قواعد المايكروباص الأربعون (2)
"من 11 – 30"
في المقال السابق تناولنا عشر نصائح لركوب المايكروباص بالتمحيص والتدقيق، وقد جاءتني تغذية راجعة من الزملاء تعادل ما جاءني حول مجمل ما كتبتُ في حياتي كلها.. الموضوع خطير ولا يحتمل الضحك، الموضوع معلَّق بحياتنا.. اتقاء شر المايكروباص يعني تخفيف مشكلات المجتمع إلى النصف على الأقل، وشراء راحة البال، ورضا الأم..!
ما زلنا إذًا مع قواعد المايكروباص الأربعون، وفيما يلي عشرون قاعدة جديدة يجب اتباعها حرفيًّا للنفاد ببدنك من ويلات المايكروباص.. اللهم بلغتُ، اللهم فاشهد..!!
11- صادِقْ السائق وكن محظوظًا
هناك أناس يركبون المايكروباص ذاته كل يوم في طريقهم إلى العمل، هؤلاء العقلاء اختاروا إقامةَ علاقة صداقة قوية ومتينة مع السائق، حتى إنه يتنازل لهم عن الأجرة أحيانًا، ثم يأخذها بعد (مُحَايَلَة)، كُنْ أحدَهُم واكسب الجائزة الكبرى. هؤلاءِ ينزلونَ في مكانهم دون أن يقولوا، يعرفون الطريق تمامًا، لا يزايد عليهم في الأجرة، وربما أعطاهم سيجارة أو بعض اللب!
12- أحرج السائق قدر الإمكان.. اكسر على المرأة التي قالت له عن محطة بعدك!!
هناك نوع من البشر لا يدري مصلحته، تكون أنت (نازلاً) في منتصف الكوبري، فتنادي الأسطى: يا اسطى النزلة اللي في نص الكوبري.. تبرز امرأة من لا مكان تقول: آخر الكوبري كمان يا اسطى.. بالطبع لن يقف السائق في منتصف الكوبري، ثم يقف مرة أخرى في نهايته (انت مجنون؟!)، لكنه بالتأكيد سيقف في نهاية الكوبري، ثم ينظر إليك بلؤم قائلا: (إبقى علي صوتك يا أستاذ مسمعتكش)! لذلك ما إن تسمع هذه المرأة حتى تطلق سارينة الخطر: (يا ريس قبل ما تخلص الكوبري نزلني في النص، يا ريس النزلة اللي جاية، يا ريس اركن على جنب، على جنب والنبي)، وهكذا.
13- ادرس المصطلحات لأنها أهم استراتيجية للركوب.
للراكب المحترف مصطلحات يفهمها هو والسائق الخبرة: (على إيدك يا اسطى).. تعني: هنا وحالاً.. (على جنب يا اسطى)، تعني هنا بعد قليل، على السخان يا اسطى: (سأنزل وأنت تبطئ دون أن تقف)، استخدم مصطلحات تفخيم: يا نجم! يا كبير! يا مدير.. إلخ.
14- لا تستمع إلى صاحب السيارة حين يقول اركب
مسألة الدَّوْر في المواقف يكون عليها خلاف كبير، لا تركب سيارة حتى تطمئن أن الدور عليها، فربما يقول لك السائق: اركب، فتفاجأ بأنها آخر سيارة ستخرج من الموقف، وربما جاءك سائق السيارة التي عليها الدور ليتشاجر معك، لأنك ركبت هذه السيارة، ستقول له: أنا ما لي؟! لن يتشاجر مع زميله، لكنه لن يخشاك أنت بالتأكيد، لا تعرض نفسك للخطر، اسأل مرة واثنتين عن السيارة التي عليها الدور.
15- إذا ضاع منك شيء
من الوارد أن تنسى شيئًا كان معك في المايكروباص، في هذه الحالة لا تبحث عن السائق، فلن يفيدك ذلك بشيء.. اذهب إلى الموقف، واسأل عن صاحب الموقف (رجل يأخذ الإتاوة من السائقين، ويعامل الركاب بشكل معقول، على الأقل لا يسبّ ولا يشتمهم) واسأله عن الأشياء، وعلى الأغلب سيأتي لك بها.
