فى ظل البلاغات المتتالية للنائب العام ضد المرشح أحمد شفيق.. ماذا يحدث لو لم ينفذ قانون العزل ودخل «المذكور» الانتخابات وفاز بكرسى الرئاسة، ثم حكم عليه القضاء فى واحدة من التهم الموجهة إليه وأصبح رهن «الحبس»؟ كيف يمكن أن يواصل مهمته فى حكم الشعب الذى ارتضاه حاكماً؟ ربما كان الحل هو وضع الشعب كله داخل السجن الذى يوجد فيه «شفيق» حتى يتمكن من ممارسة سلطاته على من انتخبوه. الحل أن يدخل الشعب كله الحبس «فدا» الرئيس! قد يبدو الحل خيالياً، لكن لم لا؟! ودخول «شفيق» نفسه فى انتخابات الرئاسة هو ذاته واقع أعلى من أى خيال، فوجود الشعب تحت عين الرئيس داخل السجن هو الذى سوف يمكنه من تحقيق وعده للمصريين بتحقيق الدولة العصرية والخروج من دولة «نشفان الريق» إلى «دولة شفيق».
مؤكد أنك لم تكهّن بعد الكثير من العبارات التى كنت تسمعها أيام دولة «المخلوع»، وأبرزها: «من الضربة الجوية إلى الدولة العصرية»! موضوع الضربة الجوية معروف، ولكن ظهر فيه جديد بعد ترشح الفريق «شفيق» إذ اتضح أن الأخير هو صاحب هذه الضربة، كما يؤكد مناصروه، المهم هو موضوع الدولة العصرية التى يتشارك فى الحديث عنها كل من «المخلوع» و«المفروض»!.
ويعكس حديث الاثنين عن «العصرية» نظرة زمنية للدولة التى تمر بثلاث مراحل: الأولى هى مرحلة «الصبحية» ثم مرحلة «الضهرية» فمرحلة «العصرية»، وكل مرحلة امتداد لأختها التى تسبقها، فى «الصبحية» ولدت الدولة المصرية وعاشت وازدهرت فى العصر الفرعونى، ثم المسيحى ثم الإسلامى، لندخل بعدها مرحلة «الضهرية»، أيام حكم العثمانيين والمماليك حتى صدمة الحملة الفرنسية ثم تجربة محمد على، خلال هذه المرحلة قل عطاؤنا، لكنه كان موجوداً، وكانت المشكلة أن التعب عادة ما يدب فى الإنسان «الشغّال» ساعة «الضهرية» فيحن إلى الاسترخاء والتبلد.
ومنذ قيام حركة الضباط الأحرار بدأ الحكام فى إشاعة وهم أننا نطرق أبواب الدولة العصرية بالتنمية والتصنيع فى عصر عبدالناصر الذى انتهى بكارثة النكسة فى 67، ثم حدثنا السادات عن الدولة العصرية التى تأسست على «التهليب»، ثم المخلوع الذى أسس دولته العصرية على «الفساد»، وها هو شفيق يخرج من نفس السلسال ليحدثنا عن «الدولة العصرية» بعد أن حسم موضوع «الضربة الجوية» بأن «لطشها» من «معلمه» الذى سبق وسرق نصر أكتوبر من «معلمه» أيضاً، والواضح من تجاربنا مع موضوع الدولة العصرية التى تاجر بها الضباط منذ سنين أنها تعنى ببساطة الدخول فى ساعة «العصارى» بما تعنيه من رغبة فى النوم أو «التقييل» بمعنى الخلود إلى القيلولة، وكما تعلمون جميعاً أن النوم «سلطان»، لكنه عندنا غالباً ما يكون «رئيساً»!