محمود عمارة يكتب: ليلة القبض على مرسى «1»
ما أعادنى للكتابة بعد عام كامل.. هو هذا الحلم أو هذه الرؤيا، وعلى نفس السرير الذى حلمت فيه لمبارك قبل رحيله بأربعة أشهر بالضبط!!
رأيت فى هذا الحلم الجديد.. أن أهل المحروسة بعد أن اسودت عيشتهم واتخربت بيوتهم، وأظلمت الدنيا فى وجوههم وأهينت كرامتهم وفقدوا الأمل والحلم.. أنه فى صيف 2013 خرج المصريون بعشرات ومئات الآلاف يطاردون أى إخوانى وكل متطرّف سلفى فى كل مدن وقرى ونجوع مصر، وتم القبض على المئات من ميليشيات حماس الحاملين لبطاقات هوية مصرية.. بعد محاولات اغتيالهم بعض رموز المعارضة بدءاً من إبراهيم عيسى وعبدالحليم قنديل واختطافهم لتوفيق عكاشة وأحمد الزند.. وتفجيرات لسيارات محمود سعد، وعمرو أديب ولميس الحديدى، وعشرات سترد أسماؤهم فى التحقيقات لاحقاً، وبعد قتل 3500 مصرى ومصرية!!
عشرات ومئات الآلاف نزلوا فى كل ميادين مصر بعد الانقطاع الدائم للكهرباء وتوقّف كثير من الأفران، وبعد صدور حزمة قوانين مقيّدة للحريات، وبعد تفجير الإرسال بمدينة الإنتاج الإعلامى، وبدأت منظمات حقوق الإنسان تتحرك ضد هذا الغشم والاستبداد والديكتاتورية الدينية، فصدر قرار من الاتحاد الأوروبى بسحب السفراء وقطع العلاقات الدبلوماسية مع «مرسى»، وضغطوا على الولايات المتحدة للموافقة على نزول الجيش وتشكيل مجلس رئاسى انتقالى لعامين يتم خلالهما عمل دستور جديد.. وانتخابات حقيقية تحت إشراف دولى، ثم انتخاب رئيس للبلاد، ووافقت أمريكا خصوصاً بعد محاولة اغتيال الفريق السيسى وسفره عندهم للعلاج، وبعد رد الجيش بتفجير مقر إسماعيل هنية أثناء اجتماعه مع قيادات كتائب عز الدين القسام وقتلهم جميعاً!!
رأيت أيضاً فى هذا الحلم أو الرؤيا أن الشرطة بعد تعيين وزير داخلية آخر قد ألقت القبض على محمد مرسى بعد أسبوعين من اختفائه لدى أحد تجار المخدرات الذى كان معه بسجن وادى النطرون، وأفرج عنهم بمزاجه، وبالمخالفة للقانون!!
وبما أننى خريج حقوق القاهرة ولست من خريجى الزراعة كما يتصور البعض من كثرة ما كتبت عن الزراعة، فقد وجدت نفسى فى هذا الحلم أننى المحقق مع المتهم محمد مرسى!!
الملايين فى الشوارع منقسمون.. نصفهم يطالب بإعدامه فى ميدان التحرير ومعه من تم القبض عليه من مكتب الإرشاد الذى أحرقه المتظاهرون، والنصف الثانى يقول: لا.. يجب ألا نكرر الخطأ.. وعلينا بمبدأ المصارحة والمصالحة حتى نتمكن من بناء بلدنا بسواعد وعقول وتعاون كل المصريين بمن فيهم الإخوان العاقلون والسلفيون المعتدلون.
المحاكمة بقاعة المؤتمرات، والشرطة العسكرية تأتى به فى طائرة عسكرية، مقيداً بالكلبشات، وبدا وجهه مسوداً والكدمات وأثار الدماء ظاهرة أثناء القبض عليه بعد أن خلّصوه من أيادى المواطنين بصعوبة بالغة، ولولا الشرطة العسكرية للقى مصير القذافى!!
