بالفيديو| أول «ضابطة» سودانية بالجيش المصرى: حلمت بالانضمام للقوات المسلحة المصرية منذ طفولتى
ابتسامات محمد عبدالله، هى صاحبة لقب أول «ضابطة» فى القوات المسلحة المصرية
ابتسامات محمد عبدالله، هى صاحبة لقب أول «ضابطة» فى القوات المسلحة المصرية، حينما التحقت كممرضة ضمن متطوعات أخريات، تقدمن لخدمة مصابى حرب فلسطين 1948، ورغم ولادتها فى محافظة بنى سويف، فإن جذورها سودانية من ناحية الأم. وفى حوارها مع «الوطن»، وبعد أن بينت كيفية حصولها على لقب أول «ضابطة» بالقوات المسلحة المصرية، تطرقت «ابتسامات» إلى رؤيتها للعلاقات السودانية المصرية، مؤكدة أنها تنظر إلى دولة السودان على اعتبار أنها قطعة أخرى من الأراضى المصرية، مشيرة إلى أن السودانيين دائماً ما ينقلون إليها شعورهم بالحب تجاه مصر وشعبها مهما كانت العلاقات بين البلدين.
ابتسامات عبدالله: أعتبر السودان قطعة من مصر.. وبدأت كـ«ممرضة» متطوعة فى حرب فلسطين
■ فى البداية، نود أن نعرف كيف التحقتِ بالقوات المسلحة لتصبحى أول ضابطة بالجيش المصرى؟
- كنت أشعر دائماً بالغيرة الشديدة من أسرتى، فجميعهم كانوا يعملون فى القوات المسلحة أو فى الشرطة، فقد كان زوج أختى ضابطاً بالقوات المسلحة، وكذلك كان لى شقيقان ضابطان، فضلاً عن والدى الذى كان يحمل رتبة «بكباشى» فى القوات المسلحة، لذلك تمنيت وقتها أن أكون أحد أفراد القوات المسلحة فى يوم من الأيام، وكان من المعروف عنى وأنا صغيرة أننى لحوحة جداً، وكنت دائماً ما أردد عليهم رغبتى فى أن أكون ضابطاً فى القوات المسلحة، وبالفعل قمت بتفصيل فستان جديد وقتها، ووضعت على أكتافه نجوماً من الخيط، وكنت ألبسه باستمرار، حتى إن شقيقتى الكبرى قلقت علىّ من ذلك خوفاً من أن يصيبنى أذى، إلا أن زوجها طمأنها وتركنى أرتديه وقتما أريد، وبجانب حبى للخدمة فى القوات المسلحة كنت أحب التمريض كذلك حباً كبيراً، حتى قرأت فى أحد الأيام إعلاناً فى جريدة كانت تسمى وقتها بجريدة المقطم، وكان ملخص الإعلان أن الهلال الأحمر قد فتح باب التقديم لقبول دفعة جديدة من الممرضات، وبالفعل سارعت إلى التقديم وتم قبولى، وكانت مدة الدراسة عاماً، تدربنا خلاله نظرياً وعملياً، وبعد أن انتهى العام بوقت قليل قرأت خبراً آخر فى الجورنال يقول إن القوات المسلحة فى حاجة إلى ممرضات متطوعات يخدمن فى مستشفيات القوات المسلحة من أجل المساعدة فى خدمة مصابى حرب فلسطين، وكان عمرى وقتها نحو 18 عاماً تقريباً، وانتهزت الفرصة وقدمت لأكون واحدة ضمن 75 ممرضة تم قبولهن، ولأن كشف الأسماء وقتها كان بترتيب الحروف الأبجدية، كان اسمى هو الأول على القائمة، ومن ثم كنت أول ملازم امرأة فى الجيش المصرى، وبعدها تم توزيعنا على المستشفيات المختلفة للقوات المسلحة.
أبى تزوج من أمى سودانية الأصل عندما كان فى بعثة للسودان.. وأنجب منها 7 أبناء.. وأتواصل مع أشقائى وأبنائهم هناك بشكل مستمر
■ ما أكثر الصعوبات التى واجهتك كامرأة داخل القوات المسلحة؟
- بعد أن تم توزيعنا على المستشفيات العسكرية، لم نكمل أسبوعاً واحداً، وتم إبلاغنا بأن هناك اجتماعاً غاية فى الأهمية لا يمكن لأحد أن يتخلف عنه، وأبلغونا فى الاجتماع أن الحرب قد اشتدت بشكل كبير فى فلسطين، وأخبرونا أنهم فى حاجة إلى 10 ممرضات يسافرن إلى ميدان الحرب، واشترطوا أن يكون الأهل موافقين على ذلك قبل السفر إلى الحرب، ولأن هذه كانت أمنية لى فتقدمت دون الرجوع إلى أسرتى، وأخبرتهم أن أهلى على علم وأنهم يوافقون على ذلك، وتم اختيار الـ10 ممرضات فى الاجتماع، وتحدد لنا موعد فى اليوم التالى من أجل السفر، ولما عرفت شقيقتى الكبرى بذلك غضبت غضباً شديداً، وكانت تريد أن تمنعنى، لولا أن زوجها أقنعها بأن تتركنى وحريتى، لأنه كان يعلم أننى أحب عملى حباً شديداً، وكان دائماً ما يشجعنى ويدفعنى إلى الأمام، ومن المفارقات أننى عندما سافرت وكنا فى مستشفى العريش فى انتظار القطار الحربى الذى سينقلنا إلى داخل غزة، جاءت أختى وزوجها إلى العريش، حيث نقلا من عملهما فى القاهرة إلى العمل فى العريش بمحض الصدفة.
