«صوت: معلومات كتيرة وببلاش.. صوت آخر: أعمل إيه عايز أشتغل.. الصوت الأول: إنت متأكد إنها مواقع توظيف؟.. كتير من المواقع دى وهمية الهدف منها جمع المعلومات بأى طريقة لاستغلالها ضدك وضد مصر».. هذا جزء من إعلان تم عرضه على بعض القنوات المصرية، يحذر المصرى «الغفلان» من الوقوع فى فخ الجواسيس. فمن غير أن يدرى يجلس مواطن عاطل أمام شاشة «الحاسوب» ليضع بياناته على موقع يزعم أنه مختص فى توظيف أمثاله، وهى بيانات تشمل الاسم والسن والمؤهل والحالة الاجتماعية، وربما شملت أيضاً: طوله ووزنه ومقاس قفاه، وغير ذلك من معلومات شديدة الخطورة يجمعها أعداء مصر ليضربونا بها على قفانا بعد التعرف على مقاسه!
ليس ذلك هو الإعلان الوحيد، وإنما هناك إعلانات أخرى شاهدتها تحذر المواطن صاحب اللسان «الزالف» من الكلام فى «الفارغة» و«المليانة» أمام أى غريب، مؤكدة على القول الشريف العفيف «لسانك حصانك»، فالمعلومة التى تستهتر بها يمكن أن يستفيد منها أعداؤنا، لذلك عليك أن تضحى من أجل بلدك حتى ولو اقتضى الأمر أن تظل عاطلاً مدى الحياة وتموت من الجوع ولا إنك تضر بلدك. وانطلاقاً من قاعدة «الوقاية خير من العلاج» ومأثورة «السلامة فى الصيانة»، أجد من الضرورى أن تلتفت هذه الإعلانات أيضاً إلى أن الخطر لا يكمن فقط فى العاطلين، فقد يقدم بعض المواطنين «الشغّالين» معلومات أكثر خطورة. فالمظاهرات الفئوية المطالبة بزيادة المرتبات توفر للعدو معلومات عن دخل المصريين ومستوى «عيشتهم»، ويزداد الأمر خطورة عندما يقف بعض هؤلاء المتظاهرين أمام عدسات التليفزيون ليحددوا حجم الزيادة التى يطالبون بالحصول عليها، وبحسبة بسيطة يستطيع الأعداء أن يحددوا المبالغ التى ترتع فى جيوب المصريين، وبالتالى حجم الغنائم التى يمكن أن يحصلوا عليها إذا خاضوا حرباً ضدنا!.
كذلك تعد الإضرابات فعلاً خطيراً يمكن أن يوفر معلومات مهمة للعدو، فإضراب عمال مصنع سيراميك - على سبيل المثال - يمكن أن يعطى أمارة للأعداء عن وجود مصنع ينتج هذه السلعة فى منطقة معينة، وإذا «هلفط» أحد المضربين بكلام عن حجم إنتاج المصنع فسوف يتمكن العدو من حساب عدد البلاط وحجم المبيعات وعدد الحمامات والمطابخ، والشقق التى يوجد بها حمام واحد والشقق التى يوجد بها حمامان، وحجم استثمار المواطن فى بيوت الراحة. وأخشى ما أخشاه أن يقوم العاملون فى بعض المجالات الخطيرة بمظاهرات فئوية أو إضرابات فيكتشف الأعداء المتربصون بنا السر الخطير «اللى خبيناه تلاتين سنة» وهو أننا بصدد إنتاج قنابل جرثومية وكيماوية، وساعتها محدش حينفعنا لما نلاقى طيران العدو يدك فى اليوم التالى واحدة من أهم محطات الصرف الصحى بـ «المحروسة»!