أعترف بأننى أعشق السفر.. إنه اعتراف أعرف جيداً أنه سيكلفنى الكثير.. بدءاً من الجدل مع زوجتى حول محدودية الموارد المتاحة فى مقابل عدد الأسفار التى «أتلكك» لأقوم بها.. وانتهاءً -فى المعتاد- لاتهامى بعدم تحمل المسئولية وضرورة استيعاب أن المال الذى أنفقه على هذا السفر من حق أولادى..!
أعرف كل هذا.. ولكن يبدو أنه لا مفر من الاعتراف.. نعم.. أنا أعشق السفر.. وأتحجج بمؤتمرات «غير مهمة» فى بعض الأحيان.. وبأسباب واهية فى أحيان أخرى لأسافر إلى أى مكان، ولأى مدة زمنية حتى إن كانت ساعات قليلة.. وسأظل أعشقه حتى يمنعنى عنه ما هو أقوى من لوم زوجتى أو حتى توفير المال لمستقبل أولادى..!
ولأننى أسافر كثيراً.. فأنا أبحث دوماً عن أقل سعر ممكن للتذكرة.. وهو أمر أجده فى معظم الأحيان فى شركات طيران غير مصرية.. التى تستغل بدورها صالة ١ فى المطار القديم للسفر والعودة.. وليس صالة ٣.. التى تستحوذ عليها شركة مصر للطيران وحدها.. الأمر الذى يجعلنى أصبحت خبيراً بتلك الصالة.. الذى يجعلنى أيضاً أستغيث الآن بمن ينقذ مصر كلها من العاملين بها!.. بل ومنها كلها إن صح التعبير.
نعم.. لا توجد مبالغة من أى نوع.. فالصالة نفسها وبالعاملين بها هى أقسى مثال للفوضى يمكن رؤيته فى هذا البلد قبل الرحيل منه مباشرة.. وأسوأ صورة يمكن أن يستقبل به البلد مرحباً بمن يأتى إليه أيضاً.. الكراسى متهالكة.. الحمامات غير نظيفة باستمرار.. أمناء الشرطة فى قمة الفوضى.. بل ولا تفارق السيجارة فمهم باستفزاز مستمر فى كل مكان بها.. حتى تحت اللافتة التى تحظر التدخين بداخلها..!
لن أتحدث عن العمال الذين ينتظرون البقشيش من كل مواطن يمر عبر البوابات الإلكترونية حتى إن كان لا يحمل أمتعة تضطره للاستعانة بهم.. ولا عن الابتزاز الذى يقوم به أمناء الشرطة للأجانب.. أذكر صديقاً إسبانياً قد تعرض لابتزاز صريح من أحد الأمناء خلال سفره منذ عام مضى.. فقد هدده الأمين صراحة بأنه إن لم يعطه عشرين يورو فلن يدعه يلحق بطائرته.. مما جعله يوافق على منحه المال خوفاً منه لأنه -وبنص كلام صديقى- فى بلادنا نستعين بالشرطة لنواجه البلطجية.. فما بالك إن كان البلطجى يرتدى زياً رسمياً؟!
لن أتحدث أيضاً عن ضباط الجوازات بالصالة.. الذين يتميزون «بجليطة» غير مبررة.. وقلة ذوق فى التعامل مع المصريين بمختلف فئاتهم.. دون أن يحتاج الأمر أن أذكر أنهم لا يتحدثون الإنجليزية تقريباً.. مما يجعلهم فاقدى القدرة على التفاهم مع أحد من غير المصريين من الأساس!!
الصورة كلها دعاية سيئة للغاية.. والسؤال هو كيف تكون هذه الصورة فى الصالة التى تستضيف كل شركات الطيران العالمية تقريباً؟!
الطريف أن شركات عالمية مرتفعة المستوى، مثل الخطوط البريطانية والألمانية يتم استقبال رحلاتها فى هذه الصالة.. مما يجعل المقارنة بينها وبين الصالة التى تخرج منها الرحلات فى بلادهم غير عادلة بالمرة.. والأطرف أننا نمتلك صالة أكثر نظاماً وتنظيماً وهى صالة ٣...بل ونوفر لها عناصر بشرية أكثر كفاءة بكثير.. ولكننا نستحوذ عليها للشركة الوطنية فقط فى أنانية مفرطة.. مما يجعل الحكم على المطار ككل غير عادل.. ويجعل الاستفادة بها تنخفض للحد الأدنى!
الأمر يحتاج لوقفة سريعة.. وربما لاقتراح بأن تتحول تلك الصالة للطيران الداخلى فقط مثلاً حتى يتم إعادة تأهيلها لوجيستياً وبشرياً... فإذا كنا نبحث عن عودة للسياحة من جديد.. فصدقونى.. السياحة لن تعود فى صالة ١.. لن تعود أبداً!!