حين تختزل بعض قيادات جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة أسباب أزمات مصر المجتمعية والسياسية، ومن بينها العنف الطائفى الكريه كما فى محافظة القليوبية منذ أيام، فى مؤامرات داخلية وخارجية يدعون هم وجودها وثورة مضادة وعناصر (أصابع) تخريب وبلطجة هم فقط الذين يقفون فى وجهها، تصبح إعادة تأهيل نخبة الحكم الإخوانية استنادا إلى قيم ومعايير الديمقراطية والشفافية وإدارة الأزمات ضرورة.
حين تتسرع بعض أحزاب وقيادات المعارضة إلى توجيه تهمة «الخيانة العظمى» والتفريط فى التراب المصرى إلى الجماعة ورئيسها وحزبها انطلاقا من تصريحات أحادية للحكومة السودانية بشأن مثلث حلايب وشلاتين تنفيها الرئاسة المصرية، تصبح إعادة تأهيل المعارضة استنادا إلى قيم ومعايير الموضوعية والدفاع عن المبادئ والثوابت دون الوقوع فى شرك الشعبوية وتصيد الأخطاء وازدواجية التقييم ضرورة.
حين يتورط رئيس الجمهورية، أكثر من مرة، فى توظيف عبارات ومفردات لغوية تحمل تشكيكا يحاسب عليه القانون فى وطنية معارضيه وتهديدا لهم بالقمع والتعقب تسفيها لمواقفهم وممارساتهم ولا تنتقد التصريحات الرئاسية لا من قبل قيادات عاقلة فى جماعة الإخوان أو حزبها ولا من جانب أحزاب وقوى أخرى فى مساحة اليمين الدينى، تصبح إعادة تأهيل اليمين الدينى -الإخوانى والسلفى والجهادى المتراجع عن العنف- بغية إنقاذهم من التحول إلى مجرد مدافعين عن ومبررين لاستبداد جديد ضرورة.
حين تتورط بعض أحزاب وقيادات المعارضة ولأسباب ذات صلة بالصراع السياسى الداخلى والروابط الكثيرة بين الإخوان وحماس فى إنتاج وطنية شوفينية تصور إخواننا فى غزة كطامعين فى التراب المصرى ومتآمرين على أمننا القومى، وتتجاهل نضال الفلسطينيين وتضحياتهم من أجل وطن فى فلسطين ودولة مستقلة واستحالة تخليهم عن ترابهم الوطنى مقابل أرض هنا (الأردن) أو هناك (سيناء)، وتتناسى قسوة ظروف أهل غزة المفروض عليها حصار ظالم منذ سنوات، تصبح إعادة تأهيل المعارضة الليبرالية واليسارية بهدف منع سقوطها فى شرك الشوفينية والعنصرية والتخلى عن الدور الوطنى والثوابت العربية ضرورة.
حين يطلق البعض فى مساحة اليمين الدينى يوميا تصريحات تتهم الإعلام بالتخريب وتشكك فى موضوعيته وتهدد بتعقب التعبير الحر عن الرأى، وحين يدفع البعض بين صفوف المعارضة يوميا بحتمية تدخل الجيش فى السياسة ويروجون لوعى زائف مقتضاه كون الجيش هو القوة الوحيدة القادرة على إزاحة الإخوان المنتخبين، تصبح إعادة تأهيل هذه العناصر فى اليمين الدينى والمعارضة ضرورة لإنقاذ مصر.
فقمع وتهديد وتعقب الإعلام معركة حتما خاسرة وتجاوزات سيادة القانون وضمانات الحقوق والحريات التى تحدث بها كارثية. تماما كما أن الطبيعة المدنية (مضاد العسكرية) للدولة لا تراجع عنها ولا إعادة لعقارب الساعة إلى الوراء بشأن إبعاد الجيش عن السياسة ولا مساومة على أن من جاء بصندوق الانتخابات لن يتغير إلا بصندوق الانتخابات. والأخير يمكن أن يأتى مبكرا لرئيس لا ينجز ويفقد الشرعية الأخلاقية والقدرة على بناء شراكة وطنية حقيقية تجمع جماعته والمعارضة وطيفا واسعا من المصريات والمصريين.