هروب 6 مساجين، يتردد أنهم سياسيون، من سجن ترحيلات المستقبل بالإسماعيلية، ثم استشهاد العميد عادل رجائى قائد الفرقة التاسعة مدرعات أمام منزله بمدينة العبور، أمر يثير الحيرة.. هل ثمة علاقة ما بين الواقعتين؟
لا يستطيع أحد أن يحسم هذا الأمر، لكن الحدثين -لكى نكون صرحاء- يضعان العديد من علامات الاستفهام على أداء وزارة الداخلية. فمن المعلوم أن السيطرة على سجن المستقبل خلال عملية تهريب المساجين تمت بمعرفة قوات من الجيش تدخلت بعد عجز قوات تأمين السجن عن السيطرة، ولعلك تابعت ما نشرته بعض التقارير عن تسريب سلاح إلى المساجين الهاربين استخدموه خلال عملية الهروب. بعد هذه الواقعة بساعات شهدت مدينة العبور جريمة اغتيال العميد الشهيد، حيث قام عدد من الملثمين بتنفيذ العملية صباح السبت الماضى ثم لاذوا بالفرار.
فى كل المواقف تلجأ وزارة الداخلية إلى نشر الكمائن وسد المداخل والمخارج فى منطقة الجريمة، وتعلن أنها ستقوم بضبط الجناة خلال ساعات، لا بأس، لكن هذا الكلام نسمعه وذلك الانتشار يحدث بعد كل عملية، ولست أستبعد أن نستمع خلال الأسابيع المقبلة إلى عدة أخبار متتالية عن عمليات قبض أو قتل لمتورطين فى اغتيال العميد عادل، بعدها سوف تهدأ الأمور، ويعود كل شىء إلى ما كان عليه من استرخاء، يستغله الإرهابيون فى تنفيذ عملية جديدة، وهكذا. أستوعب تماماً حجم الجهد الذى تبذله وزارة الداخلية، لكن وقوع عمليات نوعية بحجم وثقل عمليتى الإسماعيلية والعبور يفقد هذا الجهد الكثير من قيمته، العمليتان كبيرتان ولا ينبغى العبور عليهما بأى قدر من الاستخفاف، خلال المرحلة الدقيقة التى تمر بها البلاد حالياً.
وزارة الداخلية مطالبة بالإسراع فى البحث عن الأسباب التى أدت إلى العجز عن السيطرة فى واقعة هروب مساجين «المستقبل»، والفشل فى تأمين قيادة كبيرة، وتمكين رصاصات الإرهاب من الوصول إليها فى عز النهار. على المسئولين بالوزارة أن يسألوا ويجيبوا عن الأسئلة الآتية: هل ثمة اختراقات معينة لأجهزتها.. وما مصدرها.. وما الكيفية التى سيتم التعامل بها معها؟. وهل هناك وعى كافٍ بفكرة «الأمن غير المحسوس»، خصوصاً أن خبراء الأمن يؤكدون أن الأمن الناجح بالفعل هو الأمن غير المحسوس وليس الأمن القائم على فكرة الانتشار المكشوف؟. وإلى أى حد تعتمد الداخلية على فكرة «الأمن الوقائى» الذى لا ينتظر حتى تقع الواقعة، ثم يلوذ ببعض الإجراءات الشكلية أو المظهرية ذراً للرماد فى الأعين؟!
الأحداث المتلاحقة التى تشهدها البلاد تؤشر إلى وجود «حاجة غلط فى الأداء»، وقد نبهت، حين وقوع أحداث مماثلة، إلى هذا الأمر، لكن يبدو أن الأداء داخل بعض المؤسسات لا يتطور بسهولة، ولست أدرى هل السبب فى ذلك يتعلق بقواعد الأداء وطرقه، أم بالبيئة العامة التى تحكم العمل؟
أريد فقط أن أذكّر، ونحن بصدد الحديث عن هاتين الواقعتين النوعيتين، بالتحذير الذى سبق أن صدر عن سفارة الولايات المتحدة لرعاياها بمصر، وأعقبه تحذيرات مشابهة من السفارتين الكندية والبريطانية، وأسأل هل ثمة علاقة بين هذه التحذيرات والوقائع التى شهدتها مصر خلال الأيام الماضية، أم أن الأمر يتصل بها وبأحداث أخرى قد تشهدها الأيام المقبلة؟!