بروفايل: أبو إسلام عقاب الرب
كالأسد الهصور نفذ من بوابة دار القضاء العالى مرتدياً جلبابه الباكستانى وتفوح من لحيته الكثة رائحة الطيب والعنبر، ثم هبط بجسده السمين على مقعد النيابة الإسفنجى، ولم يلبث أن وجه له المحامى العام تهمة سب الأديان وازدرائها حتى أخذ يزبد ويربد طائشاً بكلتا يديه يمنة ويسرة «مخلبى على أهبة الاستعداد سأخدش به من يقترب من دينى».. أنا 7 أسود فى بعض.. تركته النيابة يرغى وعندما جاءت لحظة سكونه قالت: قررنا حبس المتهم 4 أيام على ذمة التحقيق، فإذا بالأسد يتحول لنعامة، والنعامة لـ«فص ملح وداب».. أين ذهب الهصور؟ يجيب «ميسرة» نجله: اختفى أبى من المحكمة فى ظروف غامضة ولم نستدل على مكانه حتى الآن.. كيف وأين ذهبت المخالب؟.. قال إنه سيخلع «الجاكت» الخاص به للوضوء كى يصلى الفرض.. ثم نادوا عليه لكن الأسد «خلع» يُريد الاختفاء من المحكمة.. لكن هيهات..
«عكشته» قوة الضبط من ياقته لتدفع به إلى عربة الترحيلات وعلى سجن الاستئناف قذفوا بالشيخ وأغلقوا الأبواب.. قبض الشيخ على أسياخ الباب صارخاً مستنجداً: أيُفعَل بى ذلك فى زمان الإخوان.. إنه الذل والهوان.. ويموء: أهذا جزاء سنمار؟ كأن صدى صوت ضميره يرتد عليه فى زنزانته: الرب يعاقبك بعدما جئت شيئاً إدّا.. تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض هدّا.. وتبولت على كتاب مقدس وجرحت شعور إخوة لك فى الوطن.. لم يفعلها أحد من قبلك من المسلمين.. فعاقبك الله بأربع ليالٍ فى «العنبوكة» لتتطهر من ذنوبك.. واستغفر حتى ينجيك الله من الهم والكرب.. وإن استكبرت فسجن الدنيا وعذاب الآخرة.
صرخ فى زنزانته: أهكذا يعاقبنى «مرسى» بعدما أفتيت بجواز هدر دماء معارضيه.. كنت أريد أن أخلّص الإسلاميين من شرورهم، كالمسيح المُخلّص، كى ننعم بخير البلاد.. أجاب الصدى: ألم تسمع عن حرمة الدماء التى هى أشد حرمة عند الله من الكعبة.. هل «مرسيك» أشد حرمة من الكعبة.. ثم ألم تقرأ فى التاريخ وتعلم أن جزاء شيوخ السلطان مأواهم مزبلة التاريخ النتنة فى الدنيا والعار والشنار فى الآخرة؟ لقد طغيت يا أبوإسلام واستهزأت بإخوانك المصريين ورفعت حذاءك على المنضدة فى وجه الحضور والمشاهدين وصنعت من الأوراق أمامك مراكب تسفيهاً لرأى مخالفيك. طاف أبوإسلام زنزانته محاولاً بيديه إسكات الصوت المزعج، معانداً مستكبراً: اصمت اصمت لا تعرف أكثر منى. فجاءه صوت الضمير يباغته ويسأله: من أين جئت بالأموال.. والعير والنفير.. وكنت فقيراً تتكفف الناس.. بل وتسألهم إلحافاً؟