■ العمل فى مهنة التمريض فى السلم تختلف عنها فى الحرب، فكيف كانت خدمتك فى ميدان الحرب؟
- لون الدم غالباً ما يكون مخيفاً بالنسبة للفتيات، لا سيما إن كانوا صغاراً مثلنا وقتها، وبلا شك كانت الحرب فى غاية الصعوبة بالنسبة لنا كنساء تعمل فى مهنة التمريض، إلا أن هذه الصعاب كانت تمر مرور الكرام على من تملك قلباً قوياً، فضلاً عن حبها لهذه المهنة، وأنا كنت أتسم بهاتين الصفتين، فقد كنت أحب مهنة التمريض داخل القوات المسلحة حباً كبراً، فضلاً عن جرأتى فى مثل هذه الأمور، ومن ثم لم أجد صعوبة فى التعامل مع الحالات التى كنا نعالجها فى الحرب، وعملت وقتها بكل حب وإخلاص.
قديماً كنا نحيى العلم بجملة «يعيش فاروق.. ملك مصر والسودان» والسودانيون يحبون مصر بدرجة كبيرة مهما كانت العلاقات بين الحكومات
■ أنتِ سودانية الأصل من ناحية الأم، فما علاقتك بدولة السودان الآن؟
- نحن أسرة كبيرة، تزوج أبى من أمى سودانية الأصل عندما كان فى بعثة إلى السودان، ولم يتزوج غيرها، وأنجب منها 7 أبناء، ولدوا جميعاً فى السودان، إلا أنا وشقيقى الأكبر ولدنا هنا فى مصر، حيث ولد هو فى محافظة القاهرة وولدت أنا فى محافظة بنى سويف.
■ هل هناك زيارات متبادلة بينك وبين الفرع الآخر من الأسرة الموجود فى السودان؟
- لم يتبق من أسرة أمى فى السودان إلا عدد قليل جداً، وهؤلاء يكاد يكون التواصل معهم منقطعاً، ولكن هناك إخوة لى فى محافظات عدة، أمثال الخرطوم، وأم درمان، وغيرها، وهؤلاء أتواصل معهم باستمرار، وهناك زيارات متبادلة فى بعض الأحيان، ومنذ فترة قريبة دعانى سفير السودان فى مصر إلى حفل كبير، وأبلغنى فى هذا الحفل أنه تمكن من الوصول إلى عنوان قبر جدى لأمى الموجود فى السودان، وأبلغنى أنه سيعمل على تجهيز الأوراق المطلوبة لسفرى إلى السودان فى أقرب وقت لزيارة القبر.
■ كيف تتابعين الأحداث فى السودان وما رؤيتك لما يدور هناك؟
- متابعتى للأحداث فى السودان عادة ما تكون من خلال نشرات الأخبار فى التليفزيون، أو من خلال مكالمات هاتفية أتواصل بها مع إخوتى وأصدقائى الموجودين فى السودان، ومن خلال متابعتى أكاد أجزم أن الوضع فى السودان سيئ للغاية، الأمر الذى جعل أغلبية السودانيين كارهين للأوضاع هناك، لا سيما أن السودان شهدت فى الفترات الأخيرة ارتفاعاً فى الأسعار بصورة جنونية وغير منطقية، وما نراه نحن هنا فى مصر من ارتفاع للأسعار لا يساوى شيئاً بجانب ما يراه السودانيون فى بلدهم، وأنا أتمنى أن ينظر الرئيس السودانى البشير إلى كل هذه الأمور جيداً ويعمل جاهداً على أن يصلح منها.
■ من خلال تواصلك المستمر والمتبادل بين مواطنين سودانيين سواء أقارب أو أصدقاء، فكيف يرون مصر فى ظل ما مرَّ به البلدان خلال الأعوام الطويلة الماضية؟
- السودانيون جميعاً فى ماضيهم وحاضرهم يحبون مصر بدرجة كبيرة جداً لا يمكن وصفها، ومهما كانت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، ومهما كانت طريقة تعامل الحكومات مع بعضها البعض، إلا أن السودانيين يكنون كل حب واحترام لمصر وشعبها، ودائماً ما يلجأون إليها ويترددون عليها كبلد آخر لهم فى شتى ظروفهم المختلفة، سواء كان الغرض العلاج فى المستشفيات المصرية أو التجول فى شوارعها المختلفة وزيارة معالمها، وهناك العديد من السودانيين الذين يكونون صداقات وعلاقات مع مصريين كثر، وكذلك الوضع نفسه بالنسبة للمصرين، فالعلاقة بين الشعبين المصرى والسودانى على مر التاريخ دائماً ما تحكمها محبة غير عادية.
■ الجالية السودانية فى مصر ليست بالقليلة، فكيف ترين حالها فى مصر، وكيف ترين تعامل الحكومة المصرية معهم؟
- أنا على تواصل مع كثير من السودانيين الذى يعيشون هنا فى مصر، وجميع من أعرفهم ينقلون لى حبهم الشديد لحياتهم هنا فى مصر، بل ويفضلون البقاء عن العودة مرة أخرى إلى السودان، ودائماً ما يشكون لى حال بلدهم، وسوء الأوضاع هناك، على العكس من الوضع هنا فى مصر، فضلاً عن تعامل الحكومة المصرية معهم، فهى تتعامل معهم على أنهم مواطنون مصريون.