألم ولكنه كان مقتنعاً بأنها أبجدية الحياة وشريطها الوراثى، ولكن ألمه المزمن القاتل تجسد حين اكتشف أن وطنه فقد الأبجدية وضاعت منه خارطة الطريق، وفقد عنوان الهوية وتبرع بعقله لتجار الروبابيكيا وسماسرة الخردة.
■ كان تخصصه علاج العقم، عاش عمره كله متوهماً أن العقم هو عدم القدرة على الإنجاب، لكنه اكتشف أن العقم الحقيقى هو عدم القدرة على الإبداع، على السؤال، على الحلم.