تتطلب صناعة السياحة فى مصر خطة إنقاذ عاجلة، بعد أن تكبّدت خلال العامين الماضيين بشرياً وتنظيمياً ومالياً خسائر فادحة.
الصناعة التى كانت توظف قرابة 9 ملايين مصرية ومصرى من مختلف المحافظات، وتسهم من ثم فى إعاشة حوالى 20 مليون موزعين على أسر حضرية وريفية، فقدت خلال العامين الماضيين، ووفقاً لتقديرات شركات سياحية كبرى، ما لا يقل عن 20 بالمائة من العمالة المدربة التى كانت موظفة قبل 2011. وبينما أُغلق عدد غير قليل من المنتجعات السياحية فى سيناء وعلى ساحل البحر الأحمر لانهيار معدلات الإشغال مع ابتعاد السائح الأمريكى والأوروبى والعربى عن مصر لغياب الاستقرار السياسى، تعانى محافظتا الأقصر وأسوان من كساد مميت سيتحول، بعد الارتفاع المتوقع فى أسعار السولار والتصفية المنتظرة لعدد غير قليل من مراكب النيل السياحية العاملة على رحلات الأقصر وأسوان، إلى كارثة محققة. أما القاهرة وغيرها من أماكن السياحة غير الشاطئية والنيلية، وبعد خسائر تنظيمية ومالية فادحة، فتكاد تختفى صناعة السياحة منها بالكامل.
جميعاً ندرك أن الأوضاع الأمنية المتدهورة وغياب الاستقرار السياسى وتدنى السمعة العالمية للمنتج السياحى المصرى هى أسباب ابتعاد السائح الأمريكى والأوروبى والعربى، ومن ثم انهيار معدلات الإشغال والخسائر البشرية والتنظيمية والمالية الفادحة. وبينما تقع مسئولية تحقيق الأمن والاستقرار
على كاهل نخب السياسة، خاصة نخبة الحكم، يظل فى مقدورنا مصرياً العمل على تطوير خطة متماسكة لإنقاذ صناعة السياحة وتحجيم الخسائر وتمكينها من التعايش مع الظروف الراهنة إلى حين تحسنها.
تستطيع وزارة السياحة والشركات السياحية الخاصة تنشيط برامج السياحة الداخلية، تحديداً سياحة الشواطئ والسياحة التثقيفية والتعليمية للأسر المصرية وسياحة الاستشفاء بالطبيعة، والأخيرة لها مواطنها التقليدية فى أسوان وبعض الواحات وسيناء، وأُهملت بشدة خلال العقود الماضية.
تستطيع الوزارة والشركات الخاصة الانفتاح على أسواق جديدة للسائحين بعيداً عن السوق الأمريكية والأوروبية والعربية، باتجاه الصين والهند ودول آسيوية أخرى وأفريقيا وأمريكا اللاتينية (ومن غير المقبول التعامل الإعلامى والسياسى مع بدء السياحة الإيرانية بسلبية أو الحديث بعنصرية واضحة أو بمذهبية ساذجة عن ضرورة تحديد أماكن معينة لزياراتهم بعيداً عن القاهرة!).
تستطيع الوزارة ومن ورائها الحكومة المصرية تقديم تسهيلات للشركات السياحية المتعثرة لحمايتها من الانهيار، والتسهيلات المقصودة هنا هى إما ضريبية أو مالية كعدم رفع أسعار السولار للمراكب النيلية أو بإعانات مالية وخدمية (التأمين الصحى مثلاً) للعمالة البشرية فى صناعة السياحة.
أدعو إلى ملتقى وطنى لإنقاذ صناعة السياحة المصرية من الانهيار بمشاركة حكومية ومشاركة القطاع الخاص والإعلام والقوى السياسية التى عليها أن تدرك أن انهيار السياحة معناه ضياع المصدر الأهم لناتجنا القومى على المدى المنظور.