هناك أزمة كبرى فى عقلية النخبة المصرية وهى القابلية المذهلة لتصديق أى شىء وكل شىء عن الآخر طالما أنه سلبى!
أرجو يا عزيزى القارئ أن تجرب ولو مرة واحدة -من قبيل المزاح- أن تختلق أى قصة عجيبة غريبة لا تقف على أى أسس منطقية من الحقيقة وتؤدى فى النهاية إلى الإساءة إلى شخص إنسان ما وسوف تجد أن هناك تصديقاً فورياً لها، وقبولاً نفسياً بلا حدود لمقاصدها الشريرة!
لا أحد يدقق، لا أحد يستخدم معدلات الذكاء التى وهبها الله سبحانه وتعالى له، الجميع شريك فى جريمة الاغتيال المعنوى لأى شخصية عامة فى هذا الوطن.
وحينما حاولت أن أفهم سر هذه الظاهرة توصلت إلى أننا مجتمع مريض بتحطيم الآخرين!
لماذا نفعل ذلك؟ تأتى الإجابة لتقول إن الصعود والتطور فى المجتمعات المتقدمة يأتى عبر السلوك التنافسى، بمعنى أننى أبذل كل الجهد وأستخدم كل الوسائل المشروعة كى أصبح رقم واحد فى مجالى، أما فى المجتمعات المتخلفة، فإن السبيل إلى الصعود لا يأتى بأن أثبت بالدليل القاطع أننى الأفضل ولكن بأن أدعى كذباً بأن غيرى أسوأ منى، لذلك أكون فى هذه الحالة الأفضل!
لذلك يصبح كل رجال الأعمال من المعتدين ويصبح كل صاحب ثروة يقوم بغسل الأموال، وكل سياسى عميلاً لدولة أجنبية، وكل متدين متطرفاً، وكل ليبرالى علمانياً كافراً، وكل قرار يحمل فى طياته مؤامرة، وكل قانون دُبر بليل، وكل مبادرة تحمل بداخلها هدفاً دنيئاً!
كل شىء بهذا المنطق مغلوط وفاسد وفاشل وشرير!
إذا صدقنا هذه الادعاءات كيف يمكن لنا أن نؤمن بأى شىء؟