أشرنا سابقاً إلى أنه فى صيف 2013 خرج عشرات ومئات الآلاف من المصريين، يطاردون كل «إخوانى» أو سلفى متطرف.. بعد أن تأكد الناس وتيقنوا أن هذه العصابة مصممة على طمس هوية مصر.. لتحويلها إلى دولة فاشية فاشلة.. وأن حماسهم مقطرن بستين نيلة.. وصواميلهم مفككة، وعجزهم فاضح، وبدا نيتهم وجهلهم كاشف لمكرهم وخداعهم وكذبهم!!
وقلنا إن الجيش المصرى بعد أن فاض به الكيل ونفد الصبر، وعلا صوت الجماهير تطالبه بالحماية وبمقتضى القانون والدستور.. نزل إلى الشارع وانتشر فى كل مكان، ولقى ترحيباً واحتفاء بزيه العسكرى الجديد الذى يشبه ملابس المارينز الأمريكانى «التى لا يمكن تقليدها»، وبمعدات وأجهزة وتقنيات حديثة، وشباب تم تدريبه خصيصاً للتعامل مع المواطنين برفق، ومع المجرمين بقسوة، ومع الإرهابيين بلا رحمة!
وأنه بعد محاولة اغتيال الفريق السيسى وسفره للعلاج، ورد الجيش بتفجير مقر عباس هنية بمن فيه، وبعد الاشتباكات مع فلول القسام وبقايا الجماعات الإرهابية على الحدود الشرقية وإطلاقهم صواريخ «أرض أرض» على مطارى العريش والعلمين، وهجومهم على المنشآت السياحية بشرم الشيخ.. و.. و.. وبعد القبض على مرسى الذى كان مختبئاً لدى أحد تجار المخدرات الذى أعفى عنه بالمخالفة للقانون وعلى وزير داخليته محمد إبراهيم.. فالشارع منقسم بين «الإعدام بالمشنقة» التى نصبها الثوار بالتحرير، وبين مبدأ «المصارحة والمصالحة» بعيداً عن القصاص والانتقام والإقصاء حتى نبنى بلدنا بأسرع ما يمكن.. خصوصاً أن التحديات زادت والخزانة خاوية، والإفلاسات مستمرة، ولإنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد حرق المحلات والشوبينج سنترز وسرقتها، وبعد تفجير 5 كنائس، وتوليع مقرات الصحف المعارضة «الوطن - المصرى اليوم - الدستور - فيتو - الوفد».. و.. و.. ومن يرغب فى التفاصيل عليه أن يقرأ ما فاته من الحلقتين السابقتين على النت.
والآن نحن بقاعة المؤتمرات، وكل وسائل الإعلام العالمية والمحلية تتابع وقائع جلسات التحقيق التى ستبدأ بعد قليل!!
وما زال محامو حقوق الإنسان مجتمعين مع المتهم «محمد مرسى» ليسمعوا منه حتى يتمكنوا من الدفاع عنه، بعد أن رفض كل محامى مصر الدفاع عنه باعتباره «خائن للوطن» ومجرم حرب، وهناك لائحة اتهام بها 28 جريمة تستحق حبل المشنقة.
المحامى ناصر أمين يسأله: على ماذا كنتم تراهنون وأنتم تسيرون عكس اتجاه الشارع، وتجاهلكم لكل الأصوات الغاضبة «قضاة - محامين - إعلاميين - فنانين - أئمة مساجد - فلاحين - عمال - طلاب - ثوار - معارضين - مسيحيين - سلفيين».. فاضل مين؟
مرسى: همّه قالوا لى إوعى تخاف، وأقنعونى بالتالى:
1 - أن المعارضة ما عندهاش «مشروع» وبتوع كلام، وبيتخانقوا مع بعض، وبيتكلموا على بعض وما بينزلوش الشارع، وكمان طمنونى إن كوادرنا فى القرى والنجوع عندهم وسائل كتيرة هتضمن لنا أغلبية فى مجلس النواب، وبمجرد ما هناخد الأغلبية هنشكل الحكومة، ويبقى كده عندنا غطاء دستورى، وغطاء قانونى لأن إحنا اللى هنعمل القوانين والسياسات، وساعتها هنوافق على انتخابات رئاسية مبكرة، وكلها كام شهر وامشى، وممكن يرشحونى مرشد عام بعدين!
