عندما تعجز الحياة السياسية بفاعليها وتفاعلاتها عن صناعة بيئة آمنة للمجتمع وتتوالى أزماتها، تضطلع سلطات ومؤسسات وجهات غير سياسية بمهام وتتخذ من القرارات ما يصبح وثيق الصلة وعظيم التأثير على السياسة. وفى مصر اليوم تقوم السلطة القضائية، ممثلة فى فرعها الدستورى وفرعها الإدارى، بهذا على نحو غير مسبوق.
أكتب هذه السطور من لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب وبعد لحظات من توارد معلومات من المحكمة الدستورية العليا تفيد بقضائها بعدم دستورية تعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية (قانون العزل) بعد قبول الإحالة من اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية وكذلك ببطلان عضوية ثلث أعضاء مجلس الشعب ممن تم انتخابهم على المقاعد الفردية. ولم أطلع بعد وأنا أكتب هذه السطور على منطوق حكم الدستورية الخاص بمجلس الشعب لفهم إن كان ما سيترتب عليه هو إعادة انتخاب المقاعد الفردية بعد تعديل قانون الانتخابات التشريعية أو حل المجلس بالكامل أو أمر آخر. هنا تتخذ السلطة القضائية ممثلةً فى فرعها الدستورى قرارين على درجة عالية جداً من التأثير على الحياة السياسية ومجرياتها. تماماً كما أسقط القضاء الإدارى من قبل التشكيل الأول للجمعية التأسيسية للدستور.
أكتب الآن لأسجل أولاً، ومجدداً، ضرورة احترام أحكام القضاء، وكونها واجبة النفاذ. فلا سبيل لبناء دولة المؤسسات ولا سبيل لاحترام اختصاصات السلطات العامة إلا بهذا. ولأسجل ثانياً وبصورة شخصية احترامى الكامل لأحكام القضاء الدستورى كعضو بمجلس الشعب وبغض النظر عن تداعيات الأحكام، تماماً كما أحترم أحكام القضاء كافة. ولأسجل ثالثاً أننى أتمنى لمصر السلامة وسأستمر فى عملى العام والسياسى دفاعاً عن مصلحة الوطن ما حييت وقدّرنى الله.