شروط استعارة الكتاب من المكتبات تجبر الشباب على استبدال «الإلكترونى» بـ«الورقى»: «القراءة مش للجميع»
شروط تعجيزية لاستعارة الكتب من المكتبات
يتجول بين الجدران المليئة بالكتب وهو يستنشق عبق رائحتها المميز الذى يحرك بداخله تلك المشاعر التى كونها مع الكتب المختلفة عبر السنين الماضية، ثم يمرر أصابعه بين بعض من الأسماء المتراصة بجوار بعضها ويسحب أحدها ويقوم بتقليبه، ليقول فى قرارة نفسه إنه الكتاب الذى يبحث عنه، ثم يجلس على إحدى الطاولات يغوص فى عالم القراءة لمدة ساعة كامة، وبعدها يقرر أن يأخذ ذلك الكتاب معه ليكمل قراءته بالمنزل فيتوجه إلى أمين المكتبة ويطلب منه استعارة ذلك الكتاب ليفاجأ بطلب الضامن الحكومى له.
ذلك المشهد يتكرر فى بعض المكتبات العامة بالرغم من قلة روادها، حيث قامت بوضع شروط على الاشتراك وشروط أخرى للاستعارة منها، فلا يستطيع كل من هو مشترك فى المكتبة أن يستعير الكتاب الذى يريده.
بعض المكتبات العامة تشترط على من يستعير كتاباً وجود ضامن وختم من جهة حكومية مما أدى إلى قلة روادها
مثل الحال فى مكتبة السادس من أكتوبر العامة، وهى المكتبة العامة الوحيدة التابعة للدولة فى منطقة السادس من أكتوبر، فعندما تدخلها تجدها خاوية من الأعضاء أو المشتركين، وعلى الرغم من اهتمامها بالأنشطة الثقافية للأطفال ولكن نادراً ما يأتيها أعضاء للقراءة أو الاستعارة، فالمكتبة تفرض مصاريف رمزية للاشتراك بها ولكنها تدعم شروط الاستعارة بوجود ختم من جهة حكومية على استمارة الاشتراك كضامن للعضو.
وهو الشرط الذى تفرضه أيضاً مكتبة جامعة 6 أكتوبر الخاصة على الأعضاء الراغبين فى استعارة الكتب عدا طلابها بوجود ختم على استمارة الاشتراك من جهة تعليمية أو جهة عمل حكومية، وتعتبر تلك المكتبة صرحاً علمياً كبيراً يدعمه تقنيات تكنولوجية حديثة ويضم أكثر من 15000 كتاب ورقى باللغات العربية والأجنبية فى مختلف التخصصات، ومع ذلك فيكاد ذلك المكان لا يأتيه سوى طلاب الجامعة نفسها فقط من الباحثين عن مراجع.
تلك الشروط التى تضعها بعض المكتبات العامة ساعدت بشكل أكبر على انتشار القراءة الإلكترونية عبر الـpdf لتبنى حائطاً بمرور الوقت بين القراء والنسخ الورقية.
تقول سلمى يوسف: «ختم استمارة الاشتراك كشرط للاستعارة داخل المكتبة هو أمر فوجئت به بعد تخرجى من جامعة 6 أكتوبر، فبالرغم من أنى كنت طالبة بها منذ شهور قليلة ولكن عندما رغبت فى استعارة كتاب ما بعد تخرجى طلب منى أمين المكتبة أن آتى له بختم من جهة حكومية»، وتوضح «سلمى» أنها منذ ذلك الوقت لم تعر اهتمامها للمكتبات العامة وبدأت تلجأ بعد ذلك إلى البحث إلكترونياً عن الكتب المختلفة التى تريدها.
أما عن آية حسن الفتاة الجامعية، فتوضح أن ظاهرة انتشار الكتب إلكترونياً تساعدها كثيراً، حيث تقول «فى كثير من الأحيان أشعر بعدم رغبتى فى التوجه إلى المكتبة للبحث عن كتاب أريده، ولماذا أفعل ذلك وأنا أستطيع بضغطة زر أن أحصل على الكتاب الذى أريده وغيره الكثير من الكتب، وما شجعنى على هذا أيضاً أننى كثيراً ما كنت أواجه مواقف فى عدم القدرة على الحصول على النسخ الورقية لكتب معينة أريدها على وجه السرعة بسبب الروتين الممل داخل المكتبات، لذا بدأت ألجأ إلى النسخ الإلكترونية».
«الـPdf شعار للقراءة فى أى وقت، وأنا من الناس اللى بتحب تقرأ حتى فى الضلمة» كانت تلك كلمات «منة خليل» الفتاة العشرينية التى عبَّرت عن تفضيلها للقراءة الإلكترونية والتى وصفتها بأنها سهلة وتضمن لها متعة أكبر أثناء القراءة، تقول «منة»: «فى بعض الأحيان يكون سعر الكتاب الذى أرغب فى قراءته غالى الثمن فى حين أن قراءته إلكترونياً لا تكلفنى شيئاً»، أما عن شروط الاستعارة فترى أنها قد لا تسبب أزمة ولكن الأزمة الحقيقية عدم توافر نسخ ورقية للبيع لدى المكتبات العامة والتى قد تساعد كثيراً محبى القراءة الورقية.
وعلى النقيض هناك مجموعة من الشباب يرفضون فكرة الاستغناء عن القراءة من خلال الكتب الورقية، ويؤكدون أن لها مذاقاً خاصاً لا يمكن مقارنته أبداً بتلك التى تكون عبر الإنترنت.
سامر محمود، أحد هؤلاء الشباب الذين يتمسكون بالكتاب الورقى يقول: «أكاد أكون لم أقرأ فى حياتى كتاباً إلكترونياً كاملاً، فالقراءة بالنسبة لى لا تتمثل إلا فى ذلك الكتاب الذى تشعر بصفحاته أثناء تناولك فنجاناً من القهوة»، ويضيف «قد أضطر للبحث عن كتاب خلال يوم كامل فى المكتبات ولكنى لا ألجأ للبحث عنه إلكترونياً».
وقد أيده فى الرأى كريم ياسين، الذى يعتبر أن للورق روحاً يفتقدها عند تصفح نفس الكتاب إلكترونياً، قائلاً «مهما تطورت الوسائل التكنولوجية لن يحل الكتاب الإلكترونى مكان الكتاب الورقى بأى شكل كان» ويضيف ياسين «أن المكتبات العامة لها روادها ولكن معظمها يفتقد إلى العناصر التى قد تجذب الشباب، مثل الفعاليات التى قد ينشئها الكتاب الشباب داخل تلك المكتبات».