إن توافرت الإرادة السياسية لدى الحكم، تستطيع مصر الآن تطوير علاقات التعاون الاقتصادى والتجارى والتكنولوجى مع الهند. سفير مصر النشيط فى نيودلهى، السفير خالد البقلى، حدثنى عن التقدم المذهل للهند فى مجالات متعددة من بينها الصناعات الثقيلة وتكنولوجيا المعلومات وإطلاق الأقمار الصناعية والصناعات الدوائية، وعن مذكرات تفاهم للتعاون بين البلدين ستوقع أثناء الزيارة الحالية لرئيس الجمهورية.
إن توافرت الإرادة السياسية لدى الحكم ومجتمع الأعمال، يستطيع القطاع الصناعى والاستثمارى المصرى البحث عن منافذ إلى السوق الهندية الهائلة (مليار و200 مليون نسمة وطبقة وسطى يقترب عددها من 350 مليون نسمة).
يتكالب الأمريكيون والأوروبيون والصينيون والنمور الآسيوية على السوق الهندية، ويمكن لبعض الصناعات المصرية (المفروشات والسيراميك كما أكد لى وبعد دراسة السفير البقلى) المنافسة على حصة حقيقية فى السوق الهندية لو تحركت بسرعة.
إن توافرت الإرادة السياسية لدى الحكم، تستطيع مصر أن تنفتح على تجربة الهند فى تطوير النظم التعليمية والبحث العلمى.
خلال السنوات الأخيرة، حققت الهند طفرة تكنولوجية ومعلوماتية رائعة وارتكزت فى هذا إلى نظم تعليمية حديثة واستثمار فى البحث العلمى عماده القطاع الخاص.
«النظر شرقا» بهدف تحديث التعليم والبحث العلمى فى مصر ضرورة وفرصة ذهبية للإفادة من تجارب تختلف عن الحالات الأمريكية والأوروبية محدودة الصلة بواقعنا.
إن توافرت الإرادة السياسية لدى الحكم والمعارضة، نستطيع دراسة مقومات نجاح الهند فى بناء ديمقراطية تستند إلى سيادة القانون وتداول السلطة وصندوق الانتخابات على الرغم من معدلات الفقر والأمية المرتفعة والنظم المجتمعية المقيدة للحريات والضاغطة على المساواة بين المرأة والرجل.
نستطيع أيضاً، وهنا ينبغى على الأحزاب الوطنية الليبرالية واليسارية التحرك دون انتظار، الإفادة من خبرة الهند بشأن التعامل مع الفساد السياسى والمؤسسى وإدارة التحديات التى تفرضها أحزاب اليمين الأيديولوجى والدينى على الممارسة الديمقراطية.
دون انتظار لإرادة سياسية قد لا تأتى، يمكن للجماعة الفكرية والأدبية والبحثية المصرية التواصل مع نظيرتها الهندية والتأسيس لمنتدى دائم يناقش الفكر والفلسفة والدين والسياسة والاقتصاد والبحث العلمى والفن.
للهند عمق حضارى يبهر وخبرات إنسانية ومجتمعية تراكمت وعبّرت عن نفسها دوماً فى ثراء وتنوع فكرى وثقافى ودينى، وانفتاحنا على «أم العجائب» سيضيف لنا وربما ينقذ إنسانيتنا التى يهددها وجودياً ما آلت إليه الأوضاع فى مصر.