مهما وقع من جرائم قتل باسم الدين فى حق جنودنا الأبرار فإن جهود المؤسسات الدينية فى مواجهة الفكر المنحرف سوف تظل فى مكانها ما لم تضع يدها على الأسباب الحقيقية للفكر المنحرف، ويفيد فى هذا أن النيابة تقوم بتوجيه أسئلة خاصة للمتهمين تكشف كيف يفكرون، وتكون الإجابات أمام القائمين على المؤسسة المختلفة خاصة الدينية، ومن هذه الأسئلة الموجهة للمتهمين فى قضايا الإرهاب:
هل وصلتك أى نتيجة للمؤتمرات التى قامت بها المؤسسة الدينية لمحاربة الإرهاب؟ هل وصلتك الكتب التى خرجت من المشيخة أو «الأوقاف» حول الرد على الأفكار المنحرفة وتصحيح الأفكار؟ كم مرة شاهدت برنامج الإمام الأكبر على التليفزيون المصرى؟ وهل تأثرت به؟ هل تستمع لخطب وكتابات «القرضاوى»؟ وهل تأثرت بها؟ من هم شيوخ السلفيين الذين تستمع إليهم؟ ما القنوات التى تشاهدها دائماً؟ مَن من مشيخة الأزهر يمكن أن يمثل مرجعية دينية حتى وإن اختلفت معه؟ هل وصلك شىء عن فعاليات المجلس الأعلى للشئون الإسلامية؟ مَن من مسئولى المشيخة أو «الأوقاف» لفت نظرك بعلمه فى برنامج أو خطبة جمعة أو على مواقع التواصل الاجتماعى؟ للقائمين على مشيخة الأزهر و«الأوقاف» عدد من المؤلفات العلمية.. هل سمعت عنها؟ هل لفت نظرك شىء منها؟ ما رأيك فى كلام سيد قطب عن التفكير والجاهلية؟ هل مصر دولة إسلامية أم محاربة للإسلام؟ هل تؤمن بأن الجيش قتل الساجدين؟
بل على النيابة أن تسأل المتهمين عدداً من الأسئلة الخارجة عن السياق لكنها مهمة جداً فى كشف أسباب تكوين عقل المنحرف، وهذه الأسئلة من نوعية: هل ترى أن النجاح فى المسابقات الوظيفية التى تجريها المشيخة أو «الأوقاف» محكومة بقواعد حيادية عامة تسوى بين الجميع، أم محكومة بالوساطة والمعارف والقرابة؟ هل ترى أن الترقيات فى المشيخة أو «الأوقاف» محكومة بقواعد عادلة أم محكومة بالوساطة والمحسوبية؟ وبعد الإجابة يأتى سؤال آخر: إذاً أنت تثق (أو تشك) فى أمانة القائمين على المشيخة و«الأوقاف»؟!
إن هذه الأسئلة الثلاثة الأخيرة تكشف لنا ما إذا كانت مكانة القائمين على المؤسسة الدينية منهارة ومهتزة فى النفوس على المستوى الشخصى أم لا، لأنها إن كانت مهتزة فإن أى جهود لمحاربة التطرف ستكون مضيعة للوقت وإهداراً للمال العام؛ لأن أسلوب التيارات المنحرفة فى هدم مرجعية الأزهر ليست بالعلم، وإلا فإن صغار الأزهريين عندهم من العلم ما ليس عند أتباع التيارات المنحرفة، وإنما مدخل التيارات لهدم مرجعية الأزهر يكون من خلال فقدان الثقة فى القيادات الأزهرية من خلال تورط القيادات فى خيانة الأمانة عند الإشراف على الوظائف والتعيينات، وبالتالى فإن الثقة إذا كانت مفقودة فى أمانتهم فإنها ستكون مفقودة حتماً فى علمهم حتى وإن كان لديهم علم الأولين والآخرين، ولا يمكن لأحد أن يقتنع بقيادى متهم بتزوير تأشيرتى حج لزوجته ونجله من مال مؤسسته الأزهرية حتى وإن كان كالشافعى فقهاً، والرازى تفسيراً، وابن هشام لغة.
والأسئلة هذه يتم توجيهها أيضاً من مسئولى الأزهر لعينات من طلبة المعاهد وجامعة الأزهر والجامعات والمدارس المدنية، وعليه يتم تقديم كل الإجابات كما هى للمسئولين عن الأزهر والإعلام والتعليم والثقافة، وبالتالى يتبين موضع الخلل، ومدخل الانحراف، ونعرف هل للمشيخة والأوقاف تأثير فى تقويم الفكر المنحرف أم لا؟ وإن لم يكن (وهو كذلك بالفعل) فكيف يعود التأثير وتكون المرجعية للأزهر رمز الوسطية؟!