دليل المواطن احتار فى الطرف الثالث، مرة خرج علينا السيد عمر سليمان فذكر -ضمن شهادته فى محاكمة المخلوع- أن عناصر أجنبية دخلت البلاد وقامت بقتل المتظاهرين، ثم عادت بعد ذلك إلى قواعدها سالمة، على أساس أن جهاز المخابرات لدينا «انتساب» وليس «انتظام»، وهى الرواية التى سبق وحكتها «الشريفة ماجدة»، وكشفت لنا فيها سر المركب التى كانت آتية من بعيد من قلب النهر العظيم تحمل «الرجالة» الأجانب الذين قتلوا المتظاهرين، وأخيراً خرج علينا المرشح «الصوفى» أحمد شفيق ليقول لنا إن الطرف الثالث هو جماعة الإخوان المسلمين وأنهم قتلوا الشهداء.
المثل المصرى يقول: «الكلام معلهوش جمرك»، وبالتالى فرقع ألفاظ كما تحب واضمن أن أحداً لن يحاسبك، هل سأل القاضى أحمد رفعت اللواء عمر سليمان عما يثبت كلامه عندما قال إن أجانب دخلوا البلد وقتلوا المتظاهرين، يكفى جداً أن اللواء حلف يمين الله بأن ينطق بالحق ولا شىء غير الحق، فضمير المحكمة ليس كضمير بعض المصريين الذين يرون أن «الحلفان» مفتاح الفرج بالنسبة لأى شخص «محصور»، هل راجع أحد الشيخة «ماجدة» عندما أكدت فى بيان صدر عنها -عقب الحكم على مبارك- أن المخلوع مش تخصصه يحمى المتظاهرين -هكذا بالحرف- على أساس أن تخصصه فيما يبدو هو «قتلهم»، وأضافت أن الأوامر لم ترد بعد بأن يترأس جمهورية مصر العربية شخص آخر بعد «المخلوع»؛ لأنه لم يصدر أمر إلهى أو أتتها رؤيا من النبى صلى الله عليه وسلم تقول بوجود رئيس لمصر بعد مبارك، و«الكلام إلك يا جار»، والجار هو المرشح الصوفى أحمد شفيق الذى أصبح مطالباً الآن بأن يجرى حواراً مفتوحاً مع الشريفة ماجدة ويراضيها ويؤكد لها حبه العميق للشريف مبارك حتى يأتيها التليفون بتعيينه، وقد يشفع له ما سبق وذكره من أنه رجل صوفى وشريف وأن الصوفيين -وهذا حق- يؤيدونه رئيساً لمصر ليقدم لنا نموذجاً معاصراً للحلاج وبشر الحافى!
لا أحد يستطيع أن يراجع صوفياً فى كلامه، فالصوفية يأتيهم الخبر من السماء، كما أكدت الشريفة ماجدة، وبالتالى فشهادة الفريق «شفيق» التى طلبتها المحكمة سوف تكون حاسمة فى قضية موقعة الجمل، وإذا كان كلام الشخص العادى - غير الصوفى- ليس عليه جمرك، فكلام الصوفى هو الجمرك نفسه الذى يستطيع أن يسجن هذا ويغرّم ذاك، وبناء عليه يتوجب على الإخوان أن يرضوا بتهمة الطرف الثالث المسئول عن قتل شهداء الثورة وبالعقوية التى سوف تقرر عليهم؛ لأنه من الممكن اتهامهم أيضاً بقتل شهداء ماسبيرو ومحمد محمود واغتيال الشيخ حسن البنا وإعدام الشهيد سيد قطب.. و«قضا أخف من قضا»!