16- الأسطى دائمًا على حق أيًّا كان الطريق الذي يسلكه
إذا وجد الكوبري مزدحمًا فسوف ينزل بالسيارة التي بها 15 راكبًا (ولا كأنها حمولة بطاطا)، وسوف يخترق القاهرة لنصف ساعة ثم يعود إلى المكان نفسه الذي تركه، لا تسأله لماذا، هو على حق، وربما دخل من حارة ضيقة والطريق يسير بشكل طبيعي، ليوفر على نفسه شارعًا أو شارعين، لا تسأله لماذا، نسيتَ؟! هو على حق دائمًا.
والحقيقة أن بعضهم محترف فيسلك طريقًا فرعيًّا عجيبًا ويستطيع التغلب على الزحام، فإن تشاجرتَ معه وطلع على حق، فإن بقية الركاب سيُشعرونك بأنك أخطأتَ في حق قائدهم..! اسكت أفضل للجميع.
17- هل ستكمل الطريق؟
لا تخطئ وتسأل السائق: (هل ستكمل إلى منطقة كذا؟!) أو (هل ستعود من هنا أم ستكمل حتى كذا)، هذا هو السؤال الذي يستحق أن يُصنف على أنه أغبى سؤال في العالم، طبعًا سيقول لك: لن أكمل، حتى لو كان ينوي على ذلك.. وسيتوقف بالفعل.
18- لا تستشهد بمن إلى جواره:
عادة من يركب بجوار السائق يكون من زملائه أو أصدقائه، أو راكبًا منتميًا إليه وجدانيًّا، لا تستشهد به، أو تطلب منه شيئًا. لا تسأله عن شيء، هذا الشخص له حكم السائق في جميع النصائح ومع جميع التحذيرات..
19- أيًا كان شكل الاصطدام فهو على حق
من عادة المايكروباص في مصر أن يصطدم بالرصيف أو بسيارة أخرى غير مسرعة، أو حتى ببشر آخرين، هذه مسائل طبيعية، ويعرفها كل راكب مايكروباص، لا تحاول أن تكون شهمًا، اشتُمِ المخبوط، والعن الرجل الهادئ في السيارة (الملاكي) الذي كسر له سائق المايكروباص الرفارف والإكصدام.
20- اسمع كلامه حرفيًّا وادخل إلى السيارة
إذا وقفت على باب السيارة لأنه لا مكان بالداخل، فسيقول لك بالتأكيد: (ادخل جوا يا ريس)، في هذه اللحظة ادخل دون كلام، هو يخشى عليك من الوقوع، وليس كما هو شائع لكي يركب شخصًا مكانك.. لا وألف لا (السواق أشرف من الشرف)!
21- الأجرة زادت، لا تبدأ بالصراخ، كرر وراء الناس، أو اصمت.
إذا قال السائق وهو في بداية رحلته: (الأجرة كذا)، أو: (كله يطلع من جيبه كذا)، فهذا معناه أنه يطلب أكثر من الأجرة المعتادة. لا تتحدث، كن آخر المتكلِّمين، فعادة هو يترك الجميع، ويمسك حرفيًّا في أول من تحدث. اسمع الناس ماذا يقولون، وكلما خَفَتَ بريق هجومهم عليه، أشعِلْه: (حرام عليكم يا اسطى هنروح فين بعد كدا)، (منكم لله)، لن يلاحظك، وستكون قد أديت دورك.
22- لا تسأل السائق عن الأجرة فستكون زيادة دائمًا.
إياكَ أن تُجن فتسأله: (كم الأجرة)، أو: (أدفع كام لغاية المنطقة الفلانية)، إما أن تقدر أنت وتدفع، أو أن تسأله وأمرك إلى الله، ثم تنقص مما قال نصف جنيه، وتقول له: (باركبها كل يوم بكدا). صدقني لن تكون مفتريًا عليه، نسبة السائقين الذين يصارحونك بالأجرة لا تتعدى واحدًا من الألف؛ أهذه النسبة الضئيلة تستحق منك دفع الأجرة بزيادة نصف جنيه؟!
23- اسأل أحد الركاب عن الأجرة.
يمكنك أن تسأل أحد الركاب عن الأجرة، وإذا قال لك: (معرفش)، اسأل غيره. أو انتظر حتى يدفع الجميع إذا كنت راكبًا من أول الخط، واعرف كم دفعوا وادفع مثلهم. أما إذا ركبت من منتصف المسافة فاسأل الذي ركب معك أو أحد الركاب المخضرمين، بصوت خافت.