المفاجأة كانت فى حضور عشرات من المحامين المصريين لحقوق الإنسان: (نهاد البرعى - أمير سالم - ناصر أمين وغيرهم) بعد أن رفض كل محامى مصر الدفاع عنه بمن فيهم فريد الديب!!
أمام المحامين قلت له: إنت الآن مقبوض عليك.. وأقل جريمة فى لائحة الاتهام الـ28 ستؤدى بك إلى حبل المشنقة.. فإذا كنت راغباً فى المصارحة والمصالحة فما عليك إلا أن تعترف بكل ما جرى من 25 يناير وأثناء الثورة وحتى ليلة القبض عليك. «مرسى»: يتلجج ويتمت.. ويضع يده على وجهه بعد أن تكسّرت نضارته أثناء اعتقاله.. ثم دخل فى نوبة بكاء.. وبعد أن أنهى على علبة المناديل التى كانت أمامى.. قلت له: هاه، هتعترف ولّا..
فقاطعنى قائلاً: شوف يا سعادة الباشا: أنا عمرى ما حلمت أكون حتى رئيس جامعة.. وأديكو شفتم أنا ماكنتش مرشح نفسى.. بس همه الله يجازيهم، همه اللى عملوا فيّا كده، وأنا قلت لهم ننتظر 4 سنوات نجهز نفسنا ونعرف الدنيا ماشية إزاى.. قالوا: لأ دى فرصتنا والتنظيم الدولى شايف إن إحنا ناخد الناس على مشمّهم، واضرب الحديد وهو ساخن، وآدى النتيجة!!
ثم عاد للبكاء.. وقال: خلاص أنا هاعترف بكل حاجة بس عايز أصلى ركعتين على روح ابنى اللى قتلوه أول يوم فى رمضان، ابنه (بتاع «هاقلعك الميرى وأقعدك جنب أمك»).. ولا يعرف أن ابنه الثانى (الشهير بـ«يا بغل») فى غرفة الإنعاش بعد مطاردة آلاف الشباب له عند محاولته الهرب إلى غزة!!
نفتح التليفزيون المصرى بعد تعيين أسامة الشيخ مسئولاً عنه لنسمع عن:
- عودة الفريق شفيق وبصحبته ابن المرحوم الشيخ زايد الذى يقدم لمصر شيكاً بخمسة مليارات دولار، وشفيق يعلن عدم ترشّحه لأى شىء وأنه فى خدمة مصر كمتطوع.
- عمرو موسى يقابل ميركل وهولاند.. ويلقى خطاباً بمقر الاتحاد الأوروبى يطالبهم بتبنى مشروع شبيه بمشروع «مارشال»، ويحيى مبادرة «دوفيل» أم 9 مليارات.
- الإفراج عن حسنى مبارك، والسعودية والكويت تتعهدان بالمساعدة، واجتماع لدول مجلس الخليج.
- ساويرس يصل القاهرة ومعه بيل جيتس وعشرات من المستثمرين العالميين.
- اتحاد الصناعات وجمعيات رجال الأعمال تعلن عن تبرعات لمصر بقيمة 2 مليار جاهزة.
- البرادعى يسافر للقاء أوباما، مطالباً بدعم مشروع «مارشال» العربى والمقدّر مبدئياً بخمسين مليار دولار، والكونجرس يبحث.
- الجاليات المصرية بالخارج تجتمع وتقرر المشاركة الفاعلة بالدعم وزيادة التحويلات والاستثمار على أراضى وطنهم الأم.
- ومجموعة من اقتصاديين مصريين تتقدم للرأى العام بمشروع اقتصادى ومشروع اجتماعى لنهضة مصر فى كل المجالات.. و.. و.. إلخ.
ونستكمل التحقيق واعترافات محمد مرسى الأسبوع المقبل..