2 - وقالوا إن الأمريكان ما طلّعوش الكارت الأحمر ولا حتى الأصفر، لأننا كنا متفقين معاهم نلم كل الجماعات المتطرفة وطالبان والظواهرى وكل اللى بيهددوا مصالحهم من الجهاديين ويبقوا تحت مظلتنا، ونضمن لهم أمن إسرائيل، وهمّه يسبونا نحكم!
3 - وقالوا إن الشعب المصرى هيزهق، وييأس ويهمد، وكل واحد فى النهاية هيدور على أكل عيشه، وإن الإعلام هو المشكلة وإنهم هيعملوا حزمة قوانين وإجراءات تسكت أى صوت، وكله هيبقى بالقانون، واللى ما نقدروش عليه، هنعتقله أو نخطفه.
4 - وبعدين إحنا كان عندنا مشروعات زى ممر قناة السويس، وتوزيع «أراضى صحراوية» على الشباب، وإن الخير كتير، وسلطان بروناى وعدنا بـ«عشرة مليار دولار» والتنظيم الدولى «خمسة مليار» وبعض إخوانا من رجال الأعمال فى جمعية «ابدأ» وعدونا بخمسة كمان + الصكوك قالوا هتجيب عشرين مليار فى أول سنة، وده كان كل احتياجاتنا من العملة، وكان عندنا خطط لكل حاجة، بس بعد الشعب ما يسكت شوية، والعيال دول اللى بيسموا نفسهم ثوار يتلموا فى السجون كله هيخاف.. وعايز أقول كمان إن الوحيد اللى كان بيخوفنا فى انتخابات رئاسية قادمة كان حمدين وشفيق، وعلشان كده كان لازم نتخلص من الاتنين.. وانتهى الوقت المحدد للقائه بالمحامين..
ويدخل المتهم إلى غرفة التحقيقات لتبدأ الأسئلة:
س: اسمك؟
ج: محمد محمد مرسى عيسى العياط.
س: السن؟
ج: 62 سنة.
س: الوظيفة؟
ج: يتلعثم ويتلجلج، ثم ينهض فجأة رافعاً إصبعه.. وبصوت عالٍ مهدداً: أنا لسه رئيس مصر.. وأنا أول رئيس منتخب، لا تنحيت ولا اتخليت عن منصبى ولا قدمت استقالتى، «أنا عايز أتعامل كرئيس».. وامتقع وجهه الذى كان شاحباً لدرجة تثير الشفقة.. ثم وقع على الأرض مغشياً عليه.. وقرر الأطباء نقله إلى غرفة الإنعاش بسجن ليمان طرة.. وهى نفس الغرفة التى كان مقيماً فيها الرئيس الأسبق مبارك، وسبحان مغير الأحوال!
ونفتح التلفاز لنسمع:
الخبر الأول: المجلس الرئاسى يبحث تشكيل حكومة إنقاذ وطنى من الخبراء والمتخصصين بعيداً عن الانتماءات الحزبية، ولقاء مع محمد العريان وفاروق العقدة بعد رفض رشيد تشكيل الحكومة، وإعلان استعداده ليكون مستشاراً للدولة كمتطوع، وكثيرون يرفضون المشاركة بسبب التشريعات الفاسدة، وغابة القوانين المتضاربة والمكبلة، ويطالبون بتشريعات جديدة وحديثة، وقوانين واضحة تمكنهم من القفز على البيروقراطية العقيمة والروتين العفن أو إعلان دستورى يعطيهم صلاحية مخالفة هذه القوانين الفاسدة!
الثانى: دعوة «نيلسون مانديلا» كضيف شرف للمؤتمر الوطنى الذى سيشارك فيه الخبراء والمتخصصون والعلماء من المصريين بالخارج والداخل ودعوة «مهاتير محمد» متحدثاً عن تجربته فى ماليزيا، وأردوغان وسيلفا دى لولا يعتذران لظروف شخصية.
الثالث: عودة النائب حمدى الفخرانى من رحلة علاجية بعد شفائه بسبب محاولة الاغتيال التى تعرض لها، والشباب يستقبله بالمطار ويطوف به ميدان التحرير.
الرابع: وزارة الصحة تعلن عن وفاة ألفين من الـ86 ألف مصاب، ليصل عدد الوفيات إلى 5500 مصرى ومصرية منذ بداية الأحداث.
وخبر عاجل: القبض على المرشد محمد بديع وبعض أعضاء مكتب الإرشاد على الحدود السودانية وهم بملابس منتقبات، وجرجرتهم فى الشوارع قبل أن يصل حرس الحدود لإنقاذهم من موت محقق على طريقة القذافى!!
ونستكمل الأحد المقبل بإذن الله.