كنت دوماً أراهن على أحمد حلمى كصاحب أفكار جديدة طازجة وكفنان مثقف مغامر جرىء لا يخشى أن يقدم فيلماً ليست به إفيهات السوق الرائجة الضامنة للمكاسب الجاهزة والجمهور الكسول المتعود عليها، ولا يخاف أن يكون بطلاً لفيلم فكرته غريبة على المشاهد المصرى ومقتبسة بعناية من أفلام أجنبية وبعيدة عن التنميط المصرى المعتاد. لم يستقر فى جلده الفنى لمدة فيلمين، دائم التمرد ودائم البحث عن الجديد، ولكنه للأسف خذلنى فخسرت الرهان فى فيلمه الجديد «على جثتى». المنطقة الوسطى ما بين الحياة والموت وفرجة الميت وهو شبح أو خيال على ردود فعل أسرته وجيرانه وزملائه ليست أفكاراً جديدة، ولكننا انتظرنا من أحمد حلمى كعادته تناولاً جديداً ففوجئنا بإيقاع بارد يقع فى فخ المسرحية أحياناً مثل الحوار الطويل الممل الذى كان بينه وبين حسن حسنى فى المحكمة، وإذا كنت يا حلمى قد ارتضيت وارتضينا معك بفيلم مختلف خال من الإفيهات والبهارات فلا تظل تبحث عن إفيهات لا تتناسب إطلاقاً مع الشخصية الصعبة القاسية مع موظفيها فيغريك الإفّيه فتسقط فى فخه وتهزر فى موقف لا يحتمل الهزار مع موظف المفروض أنه يرتعش عند رؤيتك. للأسف الفيلم مفكك مرتبك، والسيناريو مهلهل، والإخراج مرتعش. أنا مشفق على السيناريست والمخرج اللذين يخطوان خطواتهما الأولى فى عالم السينما أن يُستخدما فقط لتنفيذ رغبات النجم، وهذه علامة خطر لا بد أن ينتبه لها حلمى الذى لا بد أن يركز فى جودة الأداء وليس فى السيطرة والتمكين الذى يشبه أخونة الدولة، فلا يصح فى الفن «أحلمة» الفن و«أحلمة» الفيلم!! ليس دور الممثل النجم أن يسيطر على مفاصل الفيلم من خبطة الكلاكيت حتى تصميم الأفيش، ومن الممكن أن أتجاوز كمشاهد عن بعض التفاصيل غير المبررة فى الفيلم تحت اسم الفانتازيا ولكنى لا أستطيع أن أتجاوز عن إيقاع السينما بسبب هذه الفانتازيا أو لأننى المفروض أن أبلع الزلط لحلمى لأنه فنانى الكوميدى المفضل. إيرادات الفيلم ليست مقياساً فى مصر على الجودة الفنية، وأعتقد أن حلمى يتبنى هذه الفكرة، فأرجو ألا يكون فيلم «على جثتى» بداية النهاية، ولكنى أرجو أن يكون بداية الانتباه لخطأ الانحراف عن طريق الإبداع والابتكار والتجديد الذى تعودنا عليه من فنان اسمه أحمد حلمى.