24- خذ حذرك في الملفات وتشبث بالكرسي
من الأخطاء الشائعة تصوُّر أن السائق مسؤول عن الأرواح التي في سيارته، أنت اخترتَ بكاملِ إرادتك أن تركب هذه السيارة، فلا تعترض على ما يحدث.. في الملفَّات تميل العربة إلى الحد الذي لو رأيتها من الخارج، لظننته فيلمًا أميركيًّا، وأن البطل الخارق (في هذه الحالة سوبرمان.. سبايدر مان سيزيد الانبعاج) سيأتي لكي يضبط مسارها، خذ حذرك في الملفات، وأمسك بكلتا يديك بالكرسي الذي أمامك. قد يقف بشكل مفاجئ، فخذ حذرك دائمًا، لا تقف على الباب لهذا السبب تحديدًا، ولسبب آخر وهو أنه سيقول لك: (ادخل جوا)، كما قلنا منذ قليل.
25- أمسك في الكرسي الذي أمامك وليس بالأعلى
هناك من يظن أن الحديدة المعلقة في المايكروباصات الكبيرة من أجل التشبث بها في الوقوف (انت فاكره مترو؟!) هذه الحديدة لا وظيفة لها سوى أن تحفظ توازن جزأك الأعلى، وأنت تترك نصف جسدك الأسفل يخبط في البشر. لا تتمسك بها. تشبث بالكرسي الذي أمامك كما أخبرتك.
26- (اتحايل على الظابط عشان الرخص)
معظم السائقين تُسحب منهم الرخص كإجراء اعتيادي. إذا طلبها الضابط، فسيجد بالتأكيد أنها منتهية، أو ليست للسائق، أو أنه ليس هناك رخصة أصلًا. من أجل سلامتك وإنهائك الرحلة بسعادة، انتقل إلى (مايكروباص) آخر، ودع الأجرة، فلن تعود لك، أو (اتحايل على الضابط)، وارجوه أن يترك الرخصة، أحيانًا تنفع هذه الشفاعات.. وربما أسعدتَ السائق بك وصِرْتَ من أصدقائه.
27- إياك وعلو الصوت
في حرم المايكروباص، الصوت العالي يكون صوت (الدي جي) المصغّر (التسجيل) الخاص بالسائق، فمن أنتَ حتى يعلو صوتك في مكالمة هاتف، أو في حديث جانبي مع شخص آخر، ربما جرحتَ مشاعره بهذا التصرف، وساعتها سينالك ما لا ترضاه، ولا تحبه، فور أن تشعر بأنك أزعجتَ سعادة السائق، توقف عن الكلام فورًا لملم بقايا الحديث، والكرامة معًا.
28- اشتم في عقلك وليس في سرِّك
في مطب مرتفع أخذه السائق كعادته على سرعة 120 كلم/ ساعة، لا تشتم، إياك والشتيمة، هي حرام أولًا، وعيب ثانيًا، وستتسبب في مقتلك ثالثًا، اشتم في سرك كما شئت، وكيفما شئت، وردد الشتيمة، أظهر الغيظ على وجهك لن يسألك عن سببه، لكن إياك والشتيمة.. حرام.
29- اتركه يموِّن السيارة ويشتري اللب ويأخذ قيلولته
ليس معنى أنك ركبتَ السيارة أنك تشارك السائق في دفع أقساطها مثلًا، فلا تُلِحّ عليه بمطالب سخيفة، مثل أن يكمل الطريق إذا توقف ليتكلم مع زميله، أو نزل ليشتري لبًّا أبيض أو سيجارة، أو (يستقضي مصلحة)، دعه يأخذ قيلولته، ولو كنت متعجلًا فلماذا لم تأخذ (تاكسي)؟!
30- إذا تشاجرت معه انتظر حتى يتوقف لئلا يجري فجأة.
فلنفترض أنك لم تأخذ بإحدى النصائح السابقة، وتطاولت عليه، أو تشاجرت أنت والسائق (لا سمح الله)، فعند نزولك اطمئن أن السيارة توقَّفَتْ، قد يجري أثناء نزولك معرِّضًا حياتك للخطر.. السائق لا ينسى ثأره، قاعدة معروفة.