بعد ساعتين من إعفائه من منصبه يوم الأربعاء الموافق 23 مارس 2016، جلسنا معاً فى مكان عام بشارع التسعين بالتجمع، وكان جرس تليفونه لا يتوقف، وشاء حظى السيئ الرد على أحد المتصلين الذى سمعت منه كلاماً غريباً، حيث اعتقد أننى د. سعد الجيوشى الذى أعطيته تليفونه سريعاً وإذا به يقول للمتصل أنا فعلت ما كان يجب تجاه بلدى وأحييك على خيانتك لها ثم أغلق التليفون فى وجه المتصل.فازداد استغرابى وقبل سؤاله أجابنى «إنه وكيل صفقة القطارات المجرية التى ألغيتها» إلى تفاصيل المكالمة: (المتصل: ماكانش لازم تقف فى سكتنا يا دكتور أى وزير نقل بيعطل مصالحنا بنشيله، الجيوشى: أحييك على خيانتك لبلدك أنا فعلت ما يمليه علىّ ضميرى، المتصل: دى شعارات عفا عليها الزمن، الجيوشى يغلق الهاتف فى وجه المتصل) أنا و«الجيوشى» لم نصدق كلام المتصل، هو مين يعنى حتى يطيح بوزير من منصبه بعد ثورتين على الفساد؟ وبصراحة كنت نسيت الموضوع تماماً وقررت عدم إفشائه لأن الصفقة اتلغت، وجاءت بعد ذلك تعليمات الرئيس السيسى صريحة وعلى الهواء إلى وزير النقل الحالى بعدم الحصول على أية قروض إلا للضرورة القصوى والقدرة على سدادها، ولكن بعد تجدد المفاوضات مرة أخرى حول هذه الصفقة المشبوهة تذكرت تلك الواقعة فقررت إفشاءها ورزقى على الله، وهى شراء 700 عربة قطار من المجر (بقرض مليار دولار = 18 مليار جنيه مصرى بدون الفوائد) والسكة الحديد ليست فى حاجة ضرورية حالياً لهذه العربات فمعظم قطاراتها تسير خالية وتنقل 2% فقط من الركاب و90% من إيراداتها ضائعة وخدماتها سيئة وخسائرها بالمليارات، والأهم من ذلك أن مشاكلها ليست فى العربات والجرارات بل فى فشل إدارتها، بدليل تكليف الرئيس أمس الأول للجيش بتطوير محطة أسوان رغم أنه ليس عملاً عبقرياً مستعصياً، ولكنه الفشل المتراكم، فهل مصر لديها رفاهية الإنفاق حتى تهدر عشرين مليار جنيه على مرفق فاشل لا يملك حتى جراجات لحماية ممتلكاته من السرقة؟ الصفقة مشبوهة لأنها سوف تقضى تماماً على تصنيع القطارات فى مصانع الإنتاج الحربى، الصفقة مشبوهة لأن المجر ليس لديها القدرة على التصنيع وسوف تشتريها من روسيا وبيعها لنا أى أننا سبوبة للدولتين، الأخطر من كل ذلك الذى يجب على الأجهزة التحقق منه أن اتفاقيات هذه الصفقة تتم فى الخارج وعمولتها 5% تُدفع أيضاً خارج مصر، وهذا بلاغ رسمى إلى الأجهزة الرقابة والأمنية وإلى رئيس الجمهورية لمراجعة هذه الصفقة وغيرها من القروض التى تُكلف الدولة مليارات غير متوفرة وتعانى أشد المعاناة والمواطن يئن، أحد المسئولين فى وزارة التعليم العالى أخبرنى أنه فُرض عليهم قرض لم يطلبوه وليسوا فى حاجة إليه، ولكنه مستر «إكس» الذى يضغط لتمرير الصفقات والقروض المشبوهة من أجل العمولة والمصالح الشخصية على جثة الوطن، مستر «X» يتناسى أن الدنيا تغيرت وما كنا نتصور أن يأتى يوم نشاهد فيه طواغيت وهم خلف القضبان، وليتذكر مستر «X» أن ساعة فى السجن وخبر على الفيس بوك كفيل بتلويث سمعته هو وأولاده وأحفاده طوال العمر ولن تغنيه المليارات المنهوبة من أموال الشعب، وأنا واثق تماماً أن الرئيس «السيسى» لن يسمح بمرور هذه الصفقات المشبوهة.. واللهم احفظ مصر.