هايدى فاروق لـ«الوطن»: الأرشيف البريطانى يضم مئات الوثائق التى تثبت حق الإمارات في الجزر المحتلة
خبيرة الوثائق والحدود الدولية هايدى فاروق
مع حلول الذكرى الخامسة والأربعين لعيدها الوطنى، ربما تكون أفضل هدية لدولة الإمارات الشقيقة أن نقدم لها وثائق جديدة لم تُنشر من قبل تثبت بشكل قطعى عروبة جزرها الثلاث أبوموسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، خصتنا بنشرها خبيرة الوثائق والحدود الدولية هايدى فاروق، دعماً منا للإمارات فى مواجهة إيران التى تحتل الجزر منذ 45 عاماً أيضاً، أى منذ تأسيس الاتحاد الإماراتى.
هايدى فاروق لـ«الوطن»: الأرشيف البريطانى يضم مئات الوثائق التى تثبت حق الإمارات فى الجزر المحتلة.. وأى تحكيم دولى سينصفها
«هايدى» تكشف فى الحوار التالى أنها قضت 15 عاماً للبحث عن كل الوثائق التى تثبت عروبة الجزر بتكليف من القيادة السياسية المصرىة وتحديداً منذ العام 1999 ولا تزال المهمة مفتوحة، لكنها نجحت بالفعل فى جمع عدد هائل من الوثائق نشرت بعضها منذ نحو عامين، وتفرج الآن عن وثائق جديدة لم تُنشر من قبل، معظمها يخص شركة الهند الشرقية المودعة فى الأرشيف والمكتبة البريطانيين، وكلها يقطع بشكل لا لبس فيه بعروبة الجزر الثلاث.
وتؤكد «هايدى» أن أى تحكيم دولى فى وجود هذه الوثائق يصب فى مصلحة الإمارات ويضمن استعادتها للجزر. وأضافت «هايدى»، فى حوارها لـ«الوطن»، أن إيران شرعت فى ادعاءاتها بملكية الجزر الثلاث فى ثلاثينات القرن الماضى، مشيرة إلى أن الأرشيف البريطانى، فضلاً عن 112 وثيقة إيرانية، وثق جميعها بشكل حاسم تبعيتها لحكام رأس الخيمة والشارقة آنذاك، وأن المبعوث السياسى البريطانى للخليج كان قد حذر «البحرية البريطانية» برسالة فى 24 أبريل 1935 من الأطماع الإيرانية فى «طنب».. وإلى نص الحوار.
■ متى بدأ اهتمامك بالجزر الإماراتية الثلاث؟
- فى أغسطس 1999 تم تكليفى من القيادة السياسية فى مصر باعتبارى خبير وثائق ومتخصصة فى مسائل ترسيم الحدود بتجميع الوثائق التى تثبت عروبة الجزر الثلاث: طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى، وبالفعل شرعت فى تجميع واستحضار كل ما يمكن أن يصُب فى التوثيق لعروبة تلك الجزر، وأقول استحضار لأننى أثناء عملية البحث التى امتدت لخمسة عشر عاماًَ كاملة، وجدت إشارات لوثائق إيرانية مهمة توثق لعروبة الجزر، ونجحت فى التحصل على الكثير منها، فى حين لم أصل لجزء يسير من البعض منها، وإن كنت قد تحصلت على صورها، وعاوننى فيما بعد زوجى السفير مدحت القاضى فى إكمال مهمتى فى الحصول على وثائق فى هذا الصدد للتأريخ لها ورصد الحقبة التاريخية التى واكبت كل وثيقة.
