«السيول» تفاجئ الحكومة وتأتى فى موعدها كل عام.. والمواطن هو الضحية
المياه الغزيرة تغرق مطار الغردقة
فى مثل هذا التوقيت من العام الماضى، كانت الأقاويل عن نية رئيس الوزراء بإقالة محافظ الإسكندرية وقتها هانى المسيرى، رحل الرجل بعد تحميله مسئولية غرق المحافظة، وعليه بدأ العمل والاجتماعات واللجان التى انتهت إلى أن محافظات الشمال بما فيها الإسكندرية لن تشهد مآسى مماثلة فى الشتاء التالى، لكن المفاجأة جاءت هذه المرة من الجنوب وسط تعامل رسمى مع الأمر باعتباره «مفاجأة» ودور رئيسى للقوات المسلحة فى إنقاذ الموقف كالعادة.
رحل «المسيرى» وبقيت المأساة من الإسكندرية إلى رأس غارب
المفاجأة التى تتوقعها هيئة الأرصاد الجوية كل عام قتلت العام الماضى 7 أشخاص فى الإسكندرية، فيما وصل عدد الضحايا فى البحيرة إلى 27 شخصاً، فضلاً عن وفيات متفرقة بالمحافظات، أعداد لضحايا أبرياء عادة ما تتضمن أطفالاً يبدو أنها ستتضاعف هذا العام، فمع اليوم الأول فقط من السيول توفى تسعة، بينهم ثلاثة أطفال وأصيب 49 شخصاً جراء السيول بالصعيد، فيما تفتت الأسفلت على طريق الجيش بقنا، وبدا الوضع مأساوياً فى رأس غارب شمال البحر.
إبراهيم رياض تلقى استغاثات من أصدقائه المحاصرين فى رأس غارب حاول أن ينقلها بدوره إلى كل من يستطيع المساعدة أو يهمه الأمر عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» مطالباً الجميع بنسخ وتداول الرسالة «فى أكتر من 200 مواطن مصرى عالقين بمنطقة الزعفرانة، بمكان مقطوع من الساعة 3 العصر بسبب السيول اللى بتحاصرهم، مش عارفين يتحركوا خطوة، وبينهم مرضى وحالات حرجة، مطلوب سرعة التدخل لإنقاذ حياتهم» الطقس السيئ، والإهمال أيضاً قتل طفلين 12 و17 عاماً على متن قارب بعد أن ضربهما البرق وسط الظروف الجوية الصعبة، بفايد فى الإسماعيلية صورة لم تبد أجمل فى محافظة أسيوط التى دخلت المياه إلى أهلها فى البيوت، بينما اكتفت المحافظة بالتحذير: لا تقتربوا من أعمدة الإنارة.
محمد رمضان بدا غاضباً للغاية من موقعه بالغردقة، حيث أغرقت المياه مناطق حيوية كالمارينا والمطار تساءل «شارع شيرى بقى ترعة، حتى المارينا أنضف مكان فى الغردقة المية غرقته؟ إزاى وهى مبنية على البحر مباشرة؟ مفيش ولا مهندس ولا مقاول ولا مدير ولا حتى عامل صغير فكر يعمل مصرف أو مجرى صغير لتصريف المياه فى البحر؟ دا بقى إهمال ولا فساد ولا رشوة؟» أمر بدا مثيراً للسخرية بمقارنته مع تصريحات وزير الرى الذى كان يستعرض فى 24 أكتوبر الماضى تدابير الوزارة وإجراءاتها لمواجهة أخطار السيول!
تعطل الحركة فى شرم الشيخ وغرق الغردقة كانت اللمسة الأخيرة التى دفعت الكثيرين للتساؤل «مين المسئول؟»، سؤال يمتلك الدكتور نور أحمد عبدالمنعم، الخبير فى شئون المياه بالشرق الأوسط إجابته من موقعه كمراقب للجهات، المسئول عن الموقف، البرىء الوحيد فى الأمر هيئة الأرصاد الجوية التى لم تألُ جهداً فى التحذير قبل السيول بأيام البراءة ذاتها للمحافظ السابق للإسكندرية، أما الإدانة برأى الخبير فتتوزع على عدة جهات، أولاها هيئة الطرق والكبارى التى لم تراع فى تصميم الطرق موقعها من مخرات السيول، وثانيتها المواطنون أنفسهم الذين لا يزالون يصرون على التحرك والبناء فى المناطق المنكوبة بالسيول بالرغم من كل التحذيرات، وأخير وليس آخراً وزارة الموارد المائية والرى، التى تملك خرائط بالمناطق المنكوبة عادة وبإمكانها تنفيذ مشروع مصائد مياه الأمطار، كما هو الحال فى وادى وتيرة «لكنها وبحكم الإهمال وضعف الإمكانات تبقى مقيدة أمام المشهد الذى يتكرر مع كل عام دون حول أو قوة».