س: هل تحتاج مصر إلى قرض صندوق النقد الدولى؟
ج: نمر بأزمة اقتصادية ومالية خانقة مع تراجع معدلات أداء معظم قطاعات الاقتصاد (الصناعة والسياحة والزراعة والخدمات العامة وغيرها) وغياب الاستثمارات (الداخلية والخارجية) والارتفاع المستمر لعجز الموازنة العامة وانخفاض الاحتياطيات النقدية. ولتجاوز الأزمة الاقتصادية والمالية هذه، ونتائجها المباشرة على المواطنات والمواطنين وهى تدهور الظروف المعيشية وارتفاع معدلات الفقر والبطالة والتهميش، تحتاج مصر إلى تعبئة موارد استثنائية وتوظيفها وفقا لخطة محكمة لا تقتصر على مجرد السيطرة على عجز الموازنة.
ومن بين الموارد الاستثنائية التى يمكن تعبئتها تأتى القروض، داخلية وخارجية، شريطة إدارة الاقتراض على نحو لا يحول الدولة إلى مدين غير قادر على السداد ولا يعطل تنشيط القدرات الاقتصادية والمالية للخروج من دائرة العجز والاقتراض بلا نهاية معلومة. ومن بين الموارد الاستثنائية الأخرى يأتى ترشيد الإنفاق العام، ومن بينها تأتى ضرائب الدخل والاستهلاك (المبيعات) والأرباح الرأسمالية وضرائب الشركات، والتى يمكن توظيفها بعقلانية لتجاوز الأزمة الاقتصادية والمالية.
فى ضوء هذا، أرى أن مصر اليوم تحتاج إلى قرض صندوق النقد الدولى، إلا أن هناك مجموعة من الشروط المركزية لتوظيفه اقتصاديا وماليا ومجتمعيا على نحو يحقق المصلحة الوطنية.
س: وما مجموعة الشروط هذه؟
ج: الشرط الأول هو ألا يختزل قرض الصندوق فى مجرد أداة لسد العجز الرهيب فى الموازنة العامة (تقريبا 30 مليار دولار)، ولا يوقعنا من ثم فى متوالية العجز - الاقتراض اللانهائية، ويمكن من الإفادة من القرض لتنشيط قطاعات اقتصادية مؤثرة.
والشرط الثانى هو وضع القرض ومعه بقية الممارسات الاقتراضية الداخلية والخارجية فى إطار أوسع لتعبئة الموارد الاستثنائية من ترشيد الإنفاق العام وإدخال تعديلات ضريبية مع مراعاة ألا تحمل الفئات محدودة الدخل، وهم أغلبية المصريات والمصريين، دون غيرها تكلفة الموارد الاستثنائية هذه.
والشرط الثالث هو أن يرتبط بالقرض إدخال تغييرات حقيقية فى حزمة السياسات الاقتصادية والاجتماعية المتبعة حاليا، كدعم الطاقة والدعم العينى والتأمينات وسياسات التعيين فى القطاع العام، على نحو يعالج الاختلالات الكثيرة فى الاقتصاد المصرى ويرفع من كفاءته على المديين المتوسط والطويل ويحقق العدالة الاجتماعية التى هى حق للمصريات وللمصريين.
س: وهل تبدو حكومة الرئيس المنتخب قادرة على إدارة محادثاتها مع صندوق النقد للوصول إلى التزام بالشروط هذه والإفادة الفعلية من القرض لتجاوز الأزمة الاقتصادية والمالية؟
ج: فى ظل غياب شفافية الحكم وتعامل الرئيس وحكومته مع القرض وشروطه كسرٍّ حربى، لا علم لدىَّ بالمضامين المحددة للمحادثات مع بعثة الصندوق ولا ببرنامج السياسات الاقتصادية والمالية والاجتماعية الذى تصوغه الحكومة ولا أستطيع من ثم تقرير مدى قرب أو بعد البرنامج هذا عن الالتزام بشروط الإفادة من القرض. أخشى، مع غياب الشفافية ومحدودية إشراك الحكم للمعارضة فى عملية صنع القرار بشأن القرض وغياب التوافق الوطنى والنقاش العام الجاد (المعلوماتى والتفصيلى وليس الشعبوى المنتج للمزايدات)، من أن نجد مصر مع قرض جديد يوظف فقط لسد عجز الموازنة ودون تعبئة لموارد استثنائية أخرى بترشيد الإنفاق وتعديلات ضريبية ومع سياسات تتحمل تكلفتها الفئات محدودة الدخل، أى أغلبية المصريات والمصريين.
أخشى، وأتمنى أن تزول أسباب خشيتى لمصلحة البلاد والعباد.