الشعب هو السبب وبالتالى فعليه تحمل المسئولية ودفع فاتورة الأزمة الاقتصادية كاملة، هذا ملخص العديد من الكلمات التى استمعت إليها فى جلسات الحوار الشهرى مع الشباب عبر قنوات التليفزيون المصرى أمس الأول. الشعب لا يشبع من الإنجاب، ولا يفهم أن الطفولة رعاية، الشعب يستهلك ويريد أن يعب من ملذات السلع الأساسية والكمالية، فى وقت لا ينتج فيه شيئاً، الشعب هو السر فى تآكل الاحتياطى النقدى إلى حد أصبحت معه الحكومة عاجزة عن الإنفاق على الخدمات، الشعب يلهف موظفوه أجورهم آخر كل شهر، دون أن يكونوا مستحقين لها، الشعب عنده فلوس كتير «بس بيستعبط على الحكومة» والدليل أن البنوك جمعت فى أيام 65 مليار جنيه جلبها الناس من بيوتهم، الشعب الآثم لا يشترى المنتجات المصرية ولا يريد أن يتحمل رداءة جودتها، ويتطلع بعينيه إلى ما تنتجه أسواق الأجانب.
الشعب سر المأساة.. والحكومة زى الفل، فقد تمكنت بعبقريتها النافذة وقريحتها المتوقدة من أن تتخذ القرار الخطير الذى عاشت شهوراً تفكر فيه وتدرس كيفية إصداره بتعويم الجنيه أمام الدولار، وتمكنت من تحقيق إنجازات فى هذا السياق، أصبحت حديث العديد من المؤسسات الأجنبية التى أصبح لسان حالها ينطق بتلك العبارة الشهيرة فى مسرحية «وجهة نظر» حين قالت عبلة كامل لصديقتها «عملتيها إزاى دى يا أنصاف؟»، رغم أن البطلة كانت كفيفة لا ترى!
الحكومة لا تتوقف عن اتخاذ القرارات العبقرية التى تعكس أحدث ما وصل إليه العلم فى بلاد الله، فتترك عملتها سارحة على كيف كيفها (شوف الاختراع)، وتفرض ضرائب جديدة (شوف التجديد)، وترفع نسب الجمارك على السلع الاستفزازية، بما فى ذلك القلم الرصاص (شوف الإبداع)!
باختصار، كل من تحدث فى جلسات الحوار من الرسميين وغير الرسميين أكدوا أن الحكومة «عاملة اللى عليها وزيادة» وأن العلة فى الشعب!
انسَ بعد ذلك كسل الحكومة فى جلب الاستثمارات، واعبر على مشروع المنطقة التجارية المحيطة بالقناة والتى قيل إنها ستجلب لنا استثمارات لا حصر لها (هل سمعت عن الدكتور أحمد درويش؟)، وانسَ الإهمال الأمنى الذى أدى إلى انهيار وتراجع السياحة، واشطب على أن الدولار بعد تحرير الجنيه لامس الـ19 جنيهاً، ولم يهبط إلى الجنيهات الأربعة، كما سبق أن وعد محافظ البنك المركزى، وانتظر عدل السماء حتى يهبط على أرض المحروسة، ليفرض سعراً عادلاً للدولار أمام الجنيه، وامحُ من ذاكرتك عجز حكومة «إسماعيل» عن تدبير السكر اللازم للمصريين، ولا تتذكر القرارات المتضاربة التى تتخذها الحكومة، بإصدار القرار ثم إلغائه (رفع الجمارك عن الدواجن المستوردة نموذجاً). على المواطن أن يتذكر أمراً واحداً هو: «الحكومة عاملة اللى عليها وزيادة.. والشعب المفترى هو السبب»!
هذه المعضلة ليس لها إلا واحد من حلين، إما أن تبحث هذه الحكومة العبقرية عن شعب آخر يليق بها، ويكون بمقدوره الارتقاء إلى مستوى أدائها، أو أن يُترَك هذا الشعب لنفسه، ويدير أموره بطريقته، ويحرم من نعمة الحكومة التى تحكمه، حتى يعرف أن الله حق. وكل مولد وانت طيب!