هو فيه إيه؟ الأصوات كلها من كل اتجاه تصدر تصريحات سوداء غامقة فى كل حاجة وعن كل حاجة.. مفيش جهة واحدة من جهات الكلام والتصاريح عندها حاجة إيجابية.. كله سلبيات وسواد وفساد وسرقة وإفلاس ومستقبل مهبب.. نحن نعيش، ما زلنا، فى حالة شهوة الكلام وشهوة الظهور الإعلامى والاستعراض «الفيس بوكى» منذ يناير 2011.. عشنا الكلام والفوضى الفكرية الهدامة ووصلنا إلى شهوة الخلاف، وكل أصحاب فكر سياسى وأصحاب لا فكر على الإطلاق وكل توجه وكتلة وهيئة وشلة أصبحوا أصحاب الحقيقة المطلقة واللى مايعجبوش كلام اللى جنبه ياكله فى وشه بالبوكس، ده لو ما لحقش يحل دمه.. عشنا الانشقاق والسباب والاتهام والكراهية والحقد والمصادرة على آراء الغير، ونحن فى الوقت ذاته نهتف للديمقراطية وثقافة الاختلاف، وجاء عام الإخوان الأسود وانتهى بثورة شعبية عظيمة احتوت بداخلها قواتها المسلحة وشرطتها المدنية وقضاءها وأزهرها وكنيستها.. ثورة وحدتنا عندما انتابنا الخوف من ضياع الوطن.. وزال الخطر بعد معاناة وحرب طاحنة ما زالت فى نهايتها، ولكن عدنا من التجربة بنفس شهوة الكلام والإعلام وإطلاق التصريحات، وهذه المرة بشكل مختلف تماماً، عدنا وبداخل كل منا محلل سياسى وخبير استراتيجى وفقيه دستورى ومفكر ثورى وعبقرى أمنى مخابراتى وخبير اقتصادى مصرفى نظمى رسمى، هذا غير خبراء الجغرافيا والتاريخ والسياسة ومحبى الوطن بشراهة لدرجة الهتاف بمصرية جزيرتى تيران وصنافير.. الأغلبية الآن يتحدثون عن مستقبل مظلم.. البلد فى طريقها للإفلاس.. المجموعة الاقتصادية فاشلة تودى بالبلد إلى الهلاك.. لا حل.. الدولار سوف يصل لعشرين جنيهاً على نهاية العام.. الطاقة أسعارها سوف تتضاعف على عام 2017.. هناكل بعض..
الدعم لا يصل لمستحقيه، خليه يرجع تانى يبقى دعم مادى.. لا، السلع أحسن.. مليون بطاقة مسروقة، وزير التموين ومنظومة القمح.. ومعركة حامية الوطيس قادها الزملاء الأعزاء أعضاء البرلمان الموقر ولكن بكثير من المبالغة، وفى المقابل قابلتها الحكومة بالكثير من الهدوء، ولا أقول البرود، وشعر الوزير بأن الحكومة فى ظهره فكان فى بعض الأحيان مستفزاً، ولكن التصعيد على المستوى الإعلامى كان كطلقات الرصاص فى رؤوسنا فسئمنا القمح وكرهنا الصوامع ولم نفهم حدود الموضوع فى النهاية، وجميعنا ينتظر حكم القضاء.. وفى وسط هذه «العركة»، ولا خناقات حرافيش نجيب محفوظ، تخرج علينا إحدى القنوات بتصريح بأن هناك تغييراً وزارياً محدوداً يشمل «الأوقاف والهجرة والصحة والسياحة والتعليم» مع «التموين»، ثم نكتشف أن وزير التموين استقال ولم يُقل.. مَن وراء هذا اللغو والأخبار المغلوطة والمقصودة غالباً؟!.. الحكومة تعمل وكتر خيرها، والهم تقيل، ولن تظهر بوادر اختلاف قبل مرور السنوات الأربع، والبرلمان يقوده الحماس إلى نقطة خطيرة فهو سائر فى طريق الرقابة إلى درجة أنه يقوم بدور الرقابة الإدارية والجهاز المركزى للمحاسبات وجهاز الكسب غير المشروع وأمن الدولة والمباحث، مع أن الدور التشريعى، وهو الأهم والأبقى للبرلمان، لم يظهر حتى يومنا هذا من كثرة الاستجوابات وطلبات الإحاطة والبيانات العاجلة، ولو فرضنا أن كل أعضاء البرلمان، وهم ستمائة عضو، انطلقوا خلف كشف الفساد فى مؤسسات الدولة وظلوا يعملون لمدة الخمس سنوات، وهى عمر البرلمان، هل بالفعل يستطيعون القضاء على الفساد؟ أم سيكون القانون والقانون فقط هو سلاح البرلمان فى محاربة الفاسدين والمفسدين؟ والأهم من ذلك أن الصورة التى تم تصديرها للشعب بقدر إيجابيتها فى نظر الناس بقدر ما صدر معها أن هناك حرباً طاحنة بين الحكومة والبرلمان، وأخشى أن يكون الخطر فى هذه الحالة على الطرفين وهما من المفترض أن يعملا معاً وليس ضد بعض، وأخيراً فقد صنعت المبالغة صورة سوداء بدلاً من أن تصنع صورة برلمان يخدم الشعب وبعد العاصفة سنعود مرة ثانية للمياه الملوثة وهى سبب الفشل الكلوى مع أن المياه الملوثة تسبب التيفود والدوسنتاريا، والأرز والقمح المستورد مسرطن، والبسطرمة تسبب العشى الليلى، والفراولة التى صدّرت لأمريكا مصابة بفيروس «سى»، على أساس أن الفراولة نقلت دماً مصاباً فى مستشفى حقير فى مصر وجالها فيروس «سى» وهى تأخذ عقار «السوفالدى»، وراحت وهى عيانة كده على أمريكا بملايين ملايين الأطنان.. ده غير الشباب المظلوم المحبوس، والأطفال اللى أخدوا سجن بتهمة ازدراء أديان، والسياحة اللى مش راجعة وماتصدقوش، ورجال الأعمال الأجانب يحزموا حقائبهم ويتركوا مصر بلا رجعة، والمشاريع تغلق أبوابها، وفلوسكم فى قناة السويس راحت على الأرض.. و... و.. يعود «البرادعى» وسط الزفة ويتوّت: «حلقة مفرغة ندور فيها: لا تقدم دون استقرار ولا استقرار دون توافق وطنى ولا توافق وطنى دون عدل ولا عدل دون ديمقراطية ولا ديمقراطية دون علم» والسؤال: تكرار كلمة «دون» دى تعود على مين؟!