تمنيت بعمود الأمس أن تتمكن الأحزاب المدنية من أن تتغلب على الحسابات الضيقة وعلى الكثير من الصعوبات كى تصل لتمثيل متوازن لكتلتها داخل الجمعية التأسيسية.
تمنيت بالأمس أن يراعى تمثيل النساء والمسيحيين والشباب والمبدعين والمجتمع المدنى بصورة حقيقية، وألا يأتى التشكيل الجديد بتكرار لأخطاء التشكيل الأول بتهميش هذه القطاعات التى لا حياة للوطن بدونها ولا دستور متوازناً بغيابها. وللأسف يبدو أن بعض الأحزاب المدنية لم يلتفت لهذا.
تمنيت بالأمس أن نحسن اختيار الشخصيات العامة غير الحزبية وأن نراعى تنوع الطيف الفكرى والثقافى فى مصر. وللأسف تم تجاهل هذا الاعتبار إلى حد بعيد، تماماً كما رُفع من البداية نصيب الأحزاب بالجمعية إلى 39 بدلاً من 32 (كنا قد توافقنا عليها فى مشاوراتنا) وكأن الأحزاب هى المكون الأهم فى مجتمعنا!
تمنيت بالأمس أن تتمكن الأحزاب المدنية من التعامل بكفاءة مع محدودية المساحة المخصصة لها، والمحدودية هذه تعود لوضع ممثلى الأزهر والكنيسة
والهيئات القضائية والدولة على قائمة المدنيين. وفوجئت من خلال متابعة المشاورات أن أحزاب الوسط والبناء والتنمية ذات المرجعية الإسلامية أضيفت أيضاً للكتلة المدنية. ليس فقط أن الأزهر والكنيسة والقضاء سُيّسوا وحُسبوا على توجه بعينه وهو خطأ، بل انتُقص من المقاعد المدنية بإدخال أحزاب إسلامية عليها.
ويعنى هذا بوضوح الإطاحة بمبدأ المناصفة بين الأحزاب الإسلامية والمدنية التى تم الاتفاق عليها فى تشكيل التأسيسية والمستندة إلى قاعدة التصويت على نصوص الدستور لتمريرها أولاً بأغلبية 67 بالمائة ثم بأغلبية 57 بالمائة فى المرة الثانية. والهدف من المناصفة ومن قواعد التصويت لم يكن الوجاهة أو التعنت فى الموقف، بل ضمان الكتابة التوافقية للدستور.
تمنيت بالأمس أن نمتنع فى مجلس الشعب عن إصدار قانون لتحصين الإجراء الإدارى الذى سيشكل بمقتضاه الاجتماع المشترك لمجلسى الشعب والشورى الجمعية التأسيسية، وسجلت هذا الموقف مراراً علناً وفى مشاورات جمعت البرلمانيين المدنيين مع الأحزاب الإسلامية. ففى هذا مسعى لتحصين ما لا ينبغى أن يحصَّن وتغوّلٌ للسلطة التشريعية فى ممارسة اختصاصها. ثم فوجئت بأن مجلس الشعب وضع على جدول الأمس مناقشة قانون تشكيل التأسيسية.
مجدداً نتعامل مع جمعية الدستور التأسيسية على نحو لا يرقى لا لحق الوطن علينا ولا للطموح المشروع للمصريات والمصريين.