خلال الأشهر الماضية سافرت مرات كثيرة وإلى وجهات داخلية وخارجية مختلفة على متن طائرات «مصر للطيران». وقد رصدت فى عشرة أسفار على الأقل أن الصحيفة الحزبية الوحيدة المتوفرة باستراحات المطارات المصرية والتى تعرضها أطقم الضيافة الجوية على المسافرات والمسافرين للقراءة هى صحيفة «الحرية والعدالة». نعم توفرت الصحف الحكومية (كالأهرام والأخبار والجمهورية) وكذلك الصحف اليومية المستقلة كهذه الصحيفة والمصرى اليوم والشروق وغيرها، إلا أن الصحيفة الحزبية الوحيدة الحاضرة كانت الحرية والعدالة. وبسؤال مجموعة من العاملين فى الاستراحات وأعضاء أطقم الضيافة الجوية تيقنت من عمومية الممارسة هذه، أى من تجاوزها لحدود الأسفار العشرة التى قمت بها، ومن انتظامها منذ تولى الدكتور مرسى لمهام رئيس الجمهورية.
والحقيقة أن اقتصار المعروض من الصحف الحزبية فى المطارات وعلى طائرات مصر للطيران على صحيفة الحزب الذى ينتمى إليه الرئيس يعصف بالحيادية السياسية التى ينبغى أن تلتزم بها كافة مؤسسات وأجهزة الدولة وشركات الخدمات العامة.
فإن أرادت إدارة شركة الطيران الوطنية، مصر للطيران، عرض الصحافة الحزبية على مرتادى استراحاتها والمسافرات والمسافرين على طائراتها، يصبح لزاماً عليها بجانب عرض صحيفة حزب رئيس الجمهورية عرض صحف أحزاب أخرى وبغض النظر عن توجهاتها ومدى تأييدها أو معارضتها للرئيس وحزبه والجماعة التى تقف من ورائهما. أما اقتصار إدارة شركة مصر للطيران على عرض صحيفة «الحرية والعدالة» وجعلها «الصحيفة الطائرة» الوحيدة، فيعنى أن أخونة مؤسسات وأجهزة الدولة وشركات الخدمة العامة المملوكة للشعب كمصر للطيران لا تقف عند حدود العصف بقاعدة تكافؤ الفرص وقاعدة حيادية الدولة من خلال تعيين أعضاء الجماعة وحزبها والمؤيدين لها بالمؤسسات والأجهزة والشركات هذه بهدف السيطرة والتمكين.
الاقتصار على عرض صحيفة الحرية والعدالة بناء لشبكات الولاء والتأييد للجماعة وحزبها عبر توظيف أدوات الدولة الإدارية والخدمية والمالية. نموذج صحيفة الحرية والعدالة ومصر للطيران يدلل على أن الأخونة تتجاوز تهميش غير أعضاء الجماعة فى بعض السياسات الوظيفية، وهو ما يدفع كثيرين داخل الشركة للتذمر وللشكوى.
نموذج «الحرية والعدالة الطائرة» يثبت أن الأخونة تمتزج بإعادة إنتاج تقاليد السلطوية المصرية التى تجعل من حزب الرئيس المنتخب حزب الرئاسة والدولة ومؤسساتها وأجهزتها وشركاتها العامة، التقاليد السلطوية المصرية التى تجعل من صحيفة حزب الرئيس صحيفة الدولة تعرض فى استراحات المطارات وعلى متن طائرات الشركة الوطنية.
مواجهة الأخونة ومواجهة امتزاجها بالتقاليد السلطوية ضرورة وطنية لتحقيق الديمقراطية وبناء الدولة الحديثة المحايدة والضامنة للحقوق وللحريات ولتكافؤ الفرص.
مواجهة الأخونة فى مصر للطيران ضرورة فى هذه الشركة الوطنية المملوكة للشعب، ووقف عرض صحيفة الحرية والعدالة كصحيفة حزبية وحيدة مهم وليس بهامشى، وكشف ممارسات الأخونة بشفافية أمام الرأى العام مسئولية مجتمع المواطنين بأكمله.