غضب بين الصحفيين.. واجتماع عاجل ومطالب بـ«عمومية طارئة» لوضع حد للأزمة غير المسبوقة
جانب من اجتماع نقيب الصحفيين مع مجلس النقابة ومحررى الصحف
أثار حكم محكمة جنح قصر النيل، برئاسة المستشار محمد أبوالعطا، الذى صدر أمس، بحبس يحيى قلاش نقيب الصحفيين، و«جمال عبدالرحيم وخالد البلشى» عضوى مجلس النقابة، بالحبس سنتين وكفالة ١٠ آلاف جنيه، لكل منهم، فى اتهامهم بإيواء مطلوبين أمنياً داخل مبنى النقابة، حالة من الغضب بين أعضاء مجلس نقابة الصحفيين، وعدد من صحفيى المؤسسات الصحفية القومية والحزبية والخاصة، الذين توافدوا على مبنى النقابة، عقب الحكم، ورددوا هتافات تضامن مع النقيب معلنين رفضهم الحكم الذى وصفوه بـ«المهين»، فيما شهد محيط نقابة الصحفيين وجود عدد من عربات الأمن، وجنود الأمن المركزى تحسباً لوقوع أى أعمال شغب.
دعوة لجمع تبرعات بالنقابات لـ«دفع الكفالة».. و«عبدالرحيم»: قضية ملفقة واعتمدت على أقوال شهود زور والحكم ضد الشعب كله
وأعلن مجلس نقابة الصحفيين عقد اجتماع عاجل للرد على الحكم، لم تصدر نتائجه حتى مثول الجريدة للطبع، كما دعا أعضاء بمجلس النقابة إلى عقد جمعية عمومية لوضع حد لتلك الأزمة، بحسب دعوتهم.
وناشد أعضاء بمجلس النقابة زملاءهم للتبرع للنقابة بمبلغ الكفالة المطلوب من خلال صندوق بنقابة الصحفيين، وصندوق آخر فى نقابة المحامين لجمع الكفالة. وقال جمال عبدالرحيم، سكرتير عام نقابة الصحفيين وأحد المحكوم عليهم، إن «الحكم جاء قاسياً جداً ومفاجئاً للجميع، لأنه من البداية لا توجد قضية، وهى قضية ملفقة، فأوراق القضية لم تتضمن أى قرائن ضد نقيب الصحفيين وعضوىْ مجلس النقابة، بل اعتمدت على أقوال شهود زور، وكنا خارج البلاد وقت دخول الزميلين عمرو بدر ومحمود السقا، لحضور مؤتمر الصحفيين العرب بالمغرب».
واعتبر «عبدالرحيم» فى تصريحات لـ«الوطن» أن «الحكم لم يصدر فقط ضد نقيب الصحفيين وسكرتير عام النقابة ورئيس لجنة الحريات بالنقابة، وإنما صدر ضد شعب مصر بالكامل وضد النقابة التى تعتبر لسان حال المصريين»، وقال إن «الحكم موجه ضد الجماعة الصحفية وضد حرية الرأى والتعبير»، مشيراً إلى أن «هذا الحكم لم يصدر بحق رموز رجال مبارك الذين أفسدوا الحياة السياسية وأدخلوا المبيدات الحشرية وسرطنوا الغذاء، واستولوا على أقوات الشعب ومدخراته، ولم يصدر كذلك ضد الإرهابيين من قتلة الشعب، ورغم هذا نحترم أحكام القضاء، وسنسلك كل الطرق القانونية المشروعة دفاعاً عن نقابتنا».
وتابع سكرتير عام نقابة الصحفيين: حتى المتهمان عمرو بدر ومحمود السقا لم يحصلا على هذا الحكم، وأنا على استعداد كامل للسجن دفاعاً عن نقابة الصحفيين وعن المهنة، ولن نطلب من أحد التدخل».
ورفض خالد البلشى، وكيل ثان نقابة الصحفيين ورئيس لجنة الحريات، التعليق على الحكم. وقال أبوالسعود محمد، عضو مجلس النقابة ورئيس لجنة الإسكان، إنه موجود داخل النقابة وينتظر عقد اجتماع طارئ لبحث عقد جمعية عمومية طارئة، مشيراً إلى أن الحكم «سياسى» من الدرجة الأولى وأن أحكام القضاء أصبحت تتهاوى، وأصبح التنكيل بالصحافة والصحفيين واضحاً جلياً لجموع الشعب، مشدداً على أن «الشعب المصرى لم يعد يأمن على بيته وأطفاله، فى ظل القبضة الأمنية غير المبررة التى تشهدها مصر».
وقال «أبوالسعود» إن «الحكم رسالة شديدة اللهجة إلى جميع النقابات وليس نقابة الصحفيين فقط»، مشيراً إلى أن «النقابة قدمت بلاغات ضد الحصار الأمنى لها والقبض على عدد من أعضائها ولم تحرك النيابة ساكناً حول هذه البلاغات، وهناك علامة تعجب شديد حول ما يحدث».
وقال حاتم زكريا، عضو مجلس النقابة ورئيس لجنة الشئون الخارجية: لا بد من التعامل مع الموضوع بحكمة شديدة، ونعرف جيداً أن الدولة تقدّر الصحافة والصحفيين، وأن من مبادئ الحكم الرشيد أن تعمل النقابات وعلى رأسها نقابة الصحفيين بفعالية، فهى لسان حال الشعب. وأضاف: أملنا كله فى حكم الاستئناف، وأن يتم النظر للحكم بعين الاعتبار، ولا نريد التصعيد أو أن نعطى الأمور أكثر من حجمها، وأن تكون ثقتنا الكاملة فى القيادة السياسية.
وقالت حنان فكرى، عضو مجلس نقابة الصحفيين، لـ«الوطن»: هذا يوم أسود على الصحافة المصرية، فأنا فى ذهول وصدمة من هذا الحكم، فلا يمكن قبول ذلك، فأول حكم يحدث فى مصر ولم يحدث فى أى دولة أخرى. وأضافت: «قلاش» مارس مهام موقعه ولم يكن متستراً على مجرم ولا السكرتير العام أو الوكيل، فهذا ترويع لأصحاب الأقلام وإخراس لكل الألسنة المعارضة، والطريف فى الأمر أنه يأتى متوافقاً مع قوائم العفو الرئاسى عن شباب محبوسين، بينما يتم سجن نقيب صحفيى مصر، فماذا سيفعلون بالمواطنين العادين؟.
وحول اجتماع النقابة الطارئ، أوضحت «فكرى» أنه لبحث الأمر وسبل التعامل معه، وقالت: هناك حالة غضب داخل نفوس الصحفيين، فالقضية منذ البداية سياسية وليست جنائية، بل هم يسعون لقطع الجسر بين النقابة والشعب وكسر سلم نقابة الصحفيين، وهو ترهيب مرفوض، فالرأى العام ممثل فى الشعب يرفضه.
وقال أسامة داود، عضو مجلس نقابة الصحفيين: الحكم بحبس نقيب الصحفيين واثنين من أعضاء مجلس النقابة بالسجن سنتين مع الشغل وكفالة 10 آلاف جنيه لكل منهم، يؤكد على حقيقة واحدة وهى أننا فى الطريق إلى تكميم الأفواه وإلغاء مصطلح الحريات من قاموس النظام.
من جهته، أوضح سيد أبوزيد، محامى نقابة الصحفيين، لـ«الوطن» أن «حكم جنح قصر النيل» ليس نهائياً وقابل للاستئناف خلال 10 أيام من تاريخ النطق به، وفق قانون الإجراءات الجنائية، ومن حق المحكوم عليهم أو محاميهم الاستئناف لإيقاف الحكم، وقال: بمجرد الاستئناف وتحديد جلسة يتم إيقاف الحكم لحين النظر فى الحكم، ومن حق محكمة الاستئناف أن تزيل أو تضيف، فهى تنظر فى الحكم بشكل مطلق.
وقال الكاتب الصحفى عبدالله السناوى إن «الحكم صادم ويوم صدوره أسود فى تاريخ الصحافة المصرية، وليس له سابق فى تاريخ النقابة، بغض النظر عن حيثيات الحكم الابتدائى»، مضيفاً أن آثاره السياسية والمهنية فادحة وتؤذى صوت مصر وتضر بأى تطلعات لدور إقليمى أو دولى لمصر، فأى دولة لا تسعى للتصادم مع الصحفيين بل للتحاور، والشق القانونى سوف يصدر فيه تطور من جهة قضائية أعلى ليكون الحكم النهائى.
وتابع «السناوى»: أعتقد فى حالة صدور حكم نهائى بالحبس سيتم العفو الرئاسى مباشرة للنقيب وزميليه، لأن نظام الحكم الحالى لن يتحمل حبس نقيب الصحفيين ولو ليوم واحد.
وقالت الدكتورة ليلى عبدالمجيد، عميد كلية الإعلام الأسبق بجامعة القاهرة، لـ«الوطن»: كنا نتمنى ألا يصل بنا الحال لما نحن عليه الآن كصفحيين وإعلاميين، وكانت أمنياتنا أن القضاء العادل يكتفى بالغرامة وليس السجن، ولن نعلق على أحكام القضاء، لكن ما حدث شىء مؤسف ومحزن للغاية وتطور جديد غير مقبول، فكنت أتمنى معالجة الأمور بطريقة أخرى.
ورأت «عبدالمجيد» أن هناك حالة من عدم الارتياح لما يحدث بين الحكومة و«الصحفيين» من حالة فتور خلال الفترة الماضية.
وقال ياسر عبدالعزيز، الخبير الإعلامى: لا تعليق على أحكام القضاء، ولكن خارج نطاق التقاضى فهذا الأمر تطوراته تعطى أسوأ الانطباعات عن حال الحريات فى مصر، مضيفاً أن: الحكم صادم ونادر فى آن واحد، وبه تطورات من الجانب الحقوقى والصحفى.
وقال الكاتب الصحفى مصطفى بكرى، عضو مجلس النواب، إن حكم حبس نقيب الصحفيين وعضوى مجلس النقابة لا تدخل فيه، مضيفاً: «ما كنت أتمنى أن يكون الحكم عليهم بالحبس، أما وأن الحكم صدر من القضاء فلا تعليق عليه، وأتمنى أن تنتهى الأزمة ويحصل المحكوم عليهم على البراءة».
وأكد جلال عوارة، وكيل لجنة الإعلام بمجلس النواب، لـ«الوطن»، أن الحكم له درجات أخرى، ولا علاقة له بالمهنة، فالتهمة الموجهة ليست متعلقة بمهنة الصحافة وليست جريمة نشر، ويجب الفصل بين جرائم متعلقة بالرأى والتعبير ومخالفات القانون، وقال: أحذر نفسى والجميع من أن نقحم أنفسنا فى هذا الشأن، فالجريمة خاصة، وما كنت أتمنى أن يصل الأمر لهذا الحد، وأشعر بأسف أن أجد أصوات الإعلام والصحافة تقضى عقوبة خلف القضبان.
فى المقابل، قال أحمد الباشا، القيادى بجبهة تصحيح المسار الصحفى، لـ«الوطن»: لا تعليق على أحكام القضاء، ولم نكن نأمل أن يصل الأمر لهذا الحد وما زالت هناك درجة أخرى من التقاضى ونأمل ألا يخرج الأمر إلى هذا التصعيد وأن يكون رسالة واضحة للجميع أن العمل النقابى يحتاج إلى رؤية مختلفة، لكن المؤكد أن ما حدث مؤشر خطير بأن العمل النقابى فى خطر والنقابات عموماً فى خدمة أعضاء النقابات والخدمات ومتابعة الصحفيين وما حدث تدهور فى العمل الخدمى النقابى ومن انتخبوهم، ونتمنى أن يتم تخفيف الحكم فى درجات التقاضى الأخرى.