كلفت منذ عام 1999 بجمع كل الوثائق التى تثبت عروبة الجزر وجمعت كماً هائلاً منها على مدار 15 عاماً.. ومراسلات حكام الشارقة ورأس الخيمة مع الدولة العلية القيصرية بلغت 586 وثيقة تؤكد السيادة العربية المطلقة على «طنب الكبرى والصغرى»
■ وما خلاصة ما توصلت إليه؟
- الخُلاصة التى وصلنا إليها تؤكد أن أى تحكيم دولى بشأن عروبة الجزر سيصُب حتماً فى صالح دولة الإمارات، فى ضوء قوة موقفها الذى أصبحنا نعلمه جيداً، فالواقع الحالى على الأرض لن يمحو تاريخاً عروبياً متأصلاً لتلك الجزر. وفى تقديرى فإن ملف الجُزر الإماراتية الثلاث من النزاعات الحدودية القليلة الموثقة بالأدلة والخرائط والمخطوطات والرسائل التى تُثبت حيازة دولة الإمارات المُستمرة للجُزر بحسب العُرف والقانون الدولى. وهذا الحق ثابت حتى بالوثائق الإيرانية التى تعد شاهداً صامتاً على هذه الحقيقة، بسبب انتهاج الطرف الإيرانى المنهاج السرى فى تداول وثائقه، ومنع تداولها خارج نطاق الحدود الإيرانية، ومن هنا تأتى أهمية الوثائق الإيرانية التى نجحنا فى الوصول إليها من الأرشيف الإيرانى ذاته.
■ دعينا نعرف القارئ أولاً بتاريخ هذه الجزر وأهميتها؟
- قبل 48 ساعة من إعلان قيام اتحاد دولة الإمارات العربية فى 2 ديسمبر 1971، قام الجيش الإيرانى باحتلال جزيرتى طنب الكبرى وطنب الصغرى التابعتين لإمارة رأس الخيمة، فى الوقت الذى كان فيه حاكم الشارقة قد أبرم «عقد إذعان» مع الجانب الإيرانى حول جزيرة أبوموسى التابعة لإمارة الشارقة، تحت إشراف الحكومة البريطانية بين حاكم الشارقة والحكومة الإيرانية فى 29 نوفمبر 1971، إثر التهديد الإيرانى بالاحتلال ما لم يتم التوصل لاتفاق مُشترك، فى ظل تخاذل وعدم اكتراث بريطانى بحماية محمياتها قبل انسحابها الرسمى وإعلان الدولة الاتحادية، ما يعنى أن الحكومة البريطانية كانت طرفاً فى مُشكلة استمرت لثلاثة عقود ونصف من الاحتلال والسيطرة بالقوة على جزيرة أبوموسى، دائماً كانت الرغبة فى الهيمنة مُفتاحاً لفهم السياسات الإيرانية منذ عهد الشاه محمد رضا بهلوى وحتى الجمهورية الإسلامية، وقد تجلت بمطالبة غير مشروعة بضم «مملكة البحرين» آنذاك، فى مُشكلة حسمتها الأمم المتحدة باستفتاء يُخيّر الشعب البحرينى، فكان صوت شعب البحرين أعلى من صوت أية ادعاءات، وهو ما عُد ضربة للسياسات الإيرانية فى المنطقة، فكان أن بدأت نبرة التهديد الإيرانية تعلو من جديد (مع استمرار الترتيبات البريطانية للانسحاب من المنطقة فى الموعد المحدد وسحب مظلة الحماية عن الإمارات) بأنها (أى إيران)، سوف تحتل الجزر الثلاث بالقوة المُسلحة ما لم يتم التوصل إلى تسوية بشأنها قبيل قيام الدولة الاتحادية المُقترحة، وأضافت إيران تهديدها بعدم الاعتراف بالدولة الاتحادية المُقترحة بل ومعارضتها لقيام هذه الدولة، ما لم تتوصل إلى تسوية حول الجزر تتلاءم مع رغبات إيران.
■ وماذا عن موقف حاكم الشارقة؟
- أعلن حاكم الشارقة آنذاك أنه اضطر إلى التوصل إلى ترتيب مع إيران للتشارك فى السيادة على جزيرة أبوموسى فى مواجهة التهديد الصريح بالاستيلاء على الجزيرة فى حالة عدم قبوله، والحقيقة أن التعاطى مع المطالب الإيرانية كان خياراً واقعياً لحاكم الشارقة فى ظل تخاذل بريطانيا عن ردع التحركات الإيرانية، فى بداية التسعينات عملت الحكومة الإيرانية على تعزيز موقفها فى جزيرة أبوموسى بسلسلة إجراءات بدأت بمنعها موظفى دولة الإمارات من دخولها إلا بتصريح من السلطات الإيرانية، وفرضها قيوداً على دخول وخروج السكان، فضلاً عن قيامها بتعزيز وجودها العسكرى فى جزيرة أبوموسى وتعيين حاكم عسكرى، أى إنها حسمت موضوع السيادة عليها من جانب واحد دون مُراعاة لما ورد فى اتفاقية التفاهم التى وقعتها مع حاكم الشارقة.
■ نعود مرة أخرى للوثائق.. من أين حصلت علىها؟
- من مصدرين رئيسيين، أولهما وثائق شركة الهند الشرقية المتوافرة فى المكتبة البريطانية والأرشيف البريطانى، والمصدر الثانى وثاثق من الأرشيف الإيراني.
■ سبق ونشرت عن وثائق تثبت عروبة الجزر من نحو عامين، ما الجديد فى الوثائق الحالية؟
- الوثائق السابقة التى تشير إليها كانت جميعها إيرانية أما الوثائق الحالية فهى وثائق بريطانية محفوظة فى الأرشيف والمكتبة البريطانية ولم ينشر أى منها من قبل وتقطع بشكل لا لبس فيه بتبعية الجزر الثلاث للإمارات، بالإضافة لوثائق إيرانية جديدة.
السلطات الإيرانية طلبت وساطة بريطانيا لدى حاكم الشارقة لمد أجل خروج «بن سميح الإيرانى» من «أبوموسى» فى ديسمبر 1912.. ووثائق شركة الهند الشرقية أكدت عروبة الجزر الثلاث.. وما يتعلق بـ«أبوموسى» منها 1302 وثيقة
■ وكم عدد الوثائق الإيرانية التى حصلت عليها؟ وما أهمها فى إثبات عروبة الجزر الثلاث؟
- لدى 112 وثيقة، منها كتاب إيرج إفشار سيستانى، «جزيرة بوموسى وجزاير تنب بزرك وتنب كوجك - تهران 1374»، ومجموعة مقالات دومين سمينا بررسى خليج فارس - مركز مطالعات خليج فارس - تهران 1372»، ومجموعة مقالات «جهارمين سمينار خليج فارس، مركز مطالعات خليج فارس، دفتر مطالعات وبين المللى، تهران 1373».
■ وكيف حصلت على هذه الوثائق؟
- لا تعليق.
■ وما علاقة شركة الهند بهذه القضية؟
- شركة الهند هى الهيئة الإدارية التى كانت تضطلع بشئون الخليج شرقه وغربه، وهذه الشركة نشأت حينما خضعت الهند لحُكم التاج البريطانى مباشرةً، وقد تم تأسيسها فى عام ١٨٥٨، وانتهت أعمالها فى عام ١٩٤٧، وقد أنشأها التاج البريطانى كوزارة ولكنها اختلفت عن باقى الوزارات البريطانية، ففى حين اختصت الوزارات الأخرى بمجال واحد فقط، كان مكتب الهند بمثابة حكومة، وعموماً فى عام 1820 قامت «شركة الهند الشرقية» بعمل أول مسح جغرافى شامل لساحل الخليج، من خلال ملازم بحرية بريطانى يدعى مستر «هوتون» وفريق عمله، الذى أنجز عملية المسح من على متن سفينة متكاملة أُعدت لهذا الغرض، وفى عام 1829 قام مستر «كوك» بعمل تصحيحات لتلك الخارطة، فكان هذا هو الناتج النهائى، وجاءت جزرنا الثلاث «أبوموسى» و«طنب الكبرى» و«طنب الصغرى» ملونة باللون الأحمر تماماً مثل لون الساحل العربى للخليج، فى حين جاءت الجزر التابعة للساحل الفارسى ملونة باللون الأخضر.
رسالة المقيم البريطانى بالخليج فى 15 يناير 1913 لإخلاء «أبوموسى» من متعلقات «بن سميح الإيرانى» تنفيذاً لقرار حاكم الشارقة تدلل على السيادة العربية على الجزيرة.. وإيران شرعت فى ادعاءاتها بملكية الجزر الثلاث فى ثلاثينات القرن الماضى.. وأرشيف «الخارجية البريطانية» وثّق بشكل حاسم تبعيتها لحكام رأس الخيمة والشارقة آنذاك
■ إلى أى مدى تعد خرائط شركة الهند مهمة فى إثبات عروبة الجزر الثلاث؟
- تعد وثائق وخرائط شركة الهند الشرقية أهم مصدر لتوثيق تاريخ شبه الجزيرة العربية وبلاد فارس، ويصل عدد خرائطها إلى نحو سبعة آلاف خريطة، وما يهمنى هنا هو ما يتعلق منها بقضية جزرنا الثلاث، طنب الكبرى والصغرى وأبوموسى، فقد احتوى أرشيف شركة الهند خرائط وثائق تقطع بثبوتية حق الإمارات فى جُزُرِهِ الثلاث، وبلغ عدد الوثائق الخاصة بجزيرة أبوموسى وحدها 1302 مستند ما بين عقود امتياز بين حاكم الشارقة والحكومة الألمانية للتنقيب عن الأوكسيد الأحمر بالجزيرة، وما بين مراسلات بين حاكم الشارقة وبين الحكومة الألمانية وغيرها.
■ وماذا عن وثائق جزيرتى طنب الكبرى والصغرى؟
- ما يتعلق بجزيرتى طنب الكبرى والصغرى، فقد بلغ عدد الوثائق والخرائط 586 وثيقة، هى مجموع مراسلات بين حكام الشارقة ورأس الخيمة مع الدولة العلية القيصرية بشأن الجُزُر ومع الخارجية البريطانية وبين الأخيرة وحكام فارس، والوثائق التى سأستعرض جزءاً صغيراً منها توثق لمظاهر السيادة المُطلقة التى كانت لحكام الشارقة ورأس الخيمة على الجزر المذكورة، فبالنسبة لجزيرة أبوموسى نجد على سبيل المثال وثائق من شركة الهند الشرقية تحوى أوراقاً خاصة وسجلات مؤرخة فى مايو ١٩٣٤، وهى توثق لتاريخ عقد امتياز (ثانى عقد امتياز) للتنقيب عن الأوكسيد الأحمر فى أبوموسى، منحه ووقعه الشيخ سالم بن سلطان حاكم رأس الخيمة، الذى منح هذا الامتياز لمدة خمس سنوات لـ«فرانك كلارك ستريك» وللسيد «روبرت فنكهاوس» وجعل مدة عقد الامتياز تبدأ من يناير ١٩٢٣ وتنتهى فى بداية عام ١٩٢٨، ومن واقع الوثائق التى نجحنا فى التحصل على نسخها أيضاً فقد جاء عقد الامتياز الأول السابق لعقد الشيخ «سالم» موقعاً من الشيخ «صقر بن خالد القاسمى» حاكم الشارقة فى أبريل عام 1898، وقد مُنح هذا الامتياز لشخص يُدعى «حسن بن سميح» وولده «عبدالله» و«عيسى بن عبداللطيف»، ابن وكيل المقيمية فى الشارقة، وكان جميع أصحاب الامتياز مقدمين على أنهم رعايا بريطانيون.
ومجموعة وثائق شركة الهند الشرقية عن جزيرتى طنب الكبرى والصغرى هى أوراق خاصة وسجلات حملت تعبير (سرية) وبها عدة مراسلات لحكام فارس فى محاولات يائسة منهم للاستيلاء على الجزيرتين أجهضته جُهود حُكام إمارات ساحل الصُلح والدولة القيصرية وسُكان الجُزُر من العرب التابعين لحكام القواسم، ونجد ضمن الوثائق رسائل سرية إلى الحكومة البريطانية عن حوار دار بين فريق أول فرنسى العميد البحرى «ريفيه» وكان مركزه فى «باسيدو»، وهو القائد الأول لأسطول الخليج العربى فى جزر أبوموسى، وطنب الكبرى والصغرى مع الشيخ المحلى بجزيرة طنب.
■ دعينا نستعرض مضمون بعض هذه الوثائق على نحو أكثر تفصيلاً؟
- هناك الوثيقة المحفوظة بالمكتبة البريطانية تحت عنوان 14/115 VIII B 17 الأوكسيد الأحمر فى أبوموسى، وتتكون من مجلد واحد ٢٤٩ ورقة، وهى الوثيقة التى يعود تاريخها إلى ٥ يناير ١٩١٣-١٠ سبتمبر ١٩١٦، وتوجد بالمكتبة ضمن أوراق خاصة وسجلات من مكتب الهند، وتتضمن الوثيقة مجموعة من المراسلات المهمة الخاصة بطلب التنقيب عن الأوكسيد الأحمر فى أبوموسى، والحصول على موافقة حاكم الشارقة، صاحب الحق فى منح الامتياز الذى كان طرفه الآخر شخصاً من الرعايا البريطانيين بالشارقة يدعى «حسن بن سميح»، كما تتضمن المراسلات أيضاً إنهاء حقوق التعدين التى كانت لشركة فنكهاوس، وطلبات شحن معدات التعدين الخاصة بحسن بن سميح، وكذلك تتناول مفاوضات وزارة الخارجية البريطانية بهذا الشأن مع حاكم الشارقة، وليس هناك من دليل ثبوتى أعظم من هذا الدليل على ما كان لحكام الشارقة ومن قبلهم حكام رأس الخيمة من سيادة مطلقة على جزيرة أبوموسى، وتتضمن أطراف المراسلات كلاً من «خان بهادر أغا بدر» وكيل المقيمية فى لنجة؛ والسير «بيرسى كوكس» المقيم السياسى فى الخليج العربى والسير «س ج. هومر» قائد أعمال منارة الخليج العربى؛ ووكيل المقيمية بالشارقة؛ ونائب وزير الخارجية فى لندن؛ و«واسموس» قنصل الإمبراطورية الألمانية فى بوشهر؛ و«كارل ليكنوفسكى» من السفارة الألمانية فى لندن.
■ وما الأوكسيد الأحمر؟
- كانت السفن تُصبغ بلونين حتى تصبح قوية وتستطيع التصدى لملوحة البحر، وهذا اللون يمنع تآكل الحديد من الصدأ الذى يأكل هيكل السفينة بسبب مياه البحر المالحة، والصبغة الحمراء تستخرج من مادة الأوكسيد الأحمر أو ما يسمى «المغر» وكانت هذه المادة متوافرة بكثرة، حيث كانت مصدراً من مصادر الدخل لإمارة الشارقة.
المبعوث السياسى البريطانى للخليج حذر «البحرية البريطانية» برسالة فى 24 أبريل 1935 من الأطماع الإيرانية فى «طنب».. ووثيقة بريطانية أشارت إلى أن علم إمارة رأس الخيمة كان يرفرف فوق جزيرتى طنب الكبرى والصغرى فى 8 أبريل 1935
■ وماذا حوت هذه الوثائق أيضاً من دلالات على ملكية حكام الشارقة للجزر؟
- هناك وثيقة إيرانية مؤرخة فى 13 ديسمبر من عام 1912 مرسلة من حاكم لنجة الإيرانى إلى الوكالة البريطانية بلنجة ويتطرق مرسلها فى الصفحة الـ15 إلى الحديث عن قضية «حسن بن سميح» و«عيسى بن عبداللطيف السركال» ابن الوكيل المحلى للسلطة البريطانية اللذين قاما بعقد اتفاق مع شركة «فانكهوس» الألمانية عام 1904 للتنقيب عن الأوكسيد الأحمر فى جزيرة أبوموسى، إذ إن حسن بن سميح قد تحصل على موافقة غير رسمية من حاكم الشارقة صاحب السيادة على الجزيرة للتنقيب عن الأوكسيد لمدة أربعة أعوام وثبت للحاكم أن شركاء «حسن بن سميح» ليس لهم علم ببنود العقد المبرم بينه وبين الشركة، وهنا ألغى حاكم الشارقة الامتياز الممنوح لسميح، ولأن شركة «فانكهوس» كانت قد قامت فى أواخر أبريل 1908 بتصدير 1810 أطنان من الأوكسيد، وكانت هناك 400 طن أخرى على الساحل مع كميات كبيرة من الأوكسيد الخام فقد سمحت بريطانيا للشركة بتصدير كميات الأوكسيد على أن تنهى أعمالها فى ديسمبر 1912، لذا أرسلت السلطات الإيرانية مع حسن بن سميح، الذى كان إيرانى الأصل، هذه الرسالة إلى المسئول البريطانى بالجزيرة تستحثه فيها على التوسط لدى حاكم الشارقة صاحب السيادة لمد أجل خروج حسن بن سميح من الجزيرة، وهو ما رفضته السلطات البريطانية.
■ ما أبرز دلالات ممارسة حاكم الشارقة شئون السيادة على جزيرة أبوموسى؟
- جاء فى الصفحة التاسعة عشرة من ذات الوثيقة، وهى عبارة عن رسالة من المقيم السياسى البريطانى بالخليج إلى القيادة العامة للضباط، مؤرخة فى 15 يناير من عام 1913 يتحدث فيها عن وصوله إلى لنجة وقد اصطحب معه السير «هومر» الذى أوكلت إلىه مهمة الذهاب إلى جزيرة أبوموسى لإخلائها من متعلقات حسن بن على سميح ومن حيواناته، والذهاب بها إلى لنجة لتسليمها (تنفيذاً لقرار حاكم الشارقة بإنهاء عقد امتياز حسن بن سميح وشركاه) وهى دلالة مهمة على ممارسة حاكم الشارقة للسيادة المطلقة على الجزيرة المذكورة، وفى الصفحة الخامسة والعشرين من الوثيقة نجد أنها تحكى فصلاً مهماً من قضية إنهاء حاكم الشارقة لعقد شركة «فانكهوس» الألمانية وحسن بن سميح، ففى الرسالة التى حملت كلمة «محظور» والمرسلة من السير كوكس المقيم السياسى البريطانى بالخليج إلى حكومة صاحبة الجلالة، مؤرخة فى 13 يناير من عام 1913، ما يوثق مرسلها فيها إلى أنه فى ضوء عدم رد الحكومة الألمانية على مذكرتهم المؤرخة فى 6 ديسمبر من عام 1911، فإنه من ثم سيسمح للشركة بتصدير كميات الأوكسيد على أن تنهى أعمالها فى 12 ديسمبر 1912، وفى الصفحة 72 من الوثيقة الأولى وتتحدث عن رسالة من وكيل الشارقة لإطلاع جناب الشيخ صقر بن خالد حاكم الشارقة بأنه قد تم إخلاء جزيرة أبوموسى من متعلقات حسن بن سميح وحيواناته، والرسالة مؤرخة فى 15 فبراير لعام 1913، وهى توثق بجلاء لما كان لحاكم الشارقة من سيادة مطلقة على جزيرة أبوموسى.
■ ألم تحو أى مخاطبات ومراسلات رسمية بريطانية أخرى أى إشارة إلى سيادة حكام رأس الخيمة والشارقة على هذه الجزر؟
- هناك وثيقة ثانية من وثائق المكتبة البريطانية، وهى عبارة عن مجلد واحد (١٤٣ ورقة) وتحمل الرقم 14/88 يعود تاريخه إلى ٢٤ ديسمبر ١٨٧١-٨ ديسمبر ١٩٠٠، والنسخة الأصلية محفوظة فى المكتبة البريطانية، ضمن أوراق خاصة وسجلات من مكتب الهند، وهذه الوثيقة هى من الأهمية بمكان إذ إنها تحوى مجموعة من المراسلات والتقارير المهمة جداً بشأن تساؤلات حول تبعية جزر أبوموسى وطنب الكبرى والصغرى، عقب قيام إيران بالبدء فى الشروع فى ادعاءاتها على الجزر فى الثلاثينات من القرن المنصرم، الأمر الذى أدى بالخارجية البريطانية إلى استدعاء أرشيفها، الذى وثق بشكل قطعى تبعية الجزر لحكام رأس الخيمة والشارقة دون منازع، وفى ذات الوثيقة نجد رسالة من المبعوث السياسى البريطانى للخليج إلى ضابط البحرية البريطانى مؤرخة فى 24 أبريل عام 1935 تفيد بدايات رصد أطماع فارسية فى جزر طنب، وتطالبه بتوخى الحذر من تلك النشاطات المريبة الإيرانية، وحيث أبدى المندوب البريطانى مخاوفه من تلك الأطماع فى جزر طنب وذلك لقربها من جزيرة أبوموسى. وفى ذات الوثيقة نجد دليلاً ثبوتياً قطعياً بتبعية جزر طنب لحاكم رأس الخيمة، وهو ما تعكسه إحدى صفحات هذه الوثيقة، التى اشتملت على رسالة توضح أن علم إمارة رأس الخيمة هو العلم الذى كان يرفرف فوق جزيرتى طنب الكبرى والصغرى. كما نجد بين أوراق الوثيقة رسالة سرية من مسئول مكتب شركة الهند الشرقية فى الشارقة، مؤرخة فى 10 أبريل من عام 1935، تفيد قيام حاكم رأس الخيمة فى الثامن من أبريل من ذات العام بإرسال بعثة من طرفه على متن القارب «جولى» إلى جزر طنب ومعهم علم إمارة رأس الخيمة، حيث قاموا بتثبيت هذا العلم بتاريخ الثامن من ذات الشهر ثم عادت البعثة فى اليوم التالى.
■ متى بدأت أول مساعى إيران لإثبات ملكيتها للجزر؟
- هناك الفرمان الشاهبانى الذى ضمنته صفحات الوثيقة وهو صادر إلى وزارة الداخلية الإيرانية مع بدايات الأطماع الإيرانية فى الجزر، ويتعرض لتوزيع الدوائر الانتخابية الإيرانية ومحاولة إدخال الجزر ضمنها فى محاولات أولى لتثبيت مزاعم مغلوطة حول الجزر، ومن الوثائق المهمة فى تقديرى، الوثيقة المودعة بالمكتبة البريطانية تحت رقم 14/166 B 2 عن مطالبة حسن بن سميح بممتلكاته التى فقدها فى جزيرة أبوموسى ١٩١٠، ومحتويات السجل عبارة عن مجلدٌ واحد (١١٧ ورقة)، يعود تاريخه إلى ٢٣ أكتوبر ١٩٠٧-١٩ مايو ١٩١٣.
وتتلخص أوراق القضية، التى كان أحد طرفيها «حسن بن سميح» بينما الطرف الآخر كان الشيخ «صقر بن خالد» حاكم الشارقة، ويدور محور الإشكالية حول معدات وعتاد كانت للأول فى جزيرة أبوموسى وفقدها، وقبيل الدخول فى تفاصيل النزاع وكيف أن وثائقه جاءت قاطعة بالسيادة المطلقة التى كانت لحكام الشارقة آنذاك على جزيرة أبوموسى، فإننى فى عُجالة أذكر أن وثائق تلك المسألة تقع فى 117 ورقة، وقد جاءت ضمن وثائق شركة الهند الشرقية فى مجلد قديم أطرافه لبنية اللون، وكُتبت بثلاث لغات، الإنجليزية والفرنسية والعربية، وتجرى أحداث الوثائق فى الفترة من 23 أكتوبر 1907 وحتى 19 مايو 1913، وتحوى العديد من المراسلات حول الدعوى التى أقامها الشيخ «صقر بن خالد» حاكم الشارقة ضد «حسن بن سميح»، لفقدان بعض خيوله بجزيرة أبوموسى، كما تتضمن أطراف المراسلات كلاً من وكيل المقيمية البريطانية فى لنجة؛ السير بيرسى كوكس المقيم السياسى فى الخليج العربى.
■ هل دعاوى حاكم الشارقة ضد حسن بن سميح تشير إلى سيادته على جزيرة أبوموسى؟
- بالطبع، وقد ورد فى نفس الوثائق الخاصة بملف بن سميح أوراق تتعلق ببعض المراسلات التى حوت مطالبة حسن بن سميح بممتلكاته التى فقدها فى جزيرة أبوموسى، بعد أن فقدت شركة فانكهوس الألمانية الامتياز عقب حكم إحدى المحاكم الأجنبية حول المسألة محور اتفاقية شركة فانكهوس لاستغلال أوكسيد جزيرة أبوموسى إشارات إلى أن شخص اسمه حسن بن سميح، وليس واضحاً من هو، وما جنسيته، ولكن على الأغلب، يبدو أنه أحد سكان المناطق الجنوبية مع إيران، وقام بالاشتراك مع شخصين، أحدهما عيسى بن عبداللطيف السركال ابن الوكيل المحلى للسلطة البريطانية، بعقد اتفاق مع شركة فانكهوس الألمانية عام 1904 للتنقيب عن هذه المادة فى الجزيرة، ويبدو أن سميح حصل على موافقة مبدئية من حاكم الشارقة، ولكنها لم تكن رسمية، على اعتبار أنها عملية استثمار تجارى لإحدى الشركات الألمانية، ولكن الإنجليز نظروا للموضوع نظرة مختلفة، فبغض النظر عن هذا الاتفاق الذى كان يعنى السماح بدخول الألمان للمنطقة، فإن حكومة الهند البريطانية طلبت من حاكم الشارقة إجراء تحقيق حول هذا الموضوع، وثبت للحاكم أن شركاء حسن بن سميح ليس لهم علم ببنود العقد المبرم بينه وبين الشركة، وهنا ألغى حاكم الشارقة الامتياز الممنوح لسميح، وكان من ضمن بنود الاتفاق بين الطرفين حق الشركة فى احتكار إنتاج الأوكسيد لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد، وكل ذلك توثيق قطعى لممارسة حاكم الشارقة كل مظاهر السيادة الكاملة فى جزيرة أبوموسى، كذلك وجدت إحدى الوثائق المهمة وهى محفوظة بالمكتبة البريطانية تحت رقم استدعاء IOR/R/15/1/257 ، حيث نجد أن محتويات السجل عبارة عن مجلد واحد (٣٢٢ ورقة) يعود تاريخه إلى ٢٩ نوفمبر ١٩٠٨-١٧ فبراير ١٩١٠، والنسخة الأصلية محفوظة فى المكتبة البريطانية تحت عنوان أوراق خاصة وسجلات من مكتب الهند، وتتحدث عن الأوكسيد الأحمر فى أبوموسى، وهى من سجلات شركة الهند الشرقية المحفوظ أصلها بالأرشيف البريطانى، وتشمل مذكرة للسير جون جيلبرت لايثوايت فى مايو 1934 تتناول عقد امتياز منحه فى الماضى وتحديداً عام 1898م الشيخ سالم بن سلطان القاسمى للسيد روبرت فانكهوس وفرانك كلارك ستريك ثم قيام الشيخ صقر بن خالد القاسمى بمنح عقد امتياز عقب انتهاء العقد الأول لحسن سميح وولده عبدالله، وعيسى بن عبداللطيف، ابن وكيل المقيمية فى الشارقة وكانوا من الرعايا البريطانيين، وذلك فى محضر الرد على ادعاءات إيرانية ظهرت عام 1934 م بملكية أبوموسى فأعدت الحكومة البريطانية ردها من واقع مذكرة السير جون.