أعلم مدى الإحباط الذى يشعر به قطاع واسع من المصريات والمصريين وهم يتابعون دوائر العنف والعنف المضاد المتنقلة فى ربوع وساحات مصر.
أدرك مدى اليأس الذى أضحى يسيطر عليهم بعد أن تيقنوا من عجز نخب السياسة عن إخراج مصر من أزماتها المتتابعة أو الابتعاد بها عن هاوية اللاحكم وانهيار الدولة.
أتفهم عزوف المصريات والمصريين عن الاهتمام بالشأن العام والنقاشات الإعلامية بعد أن بات واضحاً أن متخذى القرار فى الدوائر الإخوانية لا يصغون إلا لمن يناصرهم، وأن المعارضة تتكلم ولا تملك أدوات فعلية لتغيير الواقع الردىء أو البحث عن حلول فعلية.
أتأسف على أن طاقة المواطنات والمواطنين الإيجابية، والتى جعلتنا بعد الثورة مباشرة نطمح لمصر حرة وعادلة ومستنيرة ومتقدمة، تراجعت بشدة خلال الفترة الماضية على وقع عنف واستقطاب سياسى وأداء رئاسى وحكومى سيئ لا يحقق أهداف الحرية والعدالة الاجتماعية المشروعة ومعارضة لم تتحول بعد إلى بديل حقيقى. ولا يمكن توجيه اللوم أو النقد إلى المواطنات والمواطنين على تراجع طاقتهم الإيجابية وعزوفهم وانسحابهم من الشأن العام.
على الرغم من كل هذا، أدعو كل مواطنة ومواطن فى مصر إلى الاحتفاظ بالأمل فى حاضر وغد أفضل. فمجتمعنا الشاب سيتجاوز الفترة العصيبة الحالية، ونخب السياسة العاجزة ستأتى حتماً محلها نخب جديدة قادرة على إدارة الشأن العام بشراكة وطنية تضمن الحرية والعدالة والتنمية، ومؤسسات الدولة المتراجعة والمنهارة اليوم ستخرج من عثراتها بإصلاح هيكلى حقيقى. لا تفقدوا الأمل، فالمجتمعات لا تتغير بين يوم وليلة، وهناك ثمن للحرية والعدالة والتنمية ستدفعه الأجيال الحالية من المصريات والمصريين بعد أن صمتت أجيال سابقة ولفترات